التدوينة التي أسقطت قناع صاحبها

خرج عبدالمقصود الراشدي القيادي بحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في الأيام الاخيرة بتدوينة يستنكر فيها الحيف و الظلم الذي تعرض له كعضوٍ للمكتب السياسي ، إثر نشر بيان هذا الأخير في الصحافة ، و الذي لم يتضمن على حد قوله ، كل ما كان يتبناه السيد الراشدي من أفكار و مواقف ، كان من الضروري و المستعجل التطرق اليها.
في قراءة سريعة وسطحية لمضمون التدوينة وقراءة دقيقة وموضوعية لبيان المكتب السياسي، نسجل :
ان البيان تضمن كل الأفكار الذي صيغت في التدوينة، ليس بنفس التعبير و لكن بنفس المضمون او اكثر وأعمق في بعض الاحيان…
البيان وثيقة سياسية شاملة وهذا ما أكد عليه كل الاتحاديات والاتحاديين ، وكل المتتبعين الموضوعيين للشأن السياسي ببلادنا …
والأسئلة التي تطرح نفسها بالحاح :
ما الجدوى من هذا التصعيد على صفحات التواصل الاجتماعي وأمام العموم؟ لمصلحة من هذا التصعيد ؟ ماهي خلفيات وأهداف هذا التصعيد ؟ لماذا هذا التشويش على الاتحاد الاشتراكي وفي هذه اللحظة بالذات ؟ لماذا تكلم اليوم عبد المقصود الراشدي وهو الذي خرس في كل الأزمنة وفي كل المحطات النضالية الحاسمة التي خاضها حزبنا ؟ هل تكلم الراشيدي بلسانه ام بألسنة خفية ؟ …
نوضح بدءا أننا لن نناقش هذه التدوينة التي كتبها الراشدي ، لن نناقشها نقاشا سياسيا ؛ فهي لا تحمل أي عرض سياسي ؛ الخواء عنوانها والفراغ مضمونها…لم تصدر عن وعي سياسي مؤسس على رؤية معرفية وتصور واضح…وقبل هذا وذاك نستحيي ان نقول انها صادرة عن عضو في المكتب السياسي الذي من المفروض أنه يمثل نخبة وقيادة حزب عتيد وأصيل …اذن التدوينة لا تستحق نقاشا سياسيا ، فهي تدوينة بئيسة غارقة في استيهامات الذات…
بؤس التدوينة وتدوينة البؤس
مرة أخرى نتساءل مع مناضلات ومناضلي الاتحاد الاشتراكي ؛ لماذا هذه التدوينة ؟ ما الهدف منها ؟ ولماذا في هذه الآونة ؟ ولماذا استعمال مواقع التواصل الاجتماعي دون غيرها …. الى غير ذلك من الأسئلة التي اجمع الاتحاديون عليها و عبر بعضهم عنها كتعليقات (تم مسحها من تدوينته… دليل على عدم استعداده للنقاش).
البداية من الخاتمة
سنبدأ بما ختم به السيد الراشدي تدوينته : مناشدته لكاتبه الاول المحترم التحلي بالمسؤولية و التفكير الجماعي في مستقبل الحزب ( ياك أسيدي ).
نتساءل مع كل الاتحاديات والاتحاديين ؛ ما هو مفهوم المسؤولية عند ع المقصود ؟ ما معنى المسