عمر اعنان يخرج الداخلية من دائرة صمتها في قضية النقل الحضري بوجدة

أزمة النقل الحضري في وجدة: نقاش برلماني يكشف الحاجة إلى إصلاحات جذرية

تشهد مدينة وجدة أزمة نقل حضري عميقة أثرت بشكل كبير على حياة ساكنتها، خاصة الطلبة والعمال، نتيجة الاضطرابات المستمرة في خدمات شركة “موبيليس ديف” المفوض لها إدارة النقل العام. هذه الأزمة دفعت النائب البرلماني عمر اعنان إلى توجيه سؤال كتابي إلى وزير الداخلية، مطالبًا بتدابير استعجالية، فيما قدم الوزير ردًا يوضح الجهود الحكومية والخطط المستقبلية.

في هذا المقال، نستعرض وجهتي نظر الطرفين ونحلل القضية لاستخلاص رؤية واضحة للحلول الممكنة.

المشكل: أزمة متعددة الأبعاد

تتجلى أزمة النقل الحضري في وجدة في تعطل شبه كامل للحافلات بسبب إضرابات عمال “موبيليس ديف” احتجاجًا على ظروف عملهم الصعبة، إلى جانب إهمال أكثر من خمسين حافلة متوقفة دون صيانة. الحافلات العاملة تعاني من أعطاب خطيرة تهدد السلامة الطرقية، مع اكتظاظ شديد ناتج عن غياب الالتزام بالتوقيتات ومحطات الوقوف. كما تتسبب هذه الحافلات في تلوث بيئي خطير بسبب انبعاثات الدخان الكثيفة، مما يهدد صحة المواطنين.

وفي ظل غياب رقابة فعالة وفشل الشركة في الوفاء بالتزاماتها رغم الدعم المالي، يجد مجلس جماعة وجدة نفسه عاجزًا عن فرض تحسينات، مما يثير تساؤلات حول الصفقة الأصلية مع الشركة.

وجهة نظر النائب البرلماني عمر اعنان

يصف النائب عمر اعنان أزمة النقل الحضري بـ”الاختلالات الخطيرة” التي أثرت سلبًا على تنقلات المواطنين، خاصة الفئات الأكثر اعتمادًا على النقل العام. ويحمل شركة “موبيليس ديف” المسؤولية الكبرى بسبب فشلها في تحسين الخدمات رغم الدعم المالي الكبير، مشيرًا إلى إهمال الأسطول، ضعف الصيانة، وغياب الرقابة.

كما ينتقد الصفقة التي منحت الشركة امتيازات دون ضمانات كافية، مما أضعف موقف مجلس الجماعة. ويطالب النائب الوزير باتخاذ تدابير عاجلة تشمل:

  • إلزام الشركة بدفع التحملات المالية المستحقة.
  • تحسين ظروف عمل العمال للحد من الإضرابات.
  • إعطاء الأولوية لوجدة في توزيع الحافلات الجديدة التي ستقتنيها الدولة. ويهدف النائب إلى ضمان خدمة نقل حديثة وآمنة تلبي احتياجات الساكنة وتحترم معايير الجودة.

وجهة نظر وزير الداخلية

في رده، يعترف الوزير بوجود تحديات في قطاع النقل الحضري بوجدة منذ بداية عقد التفويض لشركة “موبيليس ديف” في 2017، مشيرًا إلى مشاكل الاستغلال الجزئي للأسطول ونقص الصيانة. ويوضح أن السلطات تدخلت من خلال إعداد ملحق تعديلي للعقد، لكن الشركة لم تحسن الخدمات بشكل كافٍ، مع تأخر في دفع أجور العمال ومستحقات الضمان الاجتماعي منذ أبريل 2024.

ويبرز الوزير التدابير المتخذة، بما في ذلك:

  • عقد اجتماع في 14 فبراير 2025 مع الشركة والسلطة المحلية لضمان دفع الأجور ومستحقات الضمان الاجتماعي.
  • تعزيز الأسطول الحالي وتحسين الخدمات خلال السنتين المتبقيتين من العقد (حتى دجنبر 2026).
  • إعداد دراسة جدوى لعقد تفويض جديد، مع برنامج وطني للنقل (2025-2029) يركز على التوازنات المالية، التعريفة الاجتماعية، والجودة المستدامة.
  • إدراج وجدة ضمن الدفعة الثانية لتوزيع الحافلات الجديدة في 2025-2026، مع إطلاق طلبات عروض لاقتناء حافلات وأنظمة تذاكر حديثة، واختيار شركة جديدة لتدبير القطاع.

خلاصة: نحو إصلاح شامل للنقل الحضري

يتفق النائب عمر اعنان ووزير الداخلية على خطورة أزمة النقل الحضري في وجدة، لكنهما يختلفان في التركيز. يسلط النائب الضوء على فشل “موبيليس ديف” وغياب الرقابة، مطالبًا بحلول فورية، بينما يقدم الوزير رؤية استراتيجية تجمع بين معالجة المشاكل الحالية وإعادة هيكلة القطاع مستقبلًا.

ومع أن تدخلات الوزارة الحالية (مثل دفع الأجور وتعزيز الأسطول) قد تخفف الوضع مؤقتًا، فإن غياب جدول زمني واضح لتطبيق الخطط المستقبلية يبقي الساكنة في انتظار حلول ملموسة.

تتطلب الأزمة تعاونًا وثيقًا بين السلطات المحلية والمركزية لضمان محاسبة الشركة الحالية وإصلاح الأسطول، مع الإسراع في تنفيذ البرنامج الوطني للنقل. إن إعادة هيكلة القطاع عبر عقد تفويض جديد بشروط صارمة وآليات رقابية فعالة تبدو السبيل الأمثل لتوفير خدمة نقل تليق بساكنة وجدة، وتضمن سلامتها وكرامتها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!