جيل24 : رحيل “عيزي أحمد”.. وداع مؤلم لأبٍ صامد في زمن الخذلان

رحيل “عيزي أحمد“.. وداع مؤلم لأبٍ صامد في زمن الخذلانفي ليلة أمس، خيّم الحزن على مدينة الحسيمة وعلى كل قلب عرف أحمد الزفزافي، والد قائد حراك الريف ناصر الزفزافي، الذي غادرنا إلى دار البقاء بعد صراع طويل مع مرض السرطان. لكن، لنكن صرحاء، لم يكن السرطان وحده من أخذ “عيزي أحمد”، بل كان الخذلان، والألم العميق الذي حمله في قلبه لسنوات، وهو يرى ابنه ناصر يقبع خلف القضبان، محرومًا من الحرية، ومحرومًا حتى من وداع أبيه الأخير.

يا ناصر، يا ابن الريف، يا رمز الصمود، إليك نتوجه اليوم بقلوب مثقلة بالحزن والأسى. لا شيء أقسى من أن تستقبل خبر رحيل والدك وأنت في زنزانتك، بعيدًا عن دفء العائلة، محرومًا من لمسة يد أبيك، من وصيته الأخيرة، من لحظة وداع كريمة تليق بصبره ونضاله. لقد ذقتَ طعم اليُتم في الحرية، واليوم تذوق طعم اليُتم في الأب، في عذاب مزدوج يعتصر القلب ويدمي الروح.

أحمد الزفزافي لم يكن مجرد أب، بل كان صوتًا مدافعًا عن ابنه وعن معتقلي حراك الريف، رمزًا للصبر والكرامة. لسنوات، حمل على كتفيه هموم عائلات المعتقلين، سافر المسافات الطويلة، وقاوم المرض والإرهاق، ووقف شامخًا أمام المحاكم وفي الساحات، يطالب بحرية ابنه ورفاقه. كان “عيزي أحمد” صوتًا هادئًا لكنه قوي، يردد أن مطالب الريف كانت سلمية، وأن الحق لا يموت مهما طال القمع.

يا ناصر، نعلم أن الجدران الباردة التي تحيط بك لا تستطيع أن تخفف من وطأة هذا الفقد. لكن اعلم أنك لست وحدك. قلوب المغاربة، من الريف إلى كل ركن في هذا الوطن، تنبض معك، تشاطرك الألم، وتدعو لأبيك بالرحمة والمغفرة. إن رحيل والدك ليس نهاية النضال، بل هو وقود جديد لإحياء قضية الحراك، قضية العدالة والكرامة التي حملتها أنت ورفاقك، وقبلكم والدك الراحل.

إلى عائلة الزفزافي، إلى طارق وإخوانه، إلى كل من عرف “عيزي أحمد” وتأثر بصبره وثباته، نقول: إن أحمد الزفزافي قد ذهب إلى ربه، إلى العدل الذي لا يظلم عنده أحد. ذهب وهو يحمل في قلبه فخرًا بابنه ناصر، وإيمانًا بقضية الريف.

يا ناصر، ندعو لك بالصبر، وندعو لوالدك بالرحمة والمغفرة. ونقول كما قال الله تعالى: ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾. لقد كان والدك رمزًا للصمود، وستظل أنت وصموده وقضيته حية في قلوبنا.

إلى أحمد الزفزافي، عليك سلام الله ورحمته. لقد عبرت إلى الأخرى، ونحن هنا، على الجسر، ننتظر العدالة، ننتظر الحرية، ننتظر يومًا يجمعنا بناصر ورفاقه، أحرارًا كرامًا. إنا لله وإنا إليه راجعون.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!