الداكي: بلادنا خطت خطوات جبارة في إصلاح منظومة العدالة

قال الوكيل العام للملك رئيس النيابة العامة، الحسن الداكي، إن “بلادنا خطت خطوات جبارة في إصلاح منظومة العدالة برعاية ملكية سامية”، مسلطا الضوء على المرتكزات التي تسعى رئاسة النيابة العامة إرسائها بالتنسيق مع المسؤولين القضائيين ومصالح الدرك الملكي، مشددا على أن النيابة العامة لا يمكن أن تُفعل صلاحياتها الدستورية مساعدة الشرطة القضائية
وأوضح الداكي في كلمة له بمناسبة اللقاء التواصلي مع المسؤولين القضائيين ومصالح الدرك الملكي، المنعقد السبت 12 يونيو الجاري، أن المغرب خط خطوات جبارة في إصلاح منظومة العدالة برعاية ملكية سامية، ولعل الأهداف المسطرة لهذا اللقاء تشكل لبنة أخرى من لبنات استكمال هذا الإصلاح.
وأضاف المسؤول القضائي أنه التوصيات والمقترحات التي سيخلص لها اللقاء يمكن أن تشكل مصدر إلهام للمشرع، ما دامت تستمد مرجعيتها من المواثيق الدولية ذات الصلة بالمحاكمة العادلة وحقوق الإنسان، وتسعى بالأساس لتجويد تنفيذ النصوص القانونية وتطويعها بما يخدم الوطن والمواطن، ويحقق طموحه المشروع في عدالة فعالة، سريعة، نزيهة، في مستوى تطلعاته.
وأشار المتحدث ذاته، إلى أن رئاسة النيابة العامة ستعمل على إحداث لجنة للتنسيق على المستوى المركزي من أجل تتبع مخرجات هذا اللقاء وتفعيل توصياته، وإيجاد الحلول لجميع الإشكاليات المطروحة.

وأضاف بلاغ لرئاسة النيابة العامة، أن هذا اللقاء التواصلي والدراسي والتنسيقي الذي لا شك أنه سوف يؤسس لمحطات ولقاءات قادمين من التعاون والتنسيق حول كل المهام المشتركة بين النيابة العامة ومصالح الدرك الملكي التي تباشر عمل الشرطة القضائية في أفق معالجة مرتكزات مهمة من بينها التأسيس لتواصل مستمر بين مكونات النيابة العامة والشرطة القضائية لتقييم مستوى أداء مهامهم ووضع استراتيجية العمل المشترك فيما بينها، وتحسين مستوى الولوج للعدالة وتجويد الخدمات المقدمة لمرتفقي العدالة، مع بحث سبل وآليات تجويد الأبحاث القضائية وتكريس الحقوق المنصوص عليها قانونا خلال هذه الأبحاث، إلى جانب دراسة تحديد الزمن القضائي المناسب من خلال السعي إلى إنجاز الأبحاث القضائية ودراسة المساطر المنجزة في أجل معقول تحدد مدته التقريبية والمفترضة، بالإضافة إلى دراسة مختلف الخيارات للمساهمة في تخليق الحياة العامة لا سيما ما يتعلق بالعدالة ووضع تصورات وآليات لذلك، وضع خطة مشتركة للتكوين المستمر في مجال الأبحاث القضائية والنجاعة القضائية.
وأشار الداكي، في كلمته، إلى أنه “إذا كانت النيابة العامة هي الجهة القضائية التي خولها القانون صلاحية الإشراف على الأبحاث الجنائية وتسييرها والاستعانة بضباط الشرطة القضائية للتثبت من وقوع الجرائم وجمع الأدلة، وإيقاف مرتكبيها، فإنهم أي ضباط الشرطة القضائية بمختلف رتبهم ودرجاتهم يشكلون أذرع وأعين النيابة العامة في إحاطتها بكل تفاصيل الجرائم المرتكبة ومقترفيها ومشاركيهم أو المساهمين معهم في ارتكابها، وهم الساهرون أيضا على تحرير المحاضر والإجراءات التي ترتبط بذلك”.
