شباب الشرق ينطلقون نحو المستقبل: برامج وطنية تُعزز الإبداع والمواطنة في مغرب اليوم
عصام بوسعادة – وجدة، 17 اكتوبر 2025
في قلب جهة الشرق، حيث تتلاقى التراث الثقافي الغني مع طموحات الجيل الجديد، يشهد المغرب اليوم انطلاق موجة من البرامج الشبابية الطموحة، تحت راية وزارة الشباب والثقافة والتواصل. في لقاء صحفي حيوي نظمته المديرة الجهوية لقطاع الشباب اليوم الجمعة، كشفت الجهة عن خارطة طريق مثيرة للإلهام، تركز على تمكين الشباب كفاعلين رئيسيين في التنمية الثقافية والاجتماعية. بإشراف السيد محمد المهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل، تتحول هذه المبادرات إلى جسر يربط بين التراث المغربي الأصيل والابتكار الرقمي، مما يجعل الشباب ليس مجرد مشاركين، بل صانعي التغيير.
تخيل أن تكون شابًا في وجدة أو السعيدية، وتجد نفسك فجأة في رحلة ثقافية تُعيد اكتشاف جذورك المغربية بأسلوب حديث وممتع. هذا بالضبط ما يعد به البرنامج الوطني للسياحة الثقافية، الذي ينطلق اليوم 17 أكتوبر ويستمر لعشرة أيام مليئة بالمفاجآت. من خلال مكون “المقامات اللغوية” في مركز الاستقبال المغرب العربي بوجدة، سيستفيد 100 شاب وشابة من تجربة تفاعلية تجمع بين اللغة والفنون التقليدية، حيث يصبحون رواة قصص الجهة.
أما “حلقات المعرفة” في مركز التخييم بالسعيدية، فستكشف للشباب كنوز التراث المحلي، من المآثر التاريخية إلى الحكايات الشعبية، في مزيج من التثقيف والترفيه يجعل التعلم مغامرة لا درسًا مملًا. “هذه ليست مجرد برامج، بل فرص لإعادة اكتشاف هويتنا الثقافية بأدوات اليوم”، كما قالت المديرة الجهوية، مشددة على كيفية تحويل الشباب إلى سفراء للثقافة المغربية.
ولكن الإبداع لا يتوقف عند التراث؛ إنه يمتد إلى عالم التقنية المتسارع. من 20 إلى 24 أكتوبر، ستحتضن وجدة الملتقى الجهوي للبرنامج الوطني للذكاء الاصطناعي، بشراكة مع جامعة محمد السادس متعددة التخصصات ووزارة الانتقال الرقمي والإصلاح الإداري. هنا، 60 طفلًا وطفلة سيغوصون في عالم الـAI، صقلًا لمهاراتهم التقنية وتنمية روح الابتكار.
تخيل طفلًا يصمم تطبيقًا يروي قصصًا مغربية باستخدام الذكاء الاصطناعي، أو يبني لعبة افتراضية تُعرِّف بالموروث الثقافي لجهة الشرق. هذا البرنامج ليس ترفًا؛ إنه استثمار في جيل يحول التحديات الرقمية إلى فرص للإبداع، مما يعزز مكانة المغرب كمركز إقليمي للابتكار الشبابي.
وفي سياق يجمع بين الثقافة والمواطنة، تنطلق “القافلة الجهوية للمواطنة” يوم 6 نونبر، احتفاءً بذكرى المسيرة الخضراء. هذه القافلة المتجولة، المحملة بندوات تفاعلية، ورشات عمل، وعروض فنية حية، ستزور المدن والقرى لتزرع في نفوس الشباب قيم الانتماء الوطني والمسؤولية المجتمعية. من خلال أغاني شعبية تعكس وحدة الأرض المغربية إلى مناقشات حول الحقوق المدنية، ستكون القافلة منصة للشباب ليصبحوا صانعي السلام والتضامن، في زمن يحتاج فيه المجتمع إلى أصوات شبابية قوية.
أما المنتديات الشبابية الإقليمية والجهوية، فهي النواة للحوار الشاب. كمجالات مفتوحة للتكوين وتبادل الرؤى، ستُشرك الشباب كشركاء حقيقيين، لا كمستفيدين سلبيين. هنا، يمكن لشاب من بركان أن يناقش مع زميله من فكيك كيفية بناء مشاريع ثقافية مستدامة، مما يعزز الروابط الجهوية ويحول الشباب إلى قوة دافعة للتغيير.
وفي الخلفية، يدعم البرنامج الوطني لمواكبة وتقوية قدرات الجمعيات نسيج المجتمع المدني. من الإطار القانوني إلى التنشيط السوسيوثقافي، مرورًا بالتدبير المالي، الرقمنة، الصحة النفسية، وإدارة المشاريع، يغطي هذا البرنامج احتياجات الجمعيات لتكون أكثر فعالية. وفي خطوة تكميلية، تنطلق دورة تكوينية متخصصة في السياحة الثقافية أيام 28-30 نونبر، لأطر المديرية والجمعيات، تغطي التاريخ، التشريعات، تدبير المخاطر، وتنمية المهارات المهنية – فرصة لتحويل الشغف الثقافي إلى مهنة مربحة.”
نحن ملتزمون بالانفتاح على كل مبادرة خلاّقة تخدم طموحات الشباب”، أكدت المديرة الجهوية، معبرة عن امتنانها لدعم الوزير بنسعيد وسلطات الجهة، بقيادة والي جهة الشرق. وتُبرز توقيع اتفاقيات شراكة مع المجتمع المدني كخطوة نحو عمل احترافي يركز على النتائج، مما يضمن استدامة هذه الدينامية.
في نهاية اللقاء، يبقى الشعور السائد هو التفاؤل: جهة الشرق ليست مجرد منطقة جغرافية، بل مسرح لشباب يحلمون بمغرب أكثر عدالة وإبداعًا. هذه البرامج ليست مجرد أحداث؛ إنها بذور لثورة ثقافية شبابية، تُعيد رسم وجه المغرب المعاصر. إذا كنت شابًا في الشرق، فهذه دعوة لك: انضم، أبدع، وغيّر – فالمستقبل يبدأ اليوم!
