النقابة الوطنية للصحة تفضح “لوبي الفساد” بمراكش وتدعو إلى “إنزال وطني” احتجاجاً على تخريب العرض الصحي

أطلقت النقابة الوطنية للصحة التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل (CDT) صيحة إنذار قوية، كشفت فيها عن اختلالات هيكلية مزمنة تعصف بالقطاع الصحي في المغرب، متهمةً “لوبياً” بالتحكم في الإدارة الصحية بجهة مراكش آسفي وضرب “العرض الصحي” فيها. وقد أعقب الندوة الصحفية التي عُقدت لهذا الغرض في “دار سعيدة” دعوة صريحة ومكثفة لتنفيذ “إنزال وطني” احتجاجي ضخم يوم الأربعاء 5 نونبر 2025 بمراكش.
أزمة غياب الرؤية الوطنية طويلة الأمد
أكد المتحدثون خلال الندوة أن الاختلالات التي يعيشها قطاع الصحة ليست خاصة بمراكش، بل هي اختلالات عامة ومزمنة. وأشاروا إلى أن المغرب يفتقد لـ “سياسة وطنية في الصحة” (politique nationale de santé) منذ الاستقلال، باستثناء مناظرة مبكرة جرت في عام 1959. ويُعزى هذا الغياب إلى تغييب البعد الاجتماعي في السياسات العمومية والاهتمام المفرط بالتوازنات الماكرو-اقتصادية على حساب التوازنات الاجتماعية.
وانتقدت النقابة بشدة ما سمي بـ “سياسة تراجعية”، حيث أن الاستراتيجيات الصحية لا تدوم أكثر من خمس سنوات (الزمن الانتخابي)، وتتغير بقدوم كل وزير جديد، مما يؤدي إلى عدم وجود خارطة طريق طويلة الأمد. كما لفتت النقابة الانتباه إلى أن ميزانية القطاع لا تزال تدور حول 7% من الميزانية العامة للدولة، وهي نسبة لا تصل إلى الحد المطلوب (10%). وأوضحت الندوة أن غياب الرؤية الطويلة الأمد غير الخاضعة للزمن الانتخابي هو الأصل في هذه الاختلالات الهيكلية.
التحكم والفساد يضربان مراكش
بالإضافة إلى المعاناة العامة، تعيش جهة مراكش اختلالات مرتبطة بسوء تدبير الشأن الصحي، حيث باتت الإدارة الصحية رهينة “تحكم البعض”، أي “لوبي” يسيطر على الإدارة الصحية على مستوى الإقليم والجهة. هذا التحكم أدى إلى عدد من الممارسات “غير القانونية” وترك “تركة ديال الفساد” و”التسيب والفوضى”.
وكانت النتيجة الأبرز لهذه الممارسات هي “ضرب العرض الصحي” (l’offre de soins) في عمالة مراكش. وأعطى المتحدثون أمثلة ملموسة لذلك، من بينها النقل التعسفي لأكثر من 60 موظفاً خلال فترة وجيزة (ثلاثة أو أربعة أشهر)، دون أي معيار أو مقاييس. هذا الإجراء خلق فائضاً في بعض المؤسسات وخصاصاً كبيراً في مصالح أخرى، مما جعل بعض المصالح “عاجزة على العمل”. وكمثال صادم، ذُكر نقل مُنعش (réanimateur) إلى معهد للراديولوجيا.
وتعتبر النقابة أن المواطنات والمواطنين أصبحوا نتيجة لذلك “رهائن” في يد هذه المجموعة التي تتحكم في الإدارة الصحية.
“الإنزال الوطني” يوم 5 نونبر 2025
للتصدي لهذه الأوضاع، أعلن المكتب الوطني للنقابة عن تنفيذه لـ “الإنزال الوطني بمراكش” يوم الأربعاء 5 نونبر 2025. وقد أكد المكتب الوطني أن هذه الندوة الصحفية هي جزء من برنامج نضالي أوسع يهدف إلى تسليط الضوء على الاختلالات البنيوية المزمنة التي يعيشها النظام الصحي.
ودعا المكتب الوطني كافة مناضليه ومناضلات النقابة في مختلف الفروع والأقاليم والجهات إلى الرفع من وتيرة التعبئة الشاملة والمكثفة لضمان حضور “قوي ووازن” في الإنزال الوطني. وأشار البيان إلى ضرورة تحقيق الحد الأدنى للأعداد المطلوبة للحضور من مختلف جهات المملكة.
وسيتجمع المناضلون في ساحة المستشفيات قرب مستشفى ابن طفيل بمراكش، ثم تنطلق مسيرة احتجاجية سلمية نحو مقر ولاية جهة مراكش آسفي. كما شدد المكتب على ضرورة حضور المناضلين والمناضلات بالقبعات والشالات الصفراء والفوسفورية.
وفي ختام تصريحاتها، أكدت النقابة الوطنية للصحة، منذ تأسيسها عام 1979، على دفاعها عن واجهتين أساسيتين: الدفاع عن الحق في الصحة لجميع المواطنين من أجل توفير خدمات صحية جيدة وعدالة اجتماعية ومجالية، والدفاع عن تحسين الأوضاع المادية والمعنوية والاجتماعية لموظفي الصحة.
 
  
 