وشدد المتحدث ذاته، على أن النيابة العامة لا يمكن أن تُفعل صلاحياتها الدستورية والقانونية بالشكل المطلوب دون عمل ومساعدة الشرطة القضائية.
وأورد أن هذا اللقاء، فرصة لا تعوض من أجل تبادل الأفكار والرؤى حول العمل، والتنسيق المشترك بين النيابة العامة والشرطة القضائية على مستوى تدبير الأبحاث والإجراءات الجنائية والرفع من مستوى التنسيق والتعاون لتجويد الأداء والارتقاء بتقديم خدمة أفضل للمواطن والوطن على حد سواء.
واعتبر أن هذا اللقاء فرصة متميزة من أجل تشخيص الوضع القائم لمهام النيابة العامة والشرطة القضائية لشرعية الأبحاث القضائية بغية تثمين مكامن القوة ومعالجة مكامن النقص، وهو مناسبة أيضا لرصد الصعوبات والإكراهات التي تواجه سلطات إنفاذ القانون في الممارسة العملية، ومحاولة إيجاد حلول واقعية لها، تستمد أساسها من الإطار القانوني المنظم للأبحاث الجنائية، وإضفاء لمسة وبعد حقوقي على هذه الأبحاث، بما يكفل تحقيق التوازن المنشود بين مكافحة الجريمة والحفاظ على أمن المجتمع من جهة، وصيانة الحقوق والحريات وكفالة كرامة المواطنين من جهة ثانية.
وقال المسؤول ذاته: إن “المسؤولية الدستورية الملقاة على عاتقي بصفتي رئيسا للنيابة العامة جعلتني أضع على رأس أولوياتي تنفيذ التعليمات الملكية السامية الرامية إلى حماية الحقوق والحريات والدفاع عن الحق العام والذوذ عنه، في تلازم بين الحقوق والواجبات”.
وتابع: “ومن تم أعتقد أن الوفاء بالقسم الواجب، وترجمة التعليمات الملكية السامية على أرض الواقع يقتضي أن يشعر المواطن عموما والمتقاضي على وجه الخصوص بنتائج وثمار العمل الذي نقوم به على المستوى المركزي، ولتحقيق ذلك لابد من تكاثف الجهود بين جميع الفاعلين في حقل العدالة الجنائية لنيل ثقة المواطن سواء على المستوى المركزي أو المحلي أو الجهوي”.
واستطرد: “إن العلاقة التي تجمع النيابة العامة بالشرطة القضائية عموما، هي علاقة مبنية على احترام المقتضيات القانونية التي تؤطر مجالهما المشترك وهو إنجاز الأبحاث الجنائية وإحالتها على العدالة، وهي مهمة يتم القيام بها ولله الحمد بتنسيق كامل وسلاسة، وثقة متبادلة، واحترام تام للضوابط القانونية، إلا أن الممارسة تكشف باستمرار عن بعض الثغرات القانونية، أو الصعوبات العملية وهو الأمر الذي يقتضي تشخيص الوضع القائم بخصوص تدبير الأبحاث والإجراءات ورصد مكامن القوة والضعف فيها، كما يقتضي دراسة سبل رفع جودة تدبير هذه الأبحاث، ومواكبة التزامات المغرب الدولية وتوجهاته الاستراتيجية عبر تكريس وتقوية دعائم الحقوق والحريات في الأبحاث القضائية، ودراسة سبل تكريس القيم والمبادئ الأخلاقية في تدبير المهام المشتركة بين النيابات العامة والشرطة القضائية، فضلا عن تحسين ولوج المرتفقين للعدالة وتطوير آليات التواصل معهم”.
وخلص إلى أن “هذه النقاط التي ستشكل صلب المحاور التي ستناقشها الورشات التي ستلي هذه الجلسة الافتتاحية، والتي تعرف حضور مسؤولي المصالح المركزية والجهوية للدرك الملكي والوكلاء العامين للملك لدى محاكم الاستئناف، بهدف تبادل التجارب ووجهات النظر ومناقشة التفاصيل التقنية، من خلال استحضار الإكراهات واستنباط الحلول، للخروج بتوصيات واقتراحات توحد الرؤى، وتصب أساسا في خدمة المواطن”.