بعدما أضحت خطرا على المنطقة: الجزائر تستولي على تاريخ قرطاج.

عماري عزالدين.

وضع تصريح الهواري تيغريس عضو لجنة المالية والميزانية بالمجلس الشعبي الجزائري العقل الجزائري على محك السلامة والإتزان.

وصف الجمهورية التونسية ب “الولاية الجزائرية” بل استصغرها حين اعتبرها “الاخت الصغيرة ” في إيحاء منه على أنها قاصر.

جاء ذلك في تعليق له مع قناة سكاي نيوز عربية حول فتح الحدود بين البلدين والتي سبق للجزائر إغلاقها من جانب واحد في سياق سلوك الإبتزاز.

تعالت في الآونة الأخيرة تصريحات خطيرة لبعض الوجوه المحسوبة على نظام العسكر الجزائري البليد متطاولة أحيانا على العديد من الأشقاء العرب ( التدخل في سيادة ليبيا ) ومزورة لحقائق التاريخ بشكل يدعو للسخرية ويؤكد وضع الهذيان.

لازال الجميع يتذكر ما قاله عبد المجيد تبون حول تسليم جورج واشنطن بنادق للأمير عبد القادر في أكبر تصريح مهزلة وافتراء بحيث أن فارق العمر بين جورج واشنطن والأمير عبد القادر قرن من الزمن.

صدم العالم الإسلامي الخطيب محند إدير مشنان، عضو لجنة الفتوى التابعة لوزارة الشؤون الدينية الجزائرية خلال صلاة يوم عرفة التي ألقاها في حضرة حجيج جزائريين، في دلالة أقل ما يقال عنها أنها تريد تسويق الجزائر كدولة لها امتداد تاريخي لما قبل الميلاد.

بدا واضحا أن العقل الجزائري أصيب أكثر من أي وقت مضى بالمس والجنون ويعيش وضعا نفسيا صعبا ستنعكس مخاطره على المنطقة في ظل تحكم زمرة من الشيوخ بزمام الحكم ضد إرادة الشعب الجزائري في التغيير وبناء دولة مدنية.

ما أثار انتباهي في تصريح المحلل الجزائري بومدين تغريس لقناة سكاي نيوز عربية أنه باحث ومحلل اقتصادي والحال أن هذه الصفة تجعل منه شخصية ملمة بالمعطيات التاريخية المرتبطة بالشؤون الاقتصادية والتجارية عبر العصور.

الحقيقة الثابتة تاريخيا أن الجمهورية التونسية الحديثة التي تأسست سنة 1956 قبل تأسيس الجزائر، لها حضارة ضاربة في التاريخ وكانت تسمى “إفريقية”، وامتدت حدودها إلى منطقة قسنطينة الجزائرية وإقليم طرابلس الليبي وكان مركزها الأصلي  القيروان.

حين نتحدث اليوم عن تونس فإننا نتحدث عن الحضارة  القرطاجية وعن  تقاليد  الإمبراطورية الفينيقية، التي
اشتهرت بالتجارة والفلاحة مما جعلها محط اهتمام الحضارات والامبراطوريات لاسيما وأنها استطاعت السيطرة على غرب المتوسط  لقرون عدة قبل الميلاد.

بدأ تحول استراتيجي سنة 753 ق.م بعد ظهور اسم روما التي دخلت في تنافس تجاري وفلاحي مع قرطاج نشبت عنها سلسلة من الحروب كانت بدايتها سنة 264 ق.م سميت بالحروب البونية، وكان أشهرها حملة حنبعل (الحرب البونية الثانية) التي قام خلالها بعبور سلسلتي البيريني والألب انتهت بهزيمة القرطاجيين وإضعافهم بشكل كبير خاصة بعد حرب روما المفصلية مما مهد الطريق لحرب ثالثة وحاسمة انتهت بزوال قرطاج وخراب المدينة وقيام الرومانيون بإنشاء “إفريقة” أول مقاطعة رومانية بشمال إفريقيا.

حكم تونس الحالية كل من دولة الأغالبة  والموحدون  والفاطميون وبنو غانية وبني حماد.

ولم تكن جغرافية الجزائر الحالية سوى جزء ترابي تابع للحضارة القرطاجية و الامبراطوريات المغربية من الأمويين خلال القرن الثامن والفاطميين في القرن العاشر والمرابطين خلال القرن الحادي عشر والموحدين  في القرن الثاني عشر.

لم تكن لا جزائر ولا هوية خاصة بهذا الجنس المجنون الذي ابتلانا الله بها بل الأصل انهم خليط من الأجناس اذا نحن استثنيا منطقة القبائل ذات الأصول الامازيغية التي استوطنت المنطقة منذ قرون بثقافتها وحضارتها واستقلالها دون ذلك فنحن أمام كيان مصطنع من قبل فرنسا بلا هوية ولا ثقافة ولا تاريخ يذكر.

دولة من صنع الجنرال دوغول سنة 1962 بعدما كانت إيالة عثمانية في سياق إعادة بناء دول شمال إفريقيا، استعمرها الفرنسيون زهاء قرن ونيف من الزمن وكان قاب قوسين أو أدنى من أن تصبح ولاية فرنسية بشمال إفريقيا ( فرنسا الثانية ) بعدما عات فيها الأتراك فسادا.

نتحدى الجزائريين أن يعطونا اسم رئيس دولة قبل بن بلة أو تسمية مؤسسات أو جيش تابع لهم؟ لأنهم كانوا جزء لا يتجزأ من الدولة القرطاجية غربا و مساحة جغرافية تابعة للمملكة المغربية شرقا.

تطاول زمرة العسكر الذي خلفه الاستعمار الفرنسي على تاريخ المنطقة وسعيه لتزوير كل الحقائق وتسويق أكاذيب قد يؤدي لا قدر الله بهؤلاء المجانين إلى الإعلان يوما أن تونس أرض جزائرية كما ظلوا يهللون بوجود دولة صحراوية جنوب المملكة المغربية صرفوا عليها ملايير الدولارات وقدموا الرشاوي من أجل استمالة أصوات للإعتراف بهذا الوهم لكنهم باتوا يحصدون الهزائم والنكسات.

أهانت سياسة الرئيس التونسي قيس سعيد ثورة الياسمين وأذلت رجالاتها الأحرار بعد ارتمى في أحضان طغمة العسكر الإستخباراتي الجزائري وفرط في عقد تاريخي لحضارة تونس التي تتجاوز دولة الجينرال دوغول.

فلولا ذل قيس سعيد لما تجرأ الهواري تيغريس على اعتبار تونس ولاية جزائرية ولا نعتها إستصغارا بالاخت الصغيرة غير الراشدة التي تستوجب الحماية وهذا هو المعنى فلا داعي للاعتذار.

على شعوب المنطقة من مصر إلى المملكة المغربية وصولا إلى موريتانيا أن يتجندوا لوضع هذا الكيان الحديث في حجمه ومكانته التاريخية وعلى الجميع التسلح بالهويات الثقافية والموروث المشترك من لغة ودين لحماية الشعب الجزائري من جنون هذا النظام وطغمة العسكر التي فقدت الصواب ولم تعد تدرك ماتفعل أو ما تقول.

جنون العظمة هذا لن يجر على بلدان المنطقة سوى الدمار مادام أن حكام الأوراسي وقصر المرادية شيوخ طاعنين في السن لم يجدوا غير تزوير التاريخ و الكذب والبهتان.

بقي فقط أن نقول أن الإبن اللاشرعي كلما سمع عن قبيلة ذات مجد وجاه ومال انتسب إليها وهذا حال جنيرالات القتل والقمع والابادة الذين لا يقدرون إرث أمة ولا يوقضهم ضمير شعب.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى