الزاوية البنّانية تنخرط في خطة “تسديد التبليغ” برؤية روحية وإصلاحية

مراكش – 26 ماي 2025 (جيل 24 )
في خطوة تعكس عمق التزامها الروحي والمجتمعي، أعلنت الزاوية البنانية، بقيادة شيخها لطف الله البناني، انخراطها العملي في خطة “تسديد التبليغ” التي يشرف عليها المجلس العلمي الأعلى تحت الرعاية السامية لأمير المؤمنين، جلالة الملك محمد السادس.
جاء هذا الإعلان في رسالة وجهها الشيخ البناني إلى وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، الأستاذ أحمد التوفيق، رداً على مضامين محاضرته القيمة التي ألقاها في مدينة مراكش يوم 17 ماي 2025، والتي أكدت على الأدوار التاريخية والتربوية للزوايا في بناء الإنسان وهداية المجتمع.
التزام بروحية وأخلاقية
أشادت الزاوية البنانية بالرؤية التي قدمها الوزير التوفيق، والتي شددت على ضرورة تعزيز الدور التربوي للزوايا في إطار مشروع إصلاحي ديني شامل. وفي تأكيد ضمني لمقولة الشيخ أبي بكر البناني الخالدة: “بناء الإنسان قبل بناء الحيطان“، جددت الزاوية التزامها بجعل التكوين الروحي والأخلاقي أولوية في مساهمتها بورش “تسديد التبليغ“. هذا المشروع، الذي يهدف إلى تجاوز التبليغ الشكلي للدين نحو تأطير يجمع بين العمق الروحي والوعي بالتحديات المعاصرة، يجد في الزوايا الصوفية المعتدلة ركيزة أساسية لتحقيق أهدافه.
التزامات عملية لخدمة المجتمع
أعلنت الزاوية البنانية عن جملة من الالتزامات العملية التي تعكس رغبتها في المساهمة الفعالة في هذا الورش الوطني، وتشمل:
- تنظيم مجالس الذكر والتكوين: استثمار الخبرة التربوية والعرفانية للزاوية في عقد مجالس للذكر والتوعية، تهدف إلى تعزيز القيم الروحية والأخلاقية.
- تأهيل الشباب: تكوين الطاقات الشابة علميًا وروحيًا، داخل المغرب وخارجه، ليكونوا قادة تبليغ يعتمدون القدوة الحسنة أكثر من الخطاب.
- التعاون المؤسساتي: الانفتاح على المجالس العلمية وغيرها من المؤسسات الرسمية لتبادل الخبرات والتنسيق من أجل تحقيق أهداف مشتركة.
- خطاب ديني إيجابي: الاستفادة من الرصيد الجمالي والعرفاني للزاوية لبناء خطاب ديني متجدد، يعيد الثقة في الدين ويتصدى للتحديات السوسيوثقافية.
الزوايا: من الطقوس إلى الإصلاح
يرى متتبعون أن موقف الزاوية البنانية يجسد نموذجًا للمواكبة التي ينبغي أن تطبع علاقة الزوايا بالمشاريع الوطنية. فلم تعد هذه المؤسسات الروحية منغلقة على طقوسها التقليدية، بل أصبحت شريكًا فاعلاً في بناء خطاب ديني أصيل، مدفوعة بإرثها الروحي العميق وشرعيتها المجتمعية.
ويؤكد العارفون بالمجال الصوفي المغربي أن مساهمة الزوايا لم تعد ترفًا رمزيًا، بل ضرورة ملحة في زمن تتداخل فيه التحديات الروحية والاجتماعية، حيث يتطلب الأمر خطابًا دينيًا يجمع بين الأصالة والتجدد.
رؤية إصلاحية متجذرة
تأتي خطة “تسديد التبليغ” لتؤكد على أهمية الزوايا كفضاءات تربوية وروحية، قادرة على تجاوز النمطية في التبليغ الديني إلى تربية شاملة تهتم بالإنسان وبالمجتمع. وفي هذا السياق، يبرز دور الزوايا المعتدلة، مثل الزاوية البنانية، كقوة فاعلة في تعزيز القيم الإسلامية الأصيلة التي تدعو إلى التسامح، الاعتدال، والانفتاح.
خاتمة: دعوة إلى التجدد الروحي
إن انخراط الزاوية البنانية في خطة “تسديد التبليغ” يعكس رؤية واعية تجمع بين الإرث الصوفي العريق والطموح الإصلاحي الحديث. وفي ظل الرعاية السامية لأمير المؤمنين، تبرز الزوايا كشريك أساسي في بناء مجتمع متماسك، يستلهم قيمه من الروحانية الإسلامية الأصيلة. وبهذا الالتزام، تؤكد الزاوية البنانية أن بناء الإنسان الروحي والأخلاقي هو السبيل لبناء مجتمع قوي، متجذر في قيمه، ومتطلع إلى مستقبل مشرق.
