فضيحة سياسية تهز أروقة الإعلام: هيئات مهنية للصحافة تندد بـ”مغالطات” الوزير وتطالب بسحب مشروع قانون “السيطرة” على المجلس الوطني

الدار البيضاء – 6 دجنبر 2025
في تصعيد غير مسبوق للتوتر بين الحكومة والجسم الصحفي، أطلقت الهيئات النقابية والمهنية لقطاع الصحافة والنشر بيانًا ناريًا يفضح “مغالطات وافتراءات” وزير الشباب والثقافة والتواصل، معتبرة تصريحه أمام مجلس المستشارين بأن 80% من ملاحظات المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والمجلس الوطني لحقوق الإنسان قد أُخذ بها في مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، “فضيحة سياسية وأخلاقية تطاول على مؤسسات الدولة وتضع الحكومة تحت المساءلة العمومية”.

هذا البيان، الذي يمثل صرخة غضب جماعية من النقابة الوطنية للصحافة المغربية، والفيدرالية المغربية لناشري الصحف، والجامعة الوطنية للصحافة والإعلام والاتصال (UMT)، والنقابة الوطنية للإعلام والصحافة (CDT)، والكونفدرالية المغربية لناشري الصحف والإعلام الإلكتروني، يأتي كرد فعل عنيف على ما وصفته بـ”مخطط الهيمنة والتحكم” في قطاع الإعلام، مطالبًا بسحب المشروع فورًا وفتح حوار حقيقي.

وبلهجة حادة تعكس الاستياء العميق، أعربت الهيئات عن “اندهاشها واستغرابها الشديد” من تصريح الوزير يوم 1 دجنبر 2025 أمام لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية بمجلس المستشارين، الذي ادعى فيه الأخذ بـ80% من الملاحظات المذكورة. وتساءلت البيان بقسوة: “متى وأين وكيف تم الأخذ بهذه الملاحظات؟”، مشيرة إلى أن المشروع أحيل إلى المجلسين في 16 يوليوز 2025، وأن مذكرة المجلس الوطني لحقوق الإنسان قدمت في 16 شتنبر، بينما صادق المجلس الاقتصادي على رأيه في 25 شتنبر.

ومع ذلك، وافق مجلس النواب على المشروع في 22 يوليوز، قبل أن تُقدم الملاحظات، ولم تنعقد المناقشة التفصيلية إلا في 1 دجنبر، مع تأجيل وضع التعديلات إلى تاريخ لاحق بناءً على طلب المعارضة. “هذا الادعاء الباطل يمس جوهر ثلاث مؤسسات دستورية ويمثل مسخًا للحقيقة”، يؤكد البيان، مطالبًا الوزير بالكشف الفوري عن هذه الـ80% أمام الرأي العام، محذرًا من أن الملاحظات وحدها كافية لإسقاط المشروع وسحبه من البرلمان، وإعادته إلى مائدة التفاوض للوصول إلى توافق حقيقي.

ولم يقتصر الغضب على هذا الجانب، بل امتد ليشمل إدانة عنيفة لـ”فضيحة” تسجيل سمعي بصري منسوب لأعضاء لجنة التأديب والأخلاقيات باللجنة المؤقتة لتسيير شؤون القطاع، الذي يحتوي على “إساءة وتحقير وإهانة وتآمر” بحق الزميل الصحفي حميد المهداوي، بكلمات “حاطة من الكرامة الإنسانية والمهنية”. الهيئات تستنكر هذا “التطاول الفاضح” بأقصى العبارات، وتطالب بترتيب الآثار القانونية فورًا، معتبرة أن هذه الفضيحة تنضاف إلى سلسلة الانتهاكات التي تُرتكب تحت غطاء الحكومة.

في سياق أوسع، حمل البيان الحكومة مسؤولية “الانتهاكات المتكررة للقوانين المنظمة لقطاع الصحافة، والتطاول على الدستور، والتحقير للمواثيق الدولية”، داعيًا إلى وقف “مخطط الهيمنة والتغول” في مؤسسة التنظيم الذاتي. وجدد رفضه المطلق لمشروع القانون 26.25، مؤكدًا التمسك “المطلق” بفلسفة التنظيم الذاتي القائم على الاستقلالية والديمقراطية والانتخاب عبر التمثيل النسبي، مع تعزيز حضور الجمهور في تركيبة المجلس. كما دعا فرق الأغلبية إلى “مراجعة جوهرية” للمشروع، محذرًا من أنه يخدم “مصالح سياسية ومصالحية ضيقة لفئة من الناشرين”، ويمهد لـ”لوبي الاحتكار والريع”.

من جهة أخرى، ثمن البيان بقوة مواقف المعارضة البرلمانية والنقابية والسياسية بمجلس المستشارين، التي رفضت المشروع في صيغته الحالية ودعت إلى حوار اجتماعي شامل لإصدار قانون متوافق عليه يحقق استقلالية المهنة وحرية التعبير. وفي ختام قوي، دعا الجسم الإعلامي والصحفي إلى “المزيد من التعبئة والاستعداد النضالي” لمواجهة “لوبي التحكم”، محذرًا من أن تمرير هذا المشروع سيؤدي إلى “كارثة” في حرية الصحافة بالمغرب.

هذا البيان ليس مجرد احتجاج، بل إعلان حرب مفتوحة ضد ما يُرى كمحاولة للسيطرة على الإعلام، وسط مخاوف متزايدة من تراجع الحريات في ظل حكومة تواجه انتقادات متزايدة. هل ستستجيب الحكومة، أم ستستمر في “التغول” الذي يهدد أسس الديمقراطية؟ الرأي العام ينتظر.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!