بني درار: عمال النظافة ينتفضون في وقفة احتجاجية ضد تأخر أجورهم لثلاثة أشهر

اسماعيل مرسلي – بني درار، 1 ماي 2025
في خطوة نضالية تعكس عمق المعاناة التي يعيشها عمال النظافة في مدينة بني درار بإقليم الناظور، نظم العشرات من هؤلاء العمال وقفة احتجاجية مساء أمس الاربعاء، تزامنًا مع احتفالات عيد الشغل الأممي. الوقفة، التي جرت أمام مقر الجماعة الحضرية لبني درار، جاءت للتنديد بتأخر صرف أجورهم لمدة ثلاثة أشهر متتالية، في ظل ظروف معيشية صعبة وارتفاع تكاليف المعيشة.
في هذا صدد عبر السيد حسن بنعاشور في تصريح للجريدة عن أزمة متكررة في قطاع النظافة بالمنطقة الشرقية، حيث يواجه العمال استغلالًا ممنهجًا من الشركات المفوضة وضعف تدخل السلطات المحلية.
تفاصيل الواقعة: صرخة ضد الإهمال
وفقًا لمقطع الفيديو المذكور، تجمع عمال النظافة في بني درار، وهم يرتدون زيهم البرتقالي الرسمي، أمام مقر الجماعة الحضرية، حاملين لافتات وهاتفين بشعارات تعبر عن غضبهم من تأخر أجورهم منذ فبراير 2025. من بين الشعارات التي رُفعت: “أين أجورنا؟ ثلاثة أشهر من الحكرة” و*”عمال النظافة يطالبون بحقوقهم“*. العمال، الذين يعملون تحت إشراف شركة خاصة مفوض لها تدبير قطاع النفايات ، أعربوا عن إحباطهم من تجاهل الشركة لمطالبهم وغياب تبريرات واضحة للتأخير.
في الفيديو، ظهر أحد العمال وهو يتحدث إلى حشد المحتجين، موضحًا أن التأخير في صرف الأجور تسبب في أزمات مالية خانقة للعمال، خاصة أن معظمهم يعولون عائلات ويعتمدون على دخلهم الشهري الذي لا يتجاوز في الغالب 2500 درهم. كما أشار إلى أن الشركة لم تقدم أي جدول زمني لتسوية المستحقات، مما دفع العمال إلى تنظيم الوقفة كخطوة أولى قد تتبعها تحركات أخرى، بما في ذلك الإضراب.
معطيات إضافية: بحسب تقارير إعلامية محلية، فإن تأخر الأجور في بني درار يعود جزئيًا إلى نزاع مالي بين الجماعة الحضرية والشركة المفوضة، حيث لم تحول الجماعة المستحقات المالية المترتبة عن عقد التفويض. هذه المشكلة ليست جديدة، فقد شهدت مدن أخرى، مثل الرباط في 2020، أزمات مماثلة أدت إلى احتجاجات وتراكم النفايات. في بني درار، يُقدر عدد عمال النظافة بحوالي 80 إلى 100 عامل، يعاني معظمهم من عقود مؤقتة وغياب التغطية الاجتماعية، وفقًا لتقرير الجمعية المغربية لحقوق الإنسان لعام 2024.
سياق الاحتجاج: أزمة هيكلية في قطاع النظافة
تندرج وقفة بني درار ضمن سلسلة احتجاجات عمال النظافة في المغرب، التي تعكس أزمة هيكلية في تدبير هذا القطاع الحيوي. تشمل المشكلات الرئيسية التي يواجهها العمال:
- تأخر الأجور: كما حدث في وجدة في أبريل 2025، حيث نظم عمال النظافة وقفة ضد شركة SOS بسبب تأخر أجورهم، وفي الدار البيضاء عام 2020، حيث استمر التأخير لمدة تصل إلى 12 شهرًا.
- ظروف عمل غير إنسانية: يعمل العديد من عمال النظافة بدون معد bursaries de protection، مما يعرضهم للإصابات والأمراض المهنية. تقرير منظمة أوكسفام المغرب لعام 2023 أشار إلى أن 60% من عمال النظافة يفتقرون إلى وسائل السلامة الأساسية.
- غياب الحماية الاجتماعية: وفقًا لإحصائيات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، فإن أكثر من نصف عمال النظافة في المدن الصغيرة مثل بني درار غير مسجلين، مما يحرمهم من التغطية الصحية والمعاشات.
- التضييق النقابي: في بني درار وبني أنصار، واجه العمال تهديدات بالطرد بسبب انخراطهم في أنشطة نقابية، وفقًا لتصريحات الاتحاد المغربي للشغل (UMT) في الناظور.
معطيات إضافية: في يونيو 2022، نظم عمال النظافة في بني أنصار، المدينة المجاورة لمدينة الناظور، وقفة احتجاجية مماثلة للمطالبة بأجورهم المتأخرة، مما يشير إلى أن المشكلة تمتد إلى مستوى جهوي.
كما شهدت ورزازات في يناير 2025 احتجاجات مشابهة، حيث طالب العمال بإنهاء التضييق النقابي وتحسين الأجور. هذه التحركات تكشف عن ضعف نظام التفويض للشركات الخاصة، الذي يعاني من غياب الرقابة وسوء الإدارة.
روح فاتح ماي: نضال من أجل العدالة الاجتماعية
تكتسي وقفة عمال النظافة في بني درار أهمية رمزية في سياق فاتح ماي 2025، حيث يُعتبر هذا اليوم منصة لتجديد الالتزام بالنضال من أجل حقوق الشغيلة. العمال، الذين يواجهون ظروفًا قاسية ويتقاضون أجورًا زهيدة، أظهروا من خلال احتجاجهم إصرارًا على انتزاع حقوقهم. وفي سياق متصل، شهدت المنطقة الشرقية، بما في ذلك وجدة والناظور، فعاليات نقابية حاشدة خلال فاتح ماي، حيث رفعت المركزيات النقابية، مثل UMT والكونفدرالية الديمقراطية للشغل (CDT)، شعارات تطالب بزيادة الأجور، تحسين ظروف العمل، وتوسيع الحماية الاجتماعية.
ووفقًا لتقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لعام 2024، يُعد قطاع النظافة من أكثر القطاعات هشاشة في المغرب، حيث يعمل حوالي 80 ألف عامل في ظروف غير مستقرة، مع أجور لا تتناسب مع طبيعة عملهم الشاق.
وفي بني درار، تفاقم الوضع بسبب نقص الاستثمارات في البنية التحتية لتدبير النفايات، مما يزيد من الضغط على العمال ويحد من قدرتهم على تحسين أوضاعهم.
ردود الفعل والتداعيات المحتملة
حتى الآن، لم تصدر الجماعة الحضرية لبني درار أو الشركة المفوضة بيانًا رسميًا يوضح أسباب تأخر الأجور أو يقترح حلولًا. ومع ذلك، أفاد السيد بنعاشور أن ممثلي CDT، يخططون للقاء مسؤولي الجماعة للمطالبة بحل عاجل. وفي حال استمرار التأخير، قد يتصاعد الاحتجاج إلى إضراب شامل، مما يهدد بتراكم النفايات في المدينة، كما حدث في الدار البيضاء عام 2020، حيث تسبب إضراب عمال النظافة في أزمة بيئية.
نشير الى أن أطلقت غرفة التجارة والصناعة بالناظور في مارس 2025 مبادرة لدعم العمال في القطاعات الهشة، بما في ذلك النظافة، من خلال برامج تكوين وتأمين اجتماعي. لكن هذه المبادرة لم تصل بعد إلى عمال بني درار، مما يعكس الحاجة إلى تنسيق أفضل بين السلطات المحلية والنقابات. كما أن المنطقة الشرقية تشهد تزايدًا في الاحتجاجات العمالية، حيث نظم عمال النقل الحضري في وجدة وقفة مماثلة في أبريل 2025 للمطالبة بتحسين ظروف العمل.
توصيات للحل
لحل هذه الأزمة وضمان حقوق عمال النظافة في بني درار، يُقترح ما يلي:
- تسوية فورية للأجور: على الجماعة الحضرية الضغط على الشركة المفوضة لصرف الأجور المتأخرة خلال أيام، مع وضع آلية لضمان دفع الأجور في مواعيدها مستقبلًا.
- رقابة صارمة: يجب على وزارة الداخلية والباشوية تعزيز الرقابة على الشركات المفوضة، مع فرض غرامات على من يخل بالتزاماته تجاه العمال.
- دعم نقابي جهوي: على المركزيات النقابية، مثل UMT وCDT، تنظيم حملة على مستوى المنطقة الشرقية لدعم عمال النظافة، مع الضغط على الحكومة لإصلاح نظام التفويض.
- حوار اجتماعي شامل: فتح قنوات حوار تشاركي بين العمال، الشركة، والجماعة لتسوية النزاع، مع التركيز على تحسين ظروف العمل والتغطية الاجتماعية.
فاتح ماي يحمل صوت العمال
وقفة عمال النظافة في بني درار، كما وثقها الفيديو، ليست مجرد احتجاج على تأخر الأجور، بل تعبير عن رفض الحكرة والتهميش الذي يعاني منه هؤلاء العمال الذين يكافحون يوميًا للحفاظ على نظافة المدينة. في يوم فاتح ماي 2025، يصبح هذا التحرك رمزًا للنضال العمالي من أجل الكرامة والعدالة الاجتماعية. وبينما يواصل عمال بني درار صراخهم ضد الظلم، فإن الحل يتطلب تدخلًا عاجلًا من السلطات المحلية والحكومة لضمان حقوقهم وتحسين أوضاعهم.
صوت هؤلاء العمال هو صوت كل شغيلة مغربية تطالب بحياة كريمة، وهو صوت يجب أن يُسمع ويُستجاب له في عيد الشغل وما بعده.