سر غامض يحوم حول بيع شقة ب”السعيدية”: هل الناصري لم يرَ الموثق… أم الشاهد يُعاقب لأنه تكلم كثيرا؟

الرباط – الخميس، 17 أكتوبر 2025
في جلسة محاكمة جديدة من تلك التي تبدو كأنها حلقة من سلسلة طويلة الأمد، وقف سعيد الناصري – البرلماني السابق الذي لا يزال يحمل لقب “رئيس الوداد” كأنه تاج – أمام المحكمة ليواجه موثقاً يدعي أنه أشرف على بيع شقة في السعيدية لسيدة تدعى “العاشوري”.
لكن، يا للسر الخفي الذي ليس سراً تماماً: هل حضر الناصري التوقيع، أم أنه كان يشاهد مباراة الوداد في المنزل؟ اللغز يتكشف، أو ربما يتعقد، في نقاش مطول بين الهيئة الحاكمة، الموثق، والناصري نفسه، حول تفاصيل تبدو كأنها من رواية إسكوبار… لكن في النسخة المغربية.
أكد الموثق، بكل ثقة الرجل الذي يتعامل مع الأوراق يومياً، أنه هو من حرر العقد، وأن كل شيء جرى “وفق المساطر القانونية المعمول بها“.
تخيلوا: السيدة “العاشوري” تأتي أولاً، تحمل وثائقها الإدارية والمالية، توقع على العقد بعد قرض بنكي قدره 40 مليون سنتيم (نعم، 40 مليون، لأن الشقق في السعيدية ليست رخيصة!). ثم يأتي الناصري “لاحقاً“، يوقع كبائع، ويتلقى شيكاً مصرفياً، وكل ذلك “في إطار عادي ووفق القانون”.
سرٌّ ليس سراً: العملية كانت ناعمة كمباراة كرة قدم بدون فيديو.
لكن، في الجانب الآخر من الحلبة، يقف الناصري برواية تجعل الموثق يبدو كشخص يخلق ذكريات من الهواء. “أنا ما مشيتش عند الموثق!” يصرخ الناصري أمام المحكمة، كأنه يدافع عن براءته في قضية “الاختفاء الشبحي”. العقد وصل إليه من فؤاد اليازيدي، الذي كان “مكلفاً بعملية البيع نيابة عني”، وهو الذي “دار كلشي” دون أن يرى الناصري لا الموثق ولا المشترية.
ويضيف الناصري، بتفاصيل تجعل القضية تبدو كصفقة عقارية عائلية: اليازيدي جاء وقال “نبيعو الشقة”، ثم بعد شوية “كاين اللي غادي يشريها بلا ما نزيد عليك المصاريف“، وباعها بـ74 مليون وأخذ الناصري 65 مليون.
هل كان اليازيدي يبيع الشقق عن بعد، أم أن الناصري كان مشغولاً بإدارة الوداد؟
جناب المحكمة توقفت عند ملاحظة طريفة: العنوان في العقد لا يطابق أياً من العناوين الثلاثة المسجلة باسم الناصري منذ 2011!
الموثق يرد: “العنوان ليس عنصراً جوهرياً“، المهم الهوية ورقم البطاقة وتاريخ الميلاد. ربما أُعطي العنوان “شفهياً” من الناصري أو من يمثله – أي، ربما قال “الشقة ديالي في السعيدية، خلاص!” وانتهى الأمر.
أما الأداء المالي، فالعقد يقول 40 مليون من البنك و30 مليون مباشرة، لكن الموثق يصحح: لا، الناصري أخذ 67 مليون عبر شيك بعد خصم المصاريف. سرٌّ ليس سراً: المال وصل، لكن الطريقة… كانت كـ”وعد بالبيع” غامضاً.
وفي ختام الجلسة، جاءت الضربة من النيابة العامة: محضر خاص ضد الموثق لأنه أخرج العقد الأصلي من مكتبه دون إذن قضائي! خرق للقانون المنظم لمهنة التوثيق، وطلب إحالته إلى النيابة المختصة.
يا للسر الكبير: الموثق يُحاكم لأنه أحضر الدليل… دون إذن! هل هذا حرصٌ كبير على تطبيق العدالة، أم شاهد يُعاقب لأنه تكلم كثيراً؟
في النهاية، تبقى القضية لغزاً يجمع بين بيع شقة وبيع أوهام: هل كان الناصري هناك، أم أن الشقة باعت نفسها بنفسها؟
سننتظر الجلسة القادمة، ربما تكشف المزيد من “الأسرار” التي ليست سراً إلا لمن يصدقها. أما الوداد، فهو ينتظر رئيسه ليعود إلى الملعب… أو على الأقل إلى عنوان صحيح.
(بناءً على تفاصيل الجلسة كما نشرت في جريدة “العمق المغربي” https://al3omk.com/1106848.html)