مداخلة الأستاذ جابري في ندوة AMSV وسائل إعلام جهة الشرق وقضية الهجرة – أنماط التغطية والتحديات.

السيدات والسادة،
يشرفني أن أتحدث إليكم اليوم كممثل للصحافة في جهة الشرق، لطرح موضوع حساس ومعقد: دور وسائل الإعلام في معالجة قضية الهجرة، سواء كانت قانونية أو غير نظامية، في هذه المنطقة ذات الخصائص الجغرافية والاجتماعية المميزة.
1. مقدمة
استفهاميةبصفتنا ممثلين لوسائل إعلام جهة الشرق، يمكنني القول إننا واعون بدورنا المحوري في صياغة السرديات حول الهجرة. هذه القضية، بكل تعقيدها وتعدد أبعادها، تؤثر مباشرة على السياسات العامة والتماسك الاجتماعي وتصورات السكان المحليين.
تعتبر منطقتنا نقطة تقاطع استراتيجية بين إفريقيا جنوب الصحراء والمغرب العربي وأوروبا، مما يمنحها مكانة خاصة في هذه الديناميات.هذه الواقعية تضع وسائل الإعلام في قلب دينامية معقدة، حيث تلعب دورًا رئيسيًا في تشكيل الرأي العام. لا تقتصر وسائل الإعلام على نقل المعلومات فحسب، بل تُشكل التصورات، وتحدد الأولويات، وتوجه المشاعر الجماعية.
اليوم، يقترح تدخلي فحص الكيفية التي تعالج بها وسائل إعلام الشرق قضية الهجرة، وما هي التحديات والفرص المتاحة.
2. المشهد الإعلامي في الجهة متنوع، ويشمل:
• الصحافة المكتوبة: صحف محلية مثل “الشروق”، “فجيج صوت الجنوب”، وعناوين وطنية مثل “الصباح”، “الأخبار”، “العالم”، “الاتحاد”، “Le Matin”، أو “L’Opinion”، التي تُقرأ على نطاق واسع في المنطقة.
• الإذاعات: محطات مثل “الإذاعة الجهوية وجدة” أو “كاب راديو”، التي تصل إلى جمهور واسع، بما في ذلك المناطق الريفية.
• وسائل الإعلام الرقمية: مواقع مثل “Gil24″، “أجاسور”، “Orienmaroc”، “NadorCity”، “ZaiouCity”، و”Hespress”، “Hibapress”، “العمق”، بالإضافة إلى منصات التواصل الاجتماعي (فيسبوك، إنستغرام، تيك توك)، التي تكتسب نفوذًا متزايدًا.
يعكس هذا التنوع ثراءً إعلاميًا، لكنه يطرح تحديات مرتبطة بالاختلافات اللغوية (العربية، الفرنسية، الأمازيغية) وإمكانية الوصول إلى التكنولوجيا، مما يؤثر على استقبال المعلومات حول الهجرة.
3. تمثيل الهجرة في وسائل الإعلامتختلف السرديات الإعلامية حول الهجرة في جهة الشرق حسب الوسائل والجماهير المستهدفة:
•الهجرة المحلية: غالبًا ما تُبرز وسائل الإعلام الدوافع الاقتصادية والاجتماعية، مثل البحث عن فرص أو لم الشمل، مع تسليط الضوء على مساهمات المهاجرين، خاصة عبر التحويلات المالية.
•هجرة العبور: بالنسبة للمهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء المتجهين إلى أوروبا، تكشف تحليلاتنا عدة أطر متكررة:
أ. الهجرة غير النظامية والأمن (35-45% من المواضيع)تميل وسائل إعلام الشرق، مثل تلك الموجودة في شمال المغرب، إلى تفضيل الزوايا الأمنية:
•أمثلة: تقارير عن اعتراضات المهاجرين في الناظور أو وجدة، تفكيك شبكات الاتجار (انظر مقاطع اليوتيوب، مقالات الجزيرة).
