لماذا يتم حشد الجماهير بكثرة مع جبهة مناهظة التطبيع ولا يتم مع الجبهة الاجتماعية؟

أبو اسامة
مقارنة بسيطة بين (حشود) المتظاهرين مع الجبهة المغربية ضد التطبيع و(فلول) المتظاهرين مع الجبهة الاجتماعية ضد الغلاء..تجعلنا نطرح أكثر من علامة استفهام.لماذا “تنجح” القيادات في التحشيد هنا و”تفشل” هناك.
هل للمسألة علاقة حقا بطبيعة الإنسان المغربي المستعد للتنازل عن قوته وكرامته من أجل القضية.أم هي مرتبطة بنوع القيادات المؤطرة..ونوعية اهتماماتها في سلم الأولويات.
وإذا كنا نعتبر أن المواطنين في حاجة إلى الجبهتين معا..على اعتبار أن القضية الفلسطينية لا تقل أهمية عن قضايانا الاجتماعية..فكيف نفسر نزولهم المكثف والمتواتر لإسناد إحداهما..وعزوفهم الملحوظ عن إسناد الأخرى.
هناك من سيطعن في هذه المقارنة..ويرى أنها غير ذات معنى في الظروف الراهنة..بل وقد يذهب إلى اعتبارها مجرد محاولة للتشويش وخلط الأوراق..وهو أمر متوقع من الذين تعودوا المزايدة على جرح بجرح..واستطابوا الهجومات الاستعراضية للتغطية إما على عجز لا يعترفون به.. أو أهداف كامنة يرفضون الإفصاح عنها..
ومما يزيد في غرابة المشهد..هذا المنحى الخطير في نشر خطاب الكراهية ضد العرب (والعروبة)..وتسفيه حضورهم..في مقابل الثرثرة المهولة حول مصداقية إيران وأذرعها في المنطقة..مع أن التاريخ يشهد بأن العرب خاضوا حروبا حقيقية مع العدو..وقدموا عشرات الآلاف من الشهداء..واحتضنوا لعقود كل مطالب الشعب الفلسطيني بدءا بالدعم السياسي والدبلوماسي والمالي.. وليس انتهاء بالإعمار وإعادة الإعمار..بينما اقتصر الدور الإيراني على مد فصيل أو فصيلين فقط بالصواريخ والقذائف..ولم نسمع يوما عن شهداء من فيلق تأسس أصلا من أجل القدس..لكنه باشر عملياته التخريبية في بعض الدول العربية..ولم يطلق رصاصة واحدة باتجاه العدو.
لهؤلاء لا يسعنا إلا أن نؤكد للمرة الألف..أن القضية الفلسطينية أكبر من أن تكون محل مزايدات رخيصة..وبروباكندا إعلامية تمولها قطر وجماعة” الإخوان الشياطين” بتنسيق كامل مع العراب الأكبر..وأنها لم تبدأ مع أزمة غزة..كما أنها لن تنتهي بانتهائها..وما عليهم إلا أن يتأملوا المشهد في عموميته..سواء ما يجري في السودان..أو في ما يدبر لمصر وغيرها..ليساعدونا على فهم ما يجري خلف كواليس المشهد..
لا يسعنا إلا أن نؤكد لهم ومعهم أن خذلان العرب وفشلهم في الحرب والسلم معا..قد فتح الباب أمام إيران وداعميها لقيادة حرب حقيقية..ليس دفاعا عن القدس ..ولكن دفاعا عن كرامتها التي أهينت أكثر من مرة..والجميع ينتظر أن تفعل..لكنها لن تفعل إلا عبر وكلائها..والأيام بيننا.
وفي الأخير لا يسعنا إلا أن نقول ل”قياداتنا” بأن مجابهة الدولة تحت غطاء الكوفية قد بات مكشوفا..وأن فلسطين لن تكون أبدا حصان طروادة في صراعكم مع النظام..
المقالة تعبر فقط عن رأي صاحبها