حزب العدالة والتنمية ينتقد الحكومة ويثمن الخطاب الملكي: “الاحتجاجات الشبابية نتيجة لاختلالات حكومية”

الرباط – 11 أكتوبر 2025

في خطوة تعكس يقظة المعارضة المغربية، عقدت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية (PJD) اجتماعها الدوري مساء الجمعة 10 أكتوبر 2025، لمناقشة التطورات السياسية الوطنية والمستجدات الإقليمية، خاصة في ظل الاحتجاجات الشبابية الأخيرة وقضية الصحراء وتطورات الشرق الأوسط. وفي بيان رسمي أصدره الحزب اليوم السبت، أعربت الأمانة عن مواقف حادة تجاه الإجراءات الحكومية، مع التأكيد على دورها في المعارضة المسؤولة، وتهنئة الشعب الفلسطيني بانتصاره التاريخي.

ركز البيان بشكل أساسي على الوضع السياسي الداخلي، معتبرًا الاحتجاجات الشبابية الأخيرة “نتيجة طبيعية” لإجراءات حكومية استهدفت الفئات الهشة، مصحوبة بـ”اختلالات كبيرة” مثل تضارب المصالح واستغلال النفوذ لتحقيق مكاسب شخصية وحزبية. وأشار الحزب إلى أنه حذر من هذه الإشكاليات على مدى أربع سنوات من المعارضة، عبر بياناته الرسمية، كلمات أمينه العام عبد الإله بن كيران، وتدخلات نيابية، لكن الحكومة ردت بـ”استعلاء وإنكار”.

وتثنى الأمانة على مضامين الخطاب الملكي السامي الذي افتتح به الملك محمد السادس الدورة التشريعية الحالية، مشيدة بتأكيده على العدالة الاجتماعية كـ”رهان مصيري”، وإثارته لقضايا الشغل الشبابي، والنهوض بالتعليم والصحة، وتأهيل المجال الترابي. واعتبرت أن هذه الملفات “تشغل بال الرأي العام، والشباب خاصة”، مشيرة إلى دور الحزب في التنبيه المبكر على “عجز الحكومة التواصلي” و”تعثر الإصلاحات” في التعليم والصحة، بالإضافة إلى “ضرب القدرة الشرائية” و”سن امتيازات ضريبية للقرابات العائلية والحزبية”.

وفي سياق الاحتجاجات، انتقد الحزب “إنزالًا غير مسبوق” لبعض الوزراء عبر الإعلام، في “تغييب غير مقبول للمعارضة”، مطالبًا الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري بالتدخل لضمان “التعددية والولوج العادل” للأحزاب والتعبيرات المدنية. وأكد الحزب استمرار دوره في “المعارضة المسؤولة”، داعيًا هيئاته المجالية إلى “اليقظة والتعبئة” لمراقبة تنفيذ برامج التنمية المحلية، وتحقيق العدالة في توزيع المشاريع الكبرى، مع الحرص على تفعيل البرامج الاجتماعية عبر التراب الوطني.

وأضاف البيان أن الوضع الحالي “نتيجة لتردد تطبيق الاختيار الديمقراطي”، الذي يفرز مؤسسات تمثيلية “ضعيفة وعاجزة”، مطالبًا بـ”إعادة الاعتبار” لهذا الاختيار عبر انتخابات “حرة ونزيهة” تنتج مؤسسات “قوية وذات شرعية” قادرة على التفاعل مع انتظارات المواطنين.

انتقل البيان إلى الشؤون الخارجية، معبرًا عن “ارتياح” لتوقيع الاتفاق الجديد بين المغرب والاتحاد الأوروبي، الذي يشمل السلع الفلاحية والمنتجات البحرية من الأقاليم الصحراوية، مستفيدة من “التعريفات التفضيلية” نفسها المطبقة على كامل التراب الوطني. واعتبر هذا “فشلًا ديبلوماسيًا وسياسيًا جديدًا” للأطروحة الانفصالية، و”انتصارًا مستحقًا” للوحدة الترابية والمقترح المغربي للحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.

كما تابعت الأمانة مواقف الأمم المتحدة حول تقرير الأمين العام، التي عكست “دعمًا متناميًا” لمغربية الصحراء، عمقًا “عزلة المشروع الانفصالي”، في ظل “اليقظة الوطنية” بقيادة الملك على طريق “الحسم النهائي” لهذا النزاع.

في سياق إقليمي، جدد الحزب تهنئته للشعب الفلسطيني وقيادته على “الانتصار التاريخي” في هزيمة “العدوان الصهيوني النازي”، ونجاح المفاوضات لوقف الإبادة الجماعية وانسحاب الاحتلال وعودة المهجرين. ووصف هذا الانتصار بأنه “عنوان مرحلة جديدة” في تاريخ الأمة العربية والإسلامية، رغم التضحيات الجسيمة التي بلغت “77 ألف شهيد و170 ألف جريح”، بالإضافة إلى تدمير البنية التحتية.

وأكد الحزب أن هذه التضحيات “أثمرت بعث القضية الفلسطينية”، و”فضحت الطبيعة الإجرامية” للكيان الصهيوني، مع موجة اعترافات دولية بالدولة الفلسطينية، ومتابعة قادته أمام المحكمة الجنائية الدولية، و”نبذ” الكيان عالميًا. ورفض الحزب “التطبيع” مع إسرائيل، مطالبًا بمراجعة العلاقات معها بسبب سياساتها “الاستعمارية والتوسعية”، وداعيًا الدول العربية والإسلامية إلى الانخراط في إعادة الإعمار ودعم إقامة دولة فلسطينية مستقلة بعاصمتها القدس.

توقفت الأمانة عند مخرجات المجلس الحكومي الأخير، متسائلة عن “المنهجية” المعتمدة في إعداد النسخة الجديدة للاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة 2035 (SNDD 2035)، دون اتباع “المسطرة المؤسساتية” أو تقييم النسخة السابقة لعام 2017، التي شهدت “تشاورًا واسعًا”.

أما مشروع القانون 71.24 بتعديل مدونة التجارة، الذي يخفف عقوبات الشيك، فقد أثارت مخاوف حول “آثاره على صدقية الشيك كوسيلة أداء تجارية”، معلنة عزمها على “تعميق الدراسة” و”التعبير عن الموقف” خلال المسطرة التشريعية.يأتي هذا البيان في سياق تصاعد التوترات الاجتماعية والسياسية بالمغرب، حيث يسعى حزب العدالة والتنمية، كأكبر قوة معارضة، إلى تعزيز دوره في مواجهة التحديات، مع الحفاظ على التزاماته الدستورية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!