مؤسسة للا أسماء: رحلة إنسانية نحو تمكين الأطفال الصم وضعاف السمع

الرباط، 14 يونيو 2025

في يوم مشمس في قلب العاصمة المغربية الرباط، احتضن مقر مؤسسة للا أسماء احتفالًا إنسانيًا مفعمًا بالأمل والإلهام، حيث ترأست صاحبة السمو الملكي الأميرة للا أسماء، رئيسة المؤسسة، حفل نهاية السنة الدراسية 2024-2025. لم يكن هذا الحفل مجرد ختام لعام دراسي، بل كان احتفاءً بمسارات حياة تحولت من الصمت إلى الكلام، ومن التحدي إلى النجاح، بفضل التعليم، الدعم النفسي، والإرادة الملكية الراسخة لضمان تكافؤ الفرص لكل طفل، كما تجسده رؤية جلالة الملك محمد السادس.

مؤسسة للا أسماء، التي تحمل اسم سموها، ليست مجرد مؤسسة تعليمية، بل منارة أمل للأطفال الصم وضعاف السمع في المغرب وخارجه. منذ تأسيسها، كرست المؤسسة جهودها لتمكين هؤلاء الأطفال من خلال تعليم نوعي، دعم نفسي شامل، وتكوين مهني يفتح أمامهم أبواب المستقبل. هذا الحفل، الذي أقيم في أجواء مفعمة بالفخر، كان لحظة لتكريم إنجازات الأطفال وتجديد الالتزام برسالة إنسانية تهدف إلى بناء مجتمع دامج ومتضامن.

مؤسسة للا أسماء: رحلة إنسانية نحو تمكين الأطفال الصم وضعاف السمع插图

قبل انطلاق الحفل، تجولت صاحبة السمو الملكي في مكتب طب النفس بالمؤسسة، وهو فضاء يعكس نهجًا شاملًا يركز على الرفاهية النفسية للأطفال ودعم أسرهم. كما زارت ورشات فنية عرض فيها التلاميذ إبداعاتهم المذهلة، من روبوت حاز على جائزة وطنية، إلى رسومات ومجسمات فنية تفيض بالعاطفة والإبداع. هذه الأعمال لم تكن مجرد مشاريع مدرسية، بل شهادات حية على قدرة هؤلاء الأطفال على تحويل التحديات إلى إنجازات ملهمة.

في كلمته المؤثرة، أكد السيد كريم الصقلي، الرئيس المنتدب للمؤسسة، أن هذا الحفل “لا يحتفي فقط بنهاية عام دراسي، بل بمسارات حياة تغيرت بفضل التعليم، العلاج، والأمل”. وسلط الضوء على الإنجازات الاستثنائية لتلاميذ المؤسسة: 10 منهم حصلوا على شهادة البكالوريا، بعضهم بميزة، و8 حازوا على إجازات جامعية، و11 يتابعون دراسات الماستر، بل وطالب واحد ناقش أطروحة الدكتوراه. هذه النجاحات ليست مجرد أرقام، بل دليل قاطع على أن الصمم ليس عائقًا، بل تحدٍ يمكن التغلب عليه بالدعم المناسب.

وأشار الصقلي إلى أن عام 2025 يمثل محطة فارقة للمؤسسة، حيث تلتزم، تحت قيادة سمو الأميرة للا أسماء، بافتتاح مراكز جديدة مجهزة بأحدث وسائل الكشف والتكفل والتكوين. كما استذكر زيارة سموها التاريخية لجامعة غالوديت في واشنطن، الجامعة الوحيدة المخصصة للصم وضعاف السمع، والتي ألهمت رؤية طموحة: إنشاء ثاني جامعة في العالم مخصصة لهذه الفئة في المغرب، لتكون جامعة إفريقية وعربية دامجة تحمل طموحات الشباب.

في لحظة مميزة، أشرفت صاحبة السمو الملكي على توقيع ثلاث اتفاقيات شراكة تعزز الشمول الرقمي، الاندماج المهني، والتعاون العلمي. الأولى، بين المؤسسة وجامعة محمد الخامس والوزارة المنتدبة للانتقال الرقمي، تهدف إلى تكوين الأطفال في الأمن السيبراني والتحول الرقمي. الثانية، مع مجموعة “لابيل في”، تركز على إدماج الخريجين في سوق العمل. أما الثالثة، مع مؤسسة محمد السادس لعلوم الصحة، فتعزز التعاون الأكاديمي والبحثي. هذه الاتفاقيات تجسد رؤية المؤسسة في تمكين الشباب ليصبحوا مواطنين فاعلين في مجتمع رقمي وعادل.

أضفت العروض الفنية لمسة من البهجة على الحفل، حيث أدت المغنية العالمية فرح الديباني أغنية تكريمًا للأطفال، بينما قدم التلاميذ عروضًا درامية مبهرة، مستعرضين رحلتهم من الصمت إلى التعبير عن أحلامهم. هذه العروض، التي أُعدت بإشراف أساتذة ومهنيين مغاربة، كانت صورة حية لقدرة هؤلاء الأطفال على تحقيق المستحيل.

اختتم الحفل بتوزيع الديبلومات والجوائز، حيث كرمت سمو الأميرة أول دكتور متخرج من المؤسسة، إلى جانب المتفوقين من دفعة جامعة العلوم بالرباط. بحضور أعضاء الحكومة، مجلس إدارة المؤسسة، ممثلي السلك الديبلوماسي، وشركاء المؤسسة، كان الحفل دليلًا على قوة التضامن والتعليم في تغيير الحياة.

حفل نهاية السنة الدراسية لمؤسسة للا أسماء لم يكن مجرد مناسبة للاحتفال، بل كان تجسيدًا لرسالة إنسانية عظيمة: كل طفل يستحق فرصة لتحقيق أحلامه. تحت قيادة صاحبة السمو الملكي الأميرة للا أسماء، تواصل المؤسسة بناء جسور الأمل، مؤكدة أن الصمم ليس نهاية الطريق، بل بداية رحلة ملهمة نحو التميز والاندماج.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!