ما وراء تصريحات ماكرون عن فلسطين: هل تُحرّك إسرائيل الاضطرابات في باريس؟

باريس – 1 يونيو 2025

في تصريح أثار جدلاً واسعاً، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال قمة حوار شانغريلا في سنغافورة إن الاعتراف بدولة فلسطينية ليس مجرد “واجب أخلاقي” بل “ضرورة سياسية” أيضاً، محذراً من أن استمرار إسرائيل في سياساتها دون تحسين الوضع الإنساني في غزة قد يقوّض مصداقية أوروبا. هذا التصريح، الذي اعتُبر دعماً لحل الدولتين، أثار ردود فعل متباينة، حيث هاجمت وزارة الخارجية الإسرائيلية ماكرون، متهمة إياه بشن “حرب صليبية” ضد إسرائيل، وزعمت أنه “لا يهتم بالحقائق” وأن “لا حصار إنساني” على غزة.

تزامناً مع هذه التصريحات، شهدت باريس اضطرابات وصفتها بعض المنشورات على منصة إكس بأنها “ساحة حرب”، مع حملات تشويه استهدفت ماكرون وزوجته، مما أثار تكهنات حول “رد فعل إسرائيلي منظم” يُفعّل عند اقتراب أي زعيم من “الخطوط الحمراء” المتعلقة بفلسطين. هذه الادعاءات، التي لم تثبت بأدلة قاطعة، تطرح تساؤلات حول ما إذا كانت إسرائيل، أو جهات مرتبطة بها، تقف وراء تنظيم مظاهرات أو حملات تشويه ضد قادة ينتقدون سياساتها.

خلفية التوترات

تصريحات ماكرون جاءت في سياق تصاعد التوترات بين إسرائيل وعدة دول أوروبية بشأن الحرب في غزة. فقد دعا ماكرون إلى اتخاذ موقف دولي أكثر حزماً تجاه إسرائيل إذا لم يتحسن الوضع الإنساني في القطاع، مما أثار غضب الخارجية الإسرائيلية التي نفت وجود أزمة إنسانية، واعتبرت أن دعم ماكرون للاعتراف بفلسطين يكافئ “المسلحين”.

هذا الخلاف يعكس انقساماً أعمق في المواقف الأوروبية تجاه الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، حيث تتبنى دول مثل فرنسا مواقف أكثر انتقاداً لإسرائيل مقارنة بدعم تقليدي تقدمه دول أخرى.

هل إسرائيل وراء الاضطرابات؟

الادعاء بأن إسرائيل تقف وراء الاضطرابات في باريس أو غيرها من العواصم ليس جديداً، لكنه يفتقر إلى أدلة مباشرة ومحددة. بعض المنشورات على إكس تشير إلى أن هذه الاضطرابات قد تكون جزءاً من “رد فعل منظم” للضغط على قادة ينتقدون إسرائيل، مع إشارات إلى حملات تشويه تستهدف شخصيات مثل ماكرون وزوجته.

لكن هذه الادعاءات تبقى في إطار التكهنات، إذ لا توجد أدلة موثقة تربط إسرائيل مباشرة بمثل هذه الأحداث. من المرجح أن الاضطرابات في باريس مرتبطة بسياقات داخلية، مثل الاستقطاب السياسي في فرنسا حول قضايا الهجرة أو الاقتصاد، أو حتى ردود فعل من مجموعات محلية متعاطفة مع القضية الفلسطينية أو معارضة لها.

تحليل الوضع

إسرائيل، كما أي دولة، تمتلك شبكات دبلوماسية وإعلامية قوية للدفاع عن مصالحها، وقد أظهرت في الماضي قدرة على حشد الدعم أو الضغط على منتقديها من خلال لوبيات سياسية أو حملات إعلامية. لكن فكرة أنها تنظم مظاهرات أو اضطرابات في عواصم أجنبية تبدو مبالغاً فيها دون دليل مادي.

الاضطرابات في باريس قد تكون ناتجة عن عوامل متعددة، بما في ذلك الحساسيات الداخلية حول القضية الفلسطينية، التي تثير انقسامات في المجتمع الفرنسي، أو استغلال جهات سياسية محلية لهذه القضية لتصفية حسابات مع ماكرون.

من جهة أخرى، يعكس هجوم إسرائيل على ماكرون حساسية القضية الفلسطينية بالنسبة لحكومة نتنياهو، التي تواجه ضغوطاً دولية متزايدة بسبب استمرار الحرب في غزة. تصريحات ماكرون، رغم رمزيتها، قد تُنظر إليها كجزء من توجه أوروبي أوسع لدعم حل الدولتين، مما يضع إسرائيل في موقف دفاعي.

الخلاصة

تصريحات ماكرون عن فلسطين، وإن كانت معتدلة، أثارت ردود فعل حادة من إسرائيل وأنصارها، في حين أدت إلى تجدد الجدل حول تأثير إسرائيل المحتمل على الرأي العام الدولي. الاضطرابات في باريس، التي وصفت بـ”ساحة حرب“، قد تكون مبالغة إعلامية تهدف إلى تضخيم التوترات. ومع ذلك، فإن غياب الأدلة القاطعة يجعل من الصعب تأكيد أي دور مباشر لإسرائيل في هذه الأحداث.

ما يبقى واضحاً هو أن القضية الفلسطينية تظل نقطة اشتعال عالمية، قادرة على إثارة انقسامات وتوترات حتى في قلب العواصم الأوروبية.

ملاحظة: المعلومات حول الاضطرابات في باريس ودور إسرائيل المزعوم مستمدة من منشورات على مواقع التواصل الاجتماعية، وهي غير مدعومة بأدلة قاطعة، لذا يجب التعامل معها بحذر.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!