من البرلمان إلى الواقع: جدل حول مصداقية المؤسسات وسط تأويلات متسرعة

اتحادي من الرباط – 2 يونيو 2025
أثار النقاش الذي شهدته الجلسة البرلمانية الأخيرة حول تصريحات النائب مصطفى ابراهمي، عضو المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، جدلًا واسعًا بعد اتهامه المثير للجدل بـ”تزوير دبلومات مهندسين” بالمدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية بوجدة.
في المقابل، برز موقف النائب عمر اعنان، عن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، كصوت عقلاني دعا إلى الرجوع إلى المؤسساتية والتثبت، محذرًا من مخاطر الانجرار وراء تأويلات غير موثقة أو حملات تشهير قد تخدم أجندات غير موضوعية.
وكان النائب ابراهمي قد استند إلى المادة 163 من النظام الداخلي لمجلس النواب لطرح سؤال طارئ ذي طابع اتهامي، دون تقديم أدلة كافية، مما أثار تساؤلات حول دقة المعلومات التي استند إليها.
في المقابل، شدد النائب اعنان، خلال مداخلته تحت قبة البرلمان، على ضرورة تقييم جودة التكوين الأكاديمي وفق معايير علمية ومهنية، بعيدًا عن الشائعات التي تروج عبر منصات التواصل الاجتماعي أو تُسوق من جهات قد تفتقر إلى الموضوعية. ودعا إلى إجراء تحقيق شفاف يصون سمعة المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية بوجدة، التي تُعد نموذجًا رائدًا في التكوين الهندسي والشراكات الدولية.
وأظهر النائب ابراهمي تراجعًا لافتًا في مداخلته الشفوية، حيث تجنب استخدام مصطلحات مثل “تزوير” و”دبلومات” التي وردت في سؤاله الخطي، ليتبنى خطابًا داعمًا للطلبة، مما يثير تساؤلات حول دقة معطياته الأولية. هذا التراجع يطرح إشكالية أخلاقية وسياسية: هل سيتبعه اعتذار رسمي للهيئة التدريسية والطلبة وأطر المؤسسة الذين تأثروا بهذه الاتهامات؟
من جهة أخرى، أكد بيان جمعية طلبة المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية بوجدة على وعي طلابي يرفض توظيف قضايا التعليم في صراعات سياسية، داعيًا إلى الحوار المؤسساتي. كما أبرز رد وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار التزام المدرسة بالمعايير البيداغوجية الدولية، مشددًا على قوة الشراكات الأكاديمية التي تربطها بمؤسسات عالمية.
إن هذا النقاش يكشف عن حاجة ملحة لتعزيز المسؤولية البرلمانية في تناول القضايا الحساسة. فالمؤسسات الجامعية، رغم حاجتها إلى النقد البناء، تستحق حماية سمعتها من التأويلات المتسرعة. ويبقى صوت النائب عمر اعنان نموذجًا للدفاع عن جودة التعليم العمومي بروح وطنية، بعيدًا عن الإثارة، من أجل بناء الثقة في المؤسسات بدلاً من تقويضها.