جامعة محمد الأول تحتفل بمناسبة مرور ربع قرن من تأسيس جريدة “الحياة المغربية”

إعداد : عبد الرحيم باريج

تعتبر الجهوية المتقدمة ورش وطني كبير، يضعه صاحب الجلالة الملك محمد السادس على رأس قائمة الأولويات، ولا تضاهيها منزلة في ذلك إلا الوحدة الترابية، قضيتنا الأولى. وحرص جلالة الملك وعلى غرار مجموعة من الخطب، في الخطاب المولوي الموجه للمنتدى البرلماني الثاني للجهات، على ضرورة “المرور إلى السرعة القصوى في التجسيد الفعلي والناجع لهذا التحول التاريخي للجهوية المتقدمة”، كما نبه بنفس المناسبة إلى أن “النموذج التنموي، مهما بلغ من نضج، سيظل محدود الجدوى، ما لم يرتكز على آليات فعالة للتطور، محليا وجهويا.
وكسب هذا الرهان وإنجاح هذا الورش، بالشكل الذي يؤدي إلى ديمقراطية محلية حقيقة واثقة في الكفاءات والمؤهلات البشرية الجهوية في تدبير الشأن الجهوي، وإلى ترسيخ الحكامة الترابية وتحقيق الإقلاع الإقتصادي والتنمية المستدامة المنشودين، يتطلّب بالدرجة الأولى رؤية شمولية، ذات أهداف دقيقة وبعد استراتيجي، تتم بلورتها عبر تعبئة كل الطاقات وإشراك كل المتدخلين السياسيين والاجتماعيين والاقتصاديين والثقافيين، وأخيرا وليس آخرا، الإعلاميين الجهويين.
وعلاقة  الإعلام بالجهوية هي علاقة مفصلية لتحقيق التنمية وبناء أسس الديموقراطية المحلية. كما أن الإعلام الجهوي يشكل عنصرا محوريا في التصور التنموي المحلي وتدبير الشأن العام.
ويحتل الصحفي الجهوي موقعا استراتيجيا بصفته فاعلا في إعلام القرب، وهو يتواجد في قلب الأحداث الراهنة، ومؤهلا للتعبير عن حيوية الجهات في الميادين الثقافية، والاقتصادية، والاجتماعية،والسياسية، والنقابية والجمعوية.
وقد تطورت كثيرا مهنة الصحفي وباتت تواجه تحديا هيكليا يدعو هذه المهنة للتغير في غضون الأعوام القادمة، ويتعلق الأمر بالتحدي التكنولوجي الذي يعتبر فرصة يتعين اغتنامها.
ويعتبر الصحفي الجهوي الأقرب من الجمهور وبالتالي مؤهل أكثر من غيره لجمع ونشر الأخبار.
وساهم الصحفي الجهوي ولازال يساهم بشكل كبير، في تطور المشهد الإعلامي المغربي وفي تنشيط الحياة الديمقراطية جهويا وتكريس إعلام القرب. كما لايخفى دوره ضمن السلطة الرابعة في إضفاء المزيد من النجاعة والشفافية على تدبير الشأن العام المحلي، ومدى قدرته على إحداث تغيير قيمي وثقافي لدى جميع الفاعلين المحليين، عن طريق الإخبار والإشراك في المعلومة والتوعية والتحسيس، وخلق رأي عام إيجابي يقوم على تعميق مفهوم المواطنة والتوعية بالمسؤولية الفردية من أجل الانخراط الطوعي في الإصلاح والتغيير.
ووجب تمكين الصحفي الجهوي من اليقيام بدوره على أحسن وجه في عكس وتثمين الهوية الوطنية بجميع روافدها الثقافية والمجالية.
وتحيل صحافة الجودة إلى مستوى متقدم من الإنتاج الصحفي الذي يحترم المعايير المهنية ويحترم المواطن وآليات العمل ضمن منظومة أخلاقية. واحترام مبدأ القرب لابد أن يفرز مشهدا متنوعا، أي أنّ وسائل الإعلام في جهة ما، لابّد لها من الإهتمام بالواقع المتنوع في تلك الجهة، ليكون هناك تكامل مع المشهد الوطني العام لبناء تنوع يعطي لكلّ جهة هوية معيّنة لها خصوصية ترتكز على إتاحة الفرصة للاهتمام بمشاغل الناس، كما أنه لابّد من وجود متابعة معمقة لمشاغل المواطنين ضمن تكريس الحكامة الرشيدة ودعم الديمقراطية المحلية.
الفضاء الرقمي فرصة
وتحتم فرصة الفضاء الرقمي على الصحفي الجهوي إطلاق العنان للإبداع، خاصة وأن التكنولوجيا تتيح له ذلك مع إنتاج متنوع باعتماد الفيديو والصوت والصورة لضمان التعبير عن مشاغل الناس بطريقة جديدة وباعتماد صحافة الجودة، ومهمة الصحفي الجهوي اليوم هي وضع الأصبع على مواقع الخلل في أي نشاط تنموي.
واعتماد صحافة القرب، كنموذج ناجح، لترجمة مبدأ المشاركة الفاعلة للمواطنات والمواطنين، في متابعة قضاياهم وكل ما يعنيهم والمساهمة في بلورة رأي عام مطلع وواع بحقيقة مجتمعه، وتوظيف هذا الأعلام كركيزة لبناء تجارب ديمقراطية تشاركية محلية، عبر الحضور والمتابعة والمراقبة، لكل المؤسسات الفاعلة في الأقاليم والجهات، في إطار تفعيل المقتضيات الدستورية للشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة. والتحلي بالموضوعية والنزاهة واحترام أخلاقيات المهنة، والإيمان بقيمة ودور الصحافي، كفاعل أساسي في التنمية والحكامة، وبالصحافة والإعلام كمرفق عام، يساهم في التنشئة الاجتماعية ورفع الوعي الفردي والجماعي، على المستويات السياسية والثقافية والتربوية.
ويضطلع الصحفي الجهوي بدور محوري وأساسي في مواكبة مختلف برامج التنمية، لأنه ليس فقط آلية لتغطية مراحل تنفيذ هذه الأوراش، ولكن باعتباره وسيلة ناجعة تتيح للمجتمع الإنخراط في النقاش العمومي حول أهداف هذه البرامج التنموية ووقعها على الفئات المستهدفة.
ولا يمكن أن تنهض التنمية المستدامة بدون وجود إعلام مهني محترف وواع بأهمية التنمية المستدامة.
وبمناسبة مرور ربع قرن من تأسيس جريدة “الحياة المغربية” بوجدة كمؤسسة إعلامية رائدة في مجال الإعلام الجهوي، وبتنسيق مع شعبة علوم الإعلام والتواصل الإستراتيجي بجامعة محمد الأول، تمت دعوة كل المهتمين بالشأن الإعلامي إلى المشاركة في فعاليات الأيام الثقافية في نهاية شهر أكتوبر المقبل في رحاب كلية الآداب والعلوم الإنسانية.
وتشمل الفعالية المشاركة في ندوة وطنية بعنوان “المقاولة الصحفية الجهوية وإشكالات إعلام القرب”، وحفل توقيع وقراءة مؤلف جماعي بعنوان “الإعلام والنموذج التنموي الجديد بالمغرب رؤية استشرافية”، ودورة تكوينية في صحافة الموبايل -صحافة البيانات -تقنيات الكتابة الصحفية الرقمية.
ويتخلل الفعالية التي يشرف عليها ذ.مصطفى قشنني وينسقها كل من د.جمال حدادي رفقة د.هشام كزوط، معرض صور وأشرطة توثق مسيرة الجريدة منذ التأسيس وتكشف مسارات تحولها من إعلام ورقي إلى إعلام رقمي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى