الرئيس يتراجع.. كوريا الجنوبية تدخل أزمة سياسية حادة بعد “الأحكام العرفية”

هزت كوريا الجنوبية خلال الساعات الماضية أزمة سياسية كبيرة بعدما أعلن الرئيس يون سوك يول فرض الأحكام العرفية لبضع ساعات قبل أن يتراجع أمام رفض البرلمان لها.
نشير الى ان الرئيس الكوري الجنوبي يوجه حاليا، دعوات للاستقالة بعد “أزمة الأحكام العرفية”، لكن المطالبات بتنحيه ليست جديدة، وفق تقارير إعلامية غربية تحدثت عن انتهاك زوجته لقانون مكافحة الفساد.
ففي خطوة أثارت احتجاجات بالقرب من مبنى البرلمان، أعلن يون الأحكام العرفية لأول مرة منذ أكثر من 45 عاما بالبلاد.
وجاء إعلان الرئيس المفاجئ ليل الثلاثاء-الأربعاء في أوج أزمة سياسية بينه وبين المعارضة حول الميزانية.
وإثر قرار الرئيس سارعت الجمعية الوطنية التي تهيمن عليها المعارضة إلى التصويت على رفع الأحكام. وتمكن نحو 190 نائبا من أصل 300 من دخول البرلمان وصوتوا بالإجماع لرفع الأحكام العرفية. لكن الجيش أعلن أنه لن ينفذ قرارها إذا لم يأمره الرئيس بذلك.
وفي نهاية المطاف، صادقت الحكومة ليلا على رفع الأحكام العرفية، وفق ما أفادت وكالة “يونهاب”.
وخرج يون في خطاب متلفز أعلن فيه رفع الأحكام العرفية، وقال: “قبل قليل، كان هناك طلب من الجمعية الوطنية برفع حالة الطوارئ، قمنا بسحب الجيش الذي نشر لتطبيق عمليات الأحكام العرفية. سنقبل طلب الجمعية الوطنية ونرفع الأحكام العرفية”.
وكان مبنى البرلمان أغلق بعد فرض الأحكام العرفية، وحطت مروحيات على سطحه. وتولى قائد الجيش الكوري الجنوبي الجنرال بارك آن-سو مسؤولية تنفيذ قانون الأحكام العرفية، وأصدر مرسوما بحظر كل النشاطات السياسية.
ودخل جنود ملثمون إلى البرلمان لفترة وجيزة، بينما تواجه المئات خارجه مع قوات الأمن المكلفة حماية المبنى وهم يهتفون “أوقفوا يون سوك يول”.
وهددت المعارضة الكورية الجنوبية بعزل الرئيس إن لم يقدم استقالته، وقال الحزب الرئيسي المعارض في كوريا الجنوبية الذي يتمتع بأغلبية برلمانية الأربعاء في بيان إنه “إذا لم يستقل الرئيس فورا، فإن الحزب الديمقراطي سيطلق في الحال إجراءات عزله”.
بدوره، اعتبر زعيم الحزب الحاكم قرار يون فرض الأحكام العرفية مأسويا، داعيا إلى محاسبة كل المسؤولين عن هذه المحاولة الفاشلة.
أما أكبر اتحاد للعمال في البلاد فدعا إلى إضراب عام مفتوح إلى حين استقالة الرئيس. وقال الاتحاد الكوري لنقابات العمال إن رئيس الجمهورية اتخذ “إجراء غير عقلاني ومناهضا للديمقراطية وبالتالي وقع وثيقة نهاية حكمه”.
في غضون ذلك، قدم عدد من كبار معاوني الرئيس الكوري الجنوبي استقالاتهم بشكل جماعي الأربعاء بعد فشل محاولته فرض الأحكام العرفية في البلاد، بحسب ما أفادت “يونهاب”.
وفي ردود الأفعال الدولية، أعربت الولايات المتحدة، الحليف الرئيسي لسيئول عن ارتياحها لتراجع يون عن قراره فرض الأحكام العرفية.
بدوره، أعلن رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا الأربعاء أن بلاده تتابع “بقلق بالغ واستثنائي” الوضع في سيئول، فيما حضت الصين، مواطنيها في كوريا الجنوبية على التزام أقصى درجات الحيطة.
من جهة اخرى و على خلفية المحاولة الفاشلة لفرض الأحكام العرفية في البلاد، أعلن وزير الدفاع الكوري الجنوبي كيم يونغ هيون اليوم الأربعاء استعداده للاستقالة، حسبما أفادت وكالة “يونهاب”.
وقالت الوكالة: “وزير الدفاع كيم يونج هيون اعتذر للمواطنين وقدم طلب استقالة للرئيس يون سيوك يول”.
وفي بيان وزعه على وسائل الإعلام، تبنى الوزير “المسؤولية الكاملة عن الوضع المتعلق بالأحكام العرفية”، وقال إنه “هو من نصح شخصيا الرئيس بفرض الأحكام العرفية وأنه يشعر بالمسؤولية تجاه المواطنين الذين أربكهم هذا القرار”.
وأكد كيم أيضا أن جميع العسكريين الذين شاركوا في تطبيق نظام الأحكام العرفية لم يقوموا بذلك إلا بناء على أوامره، لذلك يجب أن يتحمل هو وحده المسؤولية عما حدث.
جاءت خطوة كيم بعد أقل من ساعة على تقديم الحزب الديمقراطي المعارض اقتراحا إلى مكتب التشريعات في الجمعية الوطنية لعزل وزير الدفاع على خلفية محاولة فرض الأحكام العرفية.
ومن المتوقع أن تقدم المعارضة الاقتراح إلى الجلسة البرلمانية العامة غدا الخميس، إلى جانب اقتراح عزل الرئيس يون الذي قدمته أحزاب المعارضة في وقت سابق اليوم، حيث سيطرحان للتصويت يوم الجمعة أو السبت.
وتخطط لجنتا الدفاع والشؤون الداخلية في البرلمان لعقد جلسة طارئة غدا الخميس لاستجواب مسؤولي الدفاع المتورطين في محاولة فرض الأحكام العرفية، بمن فيهم وزير الدفاع وقائد الأحكام العرفية بارك آن سو.
فقد اتهمت زوجة يون سيوك يول، السيدة الأولى كيم كيون هي، العام الماضي بقبول حقيبة “كريستيان ديور” بقيمة 2200 دولار كهدية، وهو انتهاك محتمل لقانون مكافحة الفساد في كوريا الجنوبية، والذي يحظر على المسؤولين وزوجاتهم تلقي هدايا تزيد قيمتها عن 750 دولارا فيما يتعلق بواجباتهم العامة.
وبدأ الجدل في نوفمبر الماضي، عندما ظهر مقطع فيديو تم تصويره سرا على الإنترنت يزعم أنه يظهر كيم تتلقى “حقيبة ديور” زرقاء اللون من قس أمريكي كوري، يدعى تشوي جاي يونغ.
وسمع صوت السيدة الأولى في الفيديو عندما قدمت لها الهدية: “لماذا تستمر في إحضار هذه؟ من فضلك، لست بحاجة إلى القيام بذلك”، ولا يظهر الفيديو السيدة وهي تأخذ الحقيبة، على الرغم من رؤية حقيبة موضوعة على الطاولة بينما يواصلان محادثتهما.
وفي الشهر الماضي، قررت السلطات عدم توجيه اتهامات للسيدة الأولى بشأن مزاعم قبول الهدايا بشكل غير لائق بما في ذلك حقيبة اليد، حسبما ذكرت وكالة أنباء يونهاب.
لكن الرئيس يون اعتبر أن الفيديو كان “حيلة سياسية” تهدف إلى التأثير على انتخابات التجديد النصفي- التي فازت بها المعارضة بأغلبية ساحقة، والتي ينظر إليها على نطاق واسع على أنها استفتاء على حكمه.
من الجدير ذكره، أن الرئيس الكوري الجنوبي يون، كان جزءا من فريق التحقيق الخاص الذي وجه الاتهام إلى أول زعيمة للبلاد، بارك كون هيه، لتي تم عزلها في عام 2017 بعد احتجاجات جماهيرية على تدخل صديقتها المقربة في شؤون الدولة، وقد تعهد بمواصلة مكافحة الفساد بصفته رئيسا.