صرخة جيل زد في وجدة: بين الاحتجاج السلمي والقمع الوحشي

وجدة – خاص لـ”جيل24″، 7 أكتوبر 2025

في أعقاب أيام من التوتر الاجتماعي الذي اجتاح المغرب، يظل صدى هتافات الشباب في شوارع وجدة يتردد كتذكير مرير بأزمة بنيوية تعصف بالبلاد. بدأت الاحتجاجات الشبابية، المعروفة باسم “حراك جيل زد 212″، في 27 سبتمبر الماضي كمظاهرات سلمية تطالب بتحسين الخدمات الصحية والتعليمية، وفرص العمل، ومكافحة الفساد، لكنها سرعان ما تحولت إلى مواجهات عنيفة أدت إلى إصابات واعتقالات جماعية.

في وجدة، المدينة الشرقية التي شهدت تصعيداً خاصاً، أفادت تقارير بأن الاحتجاجات امتدت من 29 سبتمبر إلى 2 أكتوبر، حيث واجه المتظاهرون تدخلات أمنية “همجية” أسفرت عن دهس شابين بعنف، أحدهما فقد ساقه، والآخر يرقد في حالة حرجة.

يأتي هذا التصعيد في سياق موجة احتجاجات متصاعدة اجتاحت مدناً مغربية عديدة، بما في ذلك الدار البيضاء، أكادير، مراكش، طنجة، سلا، والرباط، حيث أعلنت السلطات عن إصابة 263 عنصراً أمنياً و23 مدنياً، واعتقال 409 أشخاص، إلى جانب تخريب 142 سيارة أمنية و20 خاصة.

ومع ذلك، يرفض الشباب الاتهامات بالعنف، مؤكدين أن مطالبهم مشروعة وتأتي بعد سنوات من الاحتقان الاجتماعي الناتج عن البطالة المرتفعة بين الشباب (التي تصل إلى 35% في بعض المناطق) وتدهور الخدمات العامة.

في بيان صادر عن حزب النهج الديمقراطي العمالي – فرع وجدة، بتاريخ 6 أكتوبر، أدان الحزب “القمع الوحشي والاعتقالات التعسفية” التي طالت الشباب المنتفض، محملًا الدولة “كامل المسؤولية عن جريمة الدهس وما ترتب عنها من إصابات خطيرة”. وكشف البيان عن تفاصيل الاعتقالات: 36 معتقلًا في 29 سبتمبر (30 في سراح، 6 في اعتقال) بتهم جنحية، و36 آخرين في 30 سبتمبر (30 في اعتقال، 6 قاصرين في سراح) بتهم جنائية.

وطالب الحزب بالإفراج الفوري عن الجميع، ووقف الملاحقات، معبرًا عن “تضامنه المطلق مع الضحايا وعائلاتهم”، وداعيًا إلى “وحدة الصفوف بين كل القوى التقدمية والديمقراطية لمواجهة الفساد والاستبداد”.منظمات حقوقية دولية لم تتأخر في التدخل. دعت “منظمة العفو الدولية” إلى “التوقف عن استخدام القوة المفرطة” بعد قمع الاحتجاجات، مشيرة إلى أن المتظاهرين، بمن فيهم قاصرون، تعرضوا للتعنيف داخل سيارات الأمن.

كما أفادت تقارير إعلامية بأن الاحتجاجات تحولت إلى أعمال شغب في بعض المناطق، مع وقوع قتيلين وجرحى في جنوب البلاد، مما يعكس عمق الغضب الشعبي.

في يومها الخامس، واصلت الاحتجاجات في وجدة وغيرها من المدن، حيث سمحت السلطات لأول مرة ببعض التظاهرات، لكنها سرعان ما شهدت اشتباكات عنيفة أدت إلى إغلاق طرق وتخريب ممتلكات.

يرى مراقبون أن هذه الحركة، التي بدأت عبر منصات التواصل الاجتماعي، تشبه “حراك الريف” في 2016-2017، لكنها تحمل طابعًا أكثر شبابية وتكنولوجية، مع هتافات مثل “جيل زد 212” التي ترمز إلى الرمز الدولي للمغرب (+212) وجيل الزيد الغاضب.

أمام هذا التصعيد، يبقى السؤال: هل ستستمع الدولة إلى صوت الشباب، أم ستستمر في لغة القمع؟ في وجدة، حيث وُصفت المدينة بـ”غزة المغرب” من قبل أحد المتظاهرين، يتردد الشعار: “عاشت نضالات الشعب المغربي، عاشت وحدة القوى المناضلة”. الإجابة تكمن في الشوارع، حيث يستمر جيل زد في صراخ مطالبه، مطالبًا بكرامة لا تُسحق تحت عجلات الدبابات.ياسين الشرقاوي، مراسل في وجدة

صرخة جيل زد في وجدة: بين الاحتجاج السلمي والقمع الوحشي插图

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!