عبد العالي الجابري: السياسات الحالية تقبر الصحافة الحرة وتقصي المراسلين.

احمد عاشور
في سياق اهتمامه المتواصل بقضايا الإعلام والصحافة، نظم الفرع الجهوي للفيدرالية المغربية لناشري الصحف – جهة الشرق- ، صباح يوم الخميس 12 يونيو 2025، بمقره بوجدة، مائدة مستديرة تحت عنوان:
موقع المراسل الصحفي بالمغرب بين الممارسة والاعتراف القانوني“، وذلك بحضور عدد من المراسلين الصحفيين والمهنيين والفاعلين الحقوقيين والسياسيين.

وقد أطر هذا اللقاء الإعلامي والباحث في قضايا الصحافة الأستاذ عبد العالي الجابري، الذي قدم مداخلة مركزة تناول فيها واقع المراسل الصحفي بالمغرب، وما يواجهه من تحديات قانونية ومهنية، خاصة في ظل غياب اعتراف صريح بوضعه داخل المنظومة الإعلامية الوطنية، رغم الدور المركزي الذي يضطلع به في تغطية الأحداث ونقل نبض الشارع.

وتطرق المؤطر بأسلوب تحليلي رصين إلى الإكراهات الميدانية اليومية التي يعيشها المراسل الصحفي، من تضييق على حرية العمل، وغياب الحماية القانونية، وغياب شروط العمل الكريم، مع الإشارة إلى هشاشة الوضع المادي والمهني لهذه الفئة، وما يتطلبه ذلك من تدخلات عاجلة على مستوى التشريع والتأطير والدعم.

كما سلط النقاش الضوء على غياب تقييم حقيقي لمدونة الصحافة والنشر، التي تم تمريرها دون إشراك فعلي للمجتمع الإعلامي، والتي أجهزت على عدد من المكاسب التاريخية، وأسهمت في التضييق على حرية التعبير، وإغلاق عدد من المنابر الإعلامية الورقية والإلكترونية، في مقابل تمتيع بعض الجهات بالدعم العمومي خارج منطق الشفافية والإنصاف، وتهميش أخرى رغم اجتهاداتها المهنية ومكانتها داخل المشهد الإعلامي الجهوي والوطني.

وقد تميزت المائدة المستديرة بفتح النقاش أمام المشاركات والمشاركين الذين عرضوا تجاربهم الميدانية، وتوقفوا عند جوانب من الإقصاء والتهميش الذي يطال المراسلين، مؤكدين على ضرورة تجاوز السياسات الإعلامية التي تقصي الصحافة الجهوية، وتفرغ المهنة من مضامينها التنويرية والنقدية.

وشدد المتدخلون على أن الجهات المعنية، بما في ذلك بعض الجهات الإدارية والأمنية، بدل الدفع في اتجاه تطوير الإعلام وتوسيع هوامش التعبير، تسعى إلى كبح دور الصحفي والمراسل، ومحاولة إقباره عن طريق القوانين المقيدة والدعم الانتقائي والممارسات الإدارية التي تجهز على الحق في الإعلام الجاد والمستقل.
كما تطرق اللقاء إلى مقارنة وضعية المراسل الصحفي بالمغرب مع عدد من النماذج الدولية التي خطت خطوات مهمة في ترسيم هذه الفئة ضمن المنظومة الإعلامية، وتمكينها من الاعتراف والحقوق والتكوين، بما يضمن ممارسة صحفية حرة ومسؤولة.

وشدد الأستاذ الجابري، في ختام مداخلته، على أهمية النضال الجماعي من أجل فرض الاعتراف القانوني بالمراسلين الصحفيين، والدفاع عن حرية الصحافة باعتبارها ركيزة أساسية في أي تحول ديمقراطي حقيقي، داعيا إلى تجاوز المقاربات الأمنية الضيقة التي لا ترى في الصحفي إلا موضوعا للمراقبة والضبط.

وقد خلص اللقاء، الذي تميز بصراحة وعمق وثراء في النقاش، إلى أهمية صياغة تقرير تركيبي يتضمن توصيات عملية ترفع إلى الجهات المعنية، في أفق تعزيز موقع المراسل الصحفي داخل الجسم الإعلامي المغربي، وضمان شروط مهنية وقانونية تليق بطبيعة الدور الذي يقوم به في خدمة الحق في الوصول إلى المعلومة، والدفاع عن القضايا المجتمعية العادلة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!