•الخطر: التركيز المفرط على “غير القانونية” قد يغذي رؤية مقلقة، متجاهلاً الأسباب الهيكلية (الفقر، التغيرات المناخية).
ب. المقاربات الإنسانية (20-25%)بعض الوسائل، خاصة الجمعوية أو الرقمية، تُسلط الضوء على هشاشة المهاجرين:
•فضح ظروف العيش في المخيمات غير الرسمية (مثل تلك في الناظور).
•القيد: التركيز المفرط على وضع الضحية قد يُنكر كرامة المهاجرين.
ج. الاندماج والمساهمات الإيجابية (5-15%)بعض المبادرات المحلية تُعزز قصص النجاح:
•شهادات لمهاجرين اندمجوا في الاقتصاد المحلي (الزراعة، الحرف اليدوية).
•التحدي: تبقى هذه السرديات هامشية مقارنة بالصور النمطية السلبية.د. خطاب الكراهية والصورة النمطية (10-25%)رغم التقدم، لا تزال هناك مصطلحات مجردة من الإنسانية (“جراد أسود”) مستخدمة، خاصة على منصات التواصل الاجتماعي. دراسة لمعهد الجزيرة تُشير إلى تأثيرها على تعزيز العنصرية.
4. التأثير على الرأي العامبفضل قربها، تؤثر وسائل الإعلام المحلية بقوة على التصورات.
يمكن أن تعزز التغطية الإيجابية لمساهمات المهاجرين التماسك الاجتماعي، بينما تثير السرديات المرتكزة على المشاكل (الجريمة، انعدام الأمن) الخوف.
تضخم منصات التواصل الاجتماعي هذه الديناميات، لكنها تنشر أيضًا المعلومات المضللة، مما يؤثر بشكل خاص على الشباب.5. تحديات المعالجة الإعلامية.
•السطحية: غالبًا ما تركز التقارير على الأحداث الآنية دون تحليل الأسباب الجذرية للهجرة.
•المعضلات الأخلاقية: على الصحفيين التمييز بين جذب الانتباه وتجنب الإثارة المفرطة.
•ضعف تمثيل المهاجرين: نادرًا ما تُدرج أصوات المهاجرين، مما يحد من فهم واقعهم.
•المعلومات المضللة: الانتشار السريع للأخبار الكاذبة على منصات التواصل الاجتماعي يُعقد المهمة.6. مقترحات/توصيات لصحافة مسؤولةللتصدي لهذه التحديات، يجب علينا:
•توزان الزوايا: الجمع بين الأمن والتحليلات الاجتماعية-الاقتصادية (مثل التحقيقات حول تشغيل المهاجرين في قطاعات رئيسية بجهة الشرق).
•إدراج أصوات المهاجرين: دمج سردياتهم لإضفاء الطابع الإنساني على القضية ومكافحة الصور النمطية.
•تدريب الصحفيين: ورش عمل حول المصطلحات الأخلاقية (بشراكة مع المنظمة الدولية للهجرة أو HACA).
•تعزيز الأصوات المحلية: إعطاء الكلمة للفاعلين الميدانيين (الجمعيات، الأكاديميون، المهاجرون أنفسهم).
•الحوار والتعاون: إنشاء منصات تبادل بين وسائل الإعلام، صانعي القرار، ومجتمعات المهاجرين لتغطية أكثر مسؤولية.
.استخدام منصات التواصل الاجتماعي لمكافحة الأخبار الكاذبة عبر حملات مستهدفة (مثل مقاطع الفيديو الشهادية).
الخاتمة.
تمتلك وسائل إعلام الشرق القدرة على تشكيل نقاش هادئ حول الهجرة.
بين الواجب الأخلاقي وضرورة الإعلام، تقع مسؤوليتنا في الانتقال من منطق الأزمة إلى مقاربة شمولية. كما تُذكر الاستراتيجية الوطنية المغربية، فإن الهجرة تمثل فرصة – علينا أن نترجم واقعها بكل دقة وإنسانية.