كورونا وحاجة الوطن الملحة لشبابه

الطيب الشكري
وأنا أتابع التداعيات التي أفرزتها جائحة كورونا ليس على المغرب فقط وإنما على العالم بإسره الذي وقف ضعيفا أمام فضاعة النتائج التي أحدثها الفيروس اللعين، أستخضر هنا مقولة لها دلالاتها العميقة خاصة وأننا نعيش حالة إستثنائية بكل المقاييس تجتازها بلادنا بكل تفاصيلها وإنعكاساتها والتي لن تصدر إلا عن قائد وطني حقيقي وزعيم سياسي كبير في حجم وقيمة الشهيد المهدي بن بركة الذي قال ذات مرة وفي عز الصدام بين الدولة والمجتمع ” نحن نبني الشباب والشباب يبني الوطن ” والتي جاءت في سياق معين أملته ظرفية معينة هي نفس الظرفية التي نعيشها اليوم حتى وإن إختلفت في الزمان والمكان أبان فيها شباب وطني عن وعي كبير في وضعية صعبة للغاية وإنخرط فيها بكل تفاصيلها حتى الدقيقة منها معرضا حياته للخطر تارة وللموت تارة أخرى من خلال شهداء الواجب من أجل أن يخرج الوطن سالما معافى من هذه الجائحة دون أن يخضع هذا الوعي أو هذا الإنخراط لأية إعتبارات كما فعلت بعض الأسماء والهيئات سامحها الله والتي دخلت في عملية مساومة خسيسة رخيصة بمجرد إقدام الدولة على إجراءات تدبيرية لفائدة فئات عريضة من المجتمع والتي أعلن الجميع عن رفضها وإدانتها في حينها فأصبحنا نرى شبابنا الطموح في كل مكان وعلى جميع الجبهات في فعل وطني راقي وبروح وطنية عالية .
فوجدناه في الصفوف الأمامية لمواجهة كوفيد 19 في المستسفيات من خلال عدد كبير من الأطباء والطبيبات والممرضين والممرضات والصيادلة الشباب الذين كانوا في الموعد مع نداء الوطن فأستجابوا بكل طواعية له .
وجدناه يواصل إنخراطه في عملية التعليم عن بُعد من خلال أساتذة وأستاذات وأطر تعليمية شابة آمنت على أن الإستمرار في هذه الرسالة التربوية النبيلة في زمن كورونا واجب وطني .
وجدناه أيضا في حملات توعية وأخرى لحفظ الأمن والنظام العام والتطبيق السليم والصارم لحالة الطوارئ الصحية من خلال شباب في مواقع المسؤولية من قياد قايدات وباشوات ورؤساء دوائر وأعوان سلطة ورجال أمن ودرك ملكي وقوات مسلحة ملكية وقوات مساعدة .
وجدناه في المصانع ومراكز البحث العلمي من خلال مهندسين ومهندسات وتقنيين ومبتكرين ومبدعين شباب يسارعون الزمن من أجل توفير مستلزمات ما يحتاجه المغاربة لمواجهة فيروس كورونا المستجد .
وجدناه في خطوط المواجهة الأمامية بالصوت والصورة والقلم من خلال صحفيين وصحفيات شباب ينقلون الأخبار والوقائع يتفاعلون معها بكل مسؤولية أخلاقية وبمهنية حقيقة أخرجتنا من بعض التفاهات التي تعج بها الساحة الإعلامية الوطنية والتي سقطت أمام يقدم من إعلام مٌواطن .
وجدناه في حملات إحسانية من أجل توفير متطلبات العيش البسيطة لعدد كبير من الأسر التي تحتاج إلى دعم يُسيِره مجموعات لهذا الغرض ويُطلق حملات دعم على مواقع التواصل الإجتماعية فكانت النتائج في كل هذا مبهرة وغير قابلة للتصديق، فشبابنا قال كلمته ونحن في مواجهة مباشرة لهذا الغول الذي يزحف علينا بشكل مخيف وسقطت معه كل القراءات والخطابات التي كان يروج لها مُقتنصِي الفرص وبائعي الوهم وتجار المآسي على أن الشباب المغربي مجرد رقم ضعيف في منظومة سياسية يسهل توجيهه بالشكل الذي يخدم مصالحها وأجنداتها ، منظومة أكدت التجارب فشل بعض نخبها والتي حان الوقت لأن نرْكنُها جانبا وأن تغادر قطار الممارسة السياسية بشكل نهائي بعد أن رسبت في إمتحان الكورونا وأن الوقت قد حان لتفسح المجال للطاقات الشابة التي برهنت جائحة كورونا عن حاجة الوطن لها ولتأهيلها وصقل مواهبها وفتح الفرص أمامها لتقول كلمتها وتبين عن ما بجعبتها ، فمن الآن فصاعدا يجب أن ينصبَّ الرهان على الإستثمار في العنصر البشري وبخاصة فئة الشباب التي ستحمل مشعل ما بعد كورونا وستقول كلمتها متى أٌعطيت لها الفرصة وفتحت الأبواب في وجهها وحينها فإنتظر النتائج التي ستكون أكبر مما تحقق حتى الآن فالمستقبل للشباب في بناء الوطن .