الحاجة مجيدة : حديقة حي الزيتون… نموذج للتحول البيئي والمجتمعي

في قلب حي الزيتون، تروي الحاجة مجيدة، إحدى سكان الحي، قصة تحول ملهمة للحديقة العامة التي باتت رمزًا للنظافة والجمال. كانت الحديقة في السابق تعاني من الإهمال، لكن بفضل جهود السكان والجيران، وبدعم من فعاليات محلية، أصبحت اليوم واحة خضراء تعكس روح التعاون والمسؤولية المجتمعية. “شوفي بحتي كيفاش كانت هذ الحديقة كيفاش ولات تبارك الله”، تقول الحاجة مجيدة بفخر، مشيرة إلى التغيير الجذري الذي شهدته الحديقة.
لم يقتصر تأثير هذا التحول على الجانب الجمالي فحسب، بل امتد إلى تحسين السلوكيات الاجتماعية. في السابق، كانت الحديقة مكانًا لتجمعات الشباب على الأرصفة، مصحوبة بألفاظ غير لائقة، مما كان يسبب إحراجًا للسكان. أما اليوم، فقد ساهمت الحديقة النظيفة والمنظمة في تقليل هذه المشكلات، لتصبح فضاءً آمنًا يعزز الراحة النفسية والاجتماعية. “نقصت علينا شحال المشاكل”، تضيف الحاجة مجيدة، مؤكدة أن البيئة النظيفة تسهم في تهذيب السلوك العام.
ترى الحاجة مجيدة أن النظافة ليست مجرد واجب مدني، بل قيمة دينية وأخلاقية عميقة. تستشهد بحديث شريف: “إن الله جميل يحب الجمال والنظافة من الإيمان وابنتي والإيمان يدعو إلى الجنة”، لتؤكد أن العناية بالبيئة المحيطة تعكس رقي الفكر والروح. وتشدد على أن الحي هو “دارنا الأولى”، ويجب أن يكون أنظف من المنزل الشخصي، لأنه المرآة التي تعكس هوية المجتمع أمام الجميع.
من وحي تجربتها، تقترح الحاجة مجيدة فكرة تنظيم مسابقة بلدية بين الأحياء، تديرها الجمعيات بالتعاون مع المجلس البلدي. الهدف ليس التحفيز المادي، بل تعزيز الاعتزاز بالحي كفضاء مشترك. “الإنسان خصو يكون راقي في فكر”، تقول، داعية إلى جعل حي الزيتون نموذجًا يحتذى به في جميع الأحياء. هذه المسابقة، حسب رؤيتها، ستشجع على التنافس الإيجابي لتحسين المساحات العامة، مما يعود بالنفع على المجتمع بأسره.
تستشهد الحاجة مجيدة بحكمة قديمة تقول إنه عند صبغ واجهة المنزل، يجب استشارة الجار لأنه هو من سيستregistrer: “كل بشهوتك بشه الناس”. هذه الفلسفة تعكس رؤيتها بأن جمال الحي هو مسؤولية مشتركة، تفيد الجميع وتعزز الانتماء المجتمعي.
نجاح حديقة حي الزيتون لم يكن ليتحقق لولا التعاون بين السكان، الجمعيات، والجهود الفردية مثل “الأستاذ” الذي كان له دور بارز. تؤكد الحاجة مجيدة أن هذا التعاون هو مفتاح التغيير، داعية إلى تعميم هذه التجربة عبر مبادرات مجتمعية تشجع على العناية بالبيئة المحيطة.
حديقة حي الزيتون ليست مجرد مساحة خضراء، بل نموذج حي لكيفية تحويل الفضاءات العامة إلى مصادر إلهام وفخر. من خلال التعاون والوعي المجتمعي، يمكن لكل حي أن يصبح “دارنا الأولى”، كما تصفه الحاجة مجيدة، مكانًا يعكس جمال الروح الإنسانية ويعزز جودة الحياة للجميع.