رأي في التنازع القانوني بين “و م ع” و”م و ص”

Mohamed Azaroual

تبعا للجدل القانوني المثار حول بلاغ وكالة المغرب العربي للأنباء،بشأن عدم اعترافها بالمجلس الوطني للصحافة كهيئة عمومية تمتلك الحق الحصري “للتنظيم الذاتي لقطاع الصحافة والنشر” ومنح البطاقة المهنية،تنزيلا لمضامين الفصل 28 من دستور المملكة،والذي ينص في فقرته الرابعة على أنه”تشجع السلطات العمومية على تنظيم قطاع الصحافة بكيفية مستقلة وعلى أسس ديموقراطية،وعلى وضع القواعد القانونية والأخلاقية المتعلقة به”؛فإنني أحاول النبش في القوانين ذات الصلة علنّا نفهم تلك العلاقة القانونية التي تحكم بين المؤسستين.

بلاغ و م ع،استند في رفضه الاعتراف بالبطاقة المهنية التي يصدرها المجلس واعتماده لبطاقة مهنية خاصة به،على القانون 15.02 المتعلق بإعادة تنظيم وكالة المغرب العربي للأنباء والصادر في سنة 2018،من خلال المادتين الثالثة والرابعة منه،لذلك سأبرز بعض المضامين من خلال فقرات مستقلة:

– وجاهة الاستناد الى المادتين 3 و14من قانون 15.02في الواقع عند قراءة متأنية لهاتين المادتين،نجد أن الأولى تحصر مهام الوكالة في أربعة وتتعلق بإبراز اشعاع المغرب دوليا، وايصال صوته في المحافل الدولية، وتحفيز النقاش العمومي، وبث الأخبار التي تريد السلطات العمومية الدستورية ابلاغها للعموم،والمادة الاخرى تتحدث عن 3 لجان للوكالة،وهي “لجنة الاستراتيجية واليقظة التكنولوجية” و”مجلس التحرير”(خاص بصحافيي الوكالة لابداء الرأي) و”مجلس مشترك للتدبير” (خاص بالمستخدمين لابداء الرأي والتوصيات حول قضايا تدبير مديريات الدعم).وبالتالي فإنهما لا تتحدثان اطلاقا عن حقها في منح بطاقة مهنية خاصة.

– دفع و م ع بعدم دستورية المجلس الوطني للصحافةالدستور المغربي أورد على سبيل الحصر المؤسسات والهيآت الدستورية،وعددها عشرة، من الفصل 161 الى الفصل 170، ولا يوجد ضمنها المجلس الوطني للصحافة ولا وكالة المغرب العربي للأنباء،وبالتالي فإن الوضعية الاستثنائية التي تريد الوكالة ان تمنحها لنفسها،ينسفها الفصل 28 من الدستور المذكور آنفا،إعمالا لمبدأ “النص الخاص يقيد النص العام”.

من جانب آخر فإن القانون التنظيمي للمحكمة الدستورية ينص في مادته الثانية على أن رئيس الحكومة يحيل على الفور القوانين التنظيمية التي أقرها البرلمان بصفة نهائية الى المحكمة الدستورية قبل إصدار الأمر بتنفيذها قصد البت في مطابقتها للدستور.وبناء عليه فإن القانون 90.13 القاضي بإحداث المجلس الوطني للصحافة بعد تنفيذه يعتبر مطابقا للدستور.

– تعريف الصحافي المهني حسب القانون 89.13 بمثابة النظام الأساسي للصحافيين المهنيين والذي يشمل صحافيي و م عتشير المادة الأولى الى أصناف الصحافيين،لكن ما يهمنا هنا هو التعريف الأول والمتعلق بالصحافي المهني المحترف،والذي يعرف بأنه “كل صحافي مهني يزاول مهنة الصحافة بصورة رئيسية أو منتظمة في واحدة أو أكثر من مؤسسات الصحافة المكتوبة والالكترونية أو السمعية أو السمعية البصرية أو وكلات الانباء عمومية كانت أم خاصة والتي يوجد مقرها الرئيسي بالمغرب”

– المادة 3 من قانون 89.13 حجّة على الوكالة لا لها ان ذكر بلاغ و م ع،عدم شمولية منتسبي الوكالة بأحكام المادة الثالثة المذكورة،قد يكون حجة عليها لا لصالحها،لنصها بشكل واضح وصريح على أن أحكام هذا القانون تطبق على الصحافيين المهنيين ومن في حكمهم من العاملين بمرافق الدولة،والمؤسسات العامة الاعلامية (من بينها طبعا و م ع).

– ترحيل الاختصاص من القطاع الحكومي المكلف بالاتصال الى المجلس الوطني للصحافة ونتائجهنظرا للتأخر الحاصل في تنزيل مضامين الدستور،فإن تنظيم قطاع الصحافة انتظر 6 سنوات لاقرار القوانين المتعلقة به، والتي جاءت تباعا،وهذا ما يفسر التذكير بذلك في المادة 31 من قانون الصحفيين المهنيين، والتي أعطت الحق الحصري للمجلس الوطني للصحافة وليس لأحد سواه، في منح البطاقة المهنية بعد تنصيبه،والذي يختص اضافة الى ذلك بموجب المادة 2 من قانون 90.13،بالتنظيم الذاتي لقطاع الصحافة والنشر، وممارسة دور التحكيم والوساطة بين المهنيين.

وبناء عليه فإن علاقة وكالة المغرب العربي للأنباء والمحطات الاذاعية والتلفزية الأخرى مع المجلس في تقديري المتواضع، تبقى علاقة افراد مهنيين بهيئة تنظمهم وليس علاقة مؤسسات تتمتع بالشخصية المعنوية وتتنافس معه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى