توحيد المرشح بين أحزاب اليسار: الاستقلال كشريك استراتيجي للبرلمان 2026

المصطفى العياش — محلل سياسي، جريدة “جيل24”
مع اقتراب انتخابات البرلمان المغربي 2026، تظهر فرصة تاريخية لتعزيز الحضور اليساري في المدن الكبرى من خلال توحيد المرشح بين الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وحزب الاستقلال، وحزب التقدم والاشتراكية في كل دائرة انتخابية. هذا الترتيب يتيح تجميع الدعم وتوحيد الأصوات بما يعكس قوة اليسار الموحد أمام المنافسين.
المرشح الموحد بين الاتحاد والاستقلال
سبق للاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال أن اعتمدوا تجربة المرشح الموحد في بعض المدن الكبرى، حيث تم الاتفاق على تقديم مرشح واحد لكل دائرة انتخابية ضمن إطار تنسيق مشترك.
هذه التجربة أثبتت:
نجاعة التنسيق بين الحزبين في تعبئة الأصوات اليسارية.
قدرة المرشح الموحد على جذب دعم المناضلين والقواعد الانتخابية لكلا الحزبين.
أن تقديم مرشح موحد يساهم في تقليل التشتت الانتخابي ويزيد فرص الفوز في الدوائر الكبرى.
تجربة الكتلة التاريخية عام 1998: درس في التنسيق السياسي
في سنة 1998، شكّلت أحزاب الاستقلال، الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وحزب التقدم والاشتراكية ما كان يعرف بالكتلة، وشارك هذا التحالف لاحقًا في الحكومة بقيادة عبد الرحمن اليوسفي.
مع أن تجربة 1998 لم تشمل تقديم مرشح موحد في كل دائرة انتخابية، إلا أنها تبرز أهمية التنسيق السياسي الجماعي وتوحيد الاستراتيجية بين الأحزاب الثلاثة، وهو الدرس الذي يمكن البناء عليه في الكتلة 2026 لتعزيز فرص الفوز في الانتخابات القادمة.
من التنسيق المركزي إلى الحسم المحلي: شرط نجاح المرشح الموحد
أي حديث عن مرشح موحد في انتخابات 2026 يظل ناقصًا إذا لم يمر عبر حلقة التنسيق بين القيادات المركزية والقيادات الجهوية والمحلية في المدن. فالتجارب السابقة أظهرت أن القرارات التي تُصاغ فقط في المراكز الحزبية، دون إشراك الفاعلين المحليين، غالبًا ما تصطدم بواقع الدوائر الانتخابية وتعقيداتها الاجتماعية والسياسية.
في هذا الإطار، يبرز دور القيادات المركزية للأحزاب الثلاثة في فتح نقاش منظم ومسؤول مع الكتاب الإقليميين، المنتخبين المحليين، وفعاليات الأحزاب في المدن الكبرى، قصد:
تشخيص دقيق لأسباب التعثر أو القوة في كل دائرة انتخابية.
تحديد البرامج والسياسات المحلية التي تلبي احتياجات الناخبين.
ضمان توافق القوى السياسية المحلية مع المرشح الموحد لكل دائرة، وتعزيز فرص الفوز.
هذا التنسيق بين المركز والميدان هو الشرط الأساسي الذي يجعل فكرة المرشح الموحد قابلة للتطبيق وفعالة في تحقيق نتائج ملموسة في انتخابات 2026.
فرصة تاريخية لكتلة قوية مع مرشح موحد
اليوم، يبدو أن الظروف السياسية والاجتماعية في المغرب مواتية لتشكيل كتلة تاريخية تشمل الاتحاد الاشتراكي، الاستقلال، والتقدم والاشتراكية. هذه الخطوة تتضمن استراتيجية جديدة لتقديم مرشح موحد في كل دائرة ضمن المدن الكبرى، ما يضاعف فرص الفوز ويجمع الأصوات اليسارية والتقدمية تحت لواء واحد.
توحيد المرشح في كل دائرة انتخابية يعزز فرص الفوز ويحوّل المقاعد الجزئية إلى كتلة قوية داخل البرلمان.
يسمح للكتلة بالتحرك كقوة واحدة قادرة على التفاوض على الحكومة أو التأثير في السياسات الوطنية.
يوفر فرصة لإظهار اليسار الموحد بمصداقية وكفاءة، مستفيدًا من التجربة السابقة للمرشح الموحد بين الاتحاد والاستقلال، مع ابتكار استراتيجي جديد يدمج التقدم والاشتراكية في التحالف.
واقع الانتخابات الأخيرة: درس من 2021
في الانتخابات التشريعية المغربية سنة 2021، جاءت النتائج كالتالي:
التجمع الوطني للأحرار (RNI): 102 مقعد
الأصالة والمعاصرة (PAM): 86 مقعد
حزب الاستقلال: 81 مقعد
الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية: 35 مقعد
حزب التقدم والاشتراكية: 22 مقعد تقريبًا
التقدير العددي للمقاعد في حال نجاح التنسيق
إذا نجح الاتحاد الاشتراكي، الاستقلال، والتقدم والاشتراكية في تنسيق جهودهم وتقديم مرشح موحد في كل دائرة، يمكنهم زيادة عدد مقاعدهم إلى ما بين 150 و160 مقعدًا تقريبًا، اعتمادًا على قوة حضورهم في المدن الكبرى وبعض الدوائر القروية.
حتى وإن لم تُعلن وزارة الداخلية نتائج مفصلة حسب المدن والبوادي، تشير النتائج العامة إلى أن الأحزاب الكبرى استحوذت على تمثيل واسع عبر مختلف المناطق. لذلك، فإن تكامل القوى اليسارية عبر مرشح موحد في كل دائرة — سواء في المدن أو في البوادي — يمكن أن يسهم في زيادة حصتها بشكل ملحوظ ويجعلها كتلة حاسمة داخل البرلمان.
المشاركة الشبابية غير الحزبية: واقع جديد وفرصة سياسية
في هذا السياق، تظهر فرصة إضافية لتعزيز الكتلة الموحدة من خلال مشاركة الشباب المستقلين غير المنتمين لأي حزب في انتخابات 2026. فقد أعدّت السلطات إجراءات لتسهيل ترشيح الشباب، بما في ذلك دعم مالي كبير لتغطية نفقات الحملات الانتخابية وتحفيز معنوي، بهدف تعزيز مشاركة فئة جديدة من الناخبين والفاعلين السياسيين.
هذه الفئة من الشباب يمكن أن تندمج ضمن التحالف الثلاثي (الاتحاد الاشتراكي، الاستقلال، التقدم والاشتراكية) لتشكيل كتلة قوية، مستفيدة من الدعم الحزبي والخبرة التنظيمية، في الوقت الذي لا تملك فيه هياكل حزبية مستقلة خاصة بها. وهكذا، يخلق التحالف تآزرًا بين الخبرة التقليدية للشركاء الثلاثة والطاقة الجديدة للشباب غير المنتمين، ما يعزز فرص الكتلة الموحدة في الانتخابات القادمة.
توزيع الدوائر والاستراتيجية العملية
لضمان فعالية المرشح الموحد:
1 — تحديد الدوائر الرئيسة: التركيز على المدن الكبرى التي فيها قوة انتخابية مهمة للاتحاد والاستقلال والتقدم والاشتراكية.
2 — تحليل النتائج السابقة: مراجعة عدد المقاعد التي حصل عليها كل حزب في كل دائرة لتحديد فرصة الفوز الأكبر بالتحالف.
3 — تقديم مرشح موحد لكل دائرة: بحيث لا يترك أحد المقاعد مشتتًا بين الحزبين أو الثلاثة، ويستفيد المرشح من دعم كامل قاعدة الأحزاب المشاركة.
4 — تحديد برامج مشتركة: بناء منهج انتخابي وبرنامج سياسي واقعي يعكس القيم المشتركة للأحزاب الثلاثة ويكون جذابًا للناخبين في كل دائرة.
5 — إدماج الشباب المستقلين: فتح المجال للشباب غير المنتمين للانضمام للكتلة، ما يضاعف الموارد الانتخابية ويزيد الشرائح الداعمة.
6– التواصل مع باقي القوى الصغيرة: لتأمين دعم إضافي أو شراكات ممكنة بعد الانتخابات، ما يعزز قدرة الكتلة على تشكيل تحالف برلماني قوي.
مآلات الكتلة والمرشح الموحد: مدخل استراتيجي لاستحقاقات 2026
كل المعطيات الواردة في هذا المقال، سواء حول المرشح الموحد، الكتلة الموحدة، أو المشاركة الشبابية المستقلة، تستند إلى الأرقام الرسمية الوطنية والتقديرات المعقولة. هذه المعلومات تمثل نموذجًا سياسيًا استرشاديًا للقيادات وصانعي القرار، وتهدف إلى تقديم رؤية واضحة ومتكاملة لتعزيز قوة اليسار في انتخابات 2026، دون ادعاء بالدقة الكاملة على مستوى كل دائرة انتخابية.









