المملكة المتحدة تنضم إلى داعمي الحكم الذاتي: زخم دولي متصاعد لمغربية الصحراء

لندن، 1 يونيو 2025
في خطوة تاريخية تعزز الموقف المغربي في قضية الصحراء، أعلنت المملكة المتحدة دعمها الصريح لمقترح الحكم الذاتي المغربي كـ”الحل الأكثر مصداقية وواقعية” لتسوية النزاع حول الصحراء المغربية. هذا القرار، الذي أعلنه وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي في بيان مشترك مع نظيره المغربي ناصر بوريطة، يضع بريطانيا كثالث عضو دائم في مجلس الأمن الدولي يؤيد المبادرة المغربية، بعد الولايات المتحدة وفرنسا، مما يعزز الزخم الدولي الداعم لسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية.
خلفية القرار: تحول استراتيجي
تأتي هذه الخطوة بعد سنوات من الموقف البريطاني المحايد الذي دعا إلى حل تفاوضي تحت مظلة الأمم المتحدة. ومع ذلك، تشير مصادر دبلوماسية إلى أن نقاشات مكثفة جرت بين المغرب والمملكة المتحدة، خاصة في ظل حكومة حزب العمال بقيادة ديفيد لامي، الذي أكد في أبريل 2025 أن القضية “قيد المراجعة”. هذا التحول يعكس إدراك لندن للأهمية الاستراتيجية للمغرب كشريك اقتصادي وسياسي، إلى جانب استقرار المنطقة. وفي إطار هذا الدعم، أعلنت وكالة الائتمان التصديري البريطانية (UK Export Finance) استعدادها لدعم مشاريع استثمارية في الأقاليم الجنوبية بقيمة تصل إلى 5 مليارات جنيه إسترليني، مما يعزز التنمية الاقتصادية في المنطقة.
سياق تاريخي: المغرب والصحراء
قضية الصحراء المغربية تعود جذورها إلى الاستعمار الإسباني الذي انتهى عام 1975 بتوقيع اتفاق مدريد، الذي أعاد الأقاليم الجنوبية إلى السيادة المغربية. منذ ذلك الحين، واجه المغرب مطالبات انفصالية من جبهة البوليساريو، بدعم من الجزائر، التي تسعى إلى إقامة دولة مستقلة في المنطقة. ومع ذلك، قدم المغرب عام 2007 مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، وهو المقترح الذي حظي بتأييد متزايد من المجتمع الدولي كحل وسط يحفظ الاستقرار ويضمن حقوق الساكنة المحلية.
المغرب، بقيادة الملك محمد السادس، عزز مكانته كقوة إقليمية من خلال استثمارات ضخمة في الأقاليم الجنوبية، شملت تطوير البنية التحتية، الموانئ، والمشاريع الاجتماعية. هذه الجهود جعلت من الصحراء المغربية نموذجًا للتنمية، مما دفع دولًا مثل الولايات المتحدة (2020) وفرنسا (2024) إلى تأييد المقترح المغربي، والآن تنضم المملكة المتحدة إلى هذا الزخم.
ردود الفعل: انتصار مغربي وعزلة جزائرية
البيان المشترك بين المغرب والمملكة المتحدة أثار ردود فعل متباينة. ففي المغرب، احتفت الأوساط السياسية والشعبية بهذا التأييد، معتبرة إياه انتصارًا دبلوماسيًا يعزز سيادة المملكة. وأشارت منابر إعلامية إلى أن دعم بريطانيا يعكس “تأكيدًا على مصداقية المقترح المغربي وجديته كحل سياسي”. في المقابل، عبرت الجزائر عن “أسفها” لهذا الموقف، معتبرة أن مقترح الحكم الذاتي “لم يُؤخذ على محمل الجد” من قبل مبعوثي الأمم المتحدة، في محاولة للتشكيك في الزخم الدولي المتزايد.
ومع ذلك، يرى مراقبون أن هذا القرار يعزز عزلة الجزائر دبلوماسيًا، خاصة بعد انضمام دول مثل إستونيا مؤخرًا إلى داعمي المقترح المغربي. كما أن تأييد بريطانيا، إلى جانب أعضاء آخرين في مجلس الأمن، يمنح المغرب دفعة قوية في المفاوضات الأممية، ويؤكد على الرفض الدولي للمطالب الانفصالية التي تفتقر إلى الواقعية.
تداعيات اقتصادية وسياسية
دعم المملكة المتحدة لا يقتصر على البعد السياسي، بل يمتد إلى التعاون الاقتصادي. إدراج الأقاليم الجنوبية ضمن برامج التمويل البريطاني يفتح الباب أمام استثمارات ضخمة، مما يعزز مكانة الصحراء كمركز اقتصادي إقليمي. هذا الدعم يأتي في سياق شراكة استراتيجية متزايدة بين الرباط ولندن، تشمل التجارة والاستثمار والتعاون الأمني.
نحو حل نهائي
إعلان المملكة المتحدة يمثل محطة تاريخية في مسار قضية الصحراء المغربية، مؤكدًا أن مقترح الحكم الذاتي يكتسب شرعية دولية متزايدة كحل “براغماتي وواقعي”. المغرب، الذي يواصل تعزيز سيادته عبر التنمية والدبلوماسية، يقترب أكثر من إغلاق هذا الملف نهائيًا، في ظل دعم متصاعد من القوى الكبرى. ومع استمرار الضغط الدبلوماسي، تبدو الأقاليم الجنوبية على موعد مع مزيد من الاستقرار والازدهار، فيما تتقلص مساحة المناورة أمام الطروحات الانفصالية.
الصحراء مغربية، والزمن يثبت ذلك – هكذا يردد المغاربة، وها هي لندن تضيف صوتها إلى هذا الإجماع الدولي المتزايد.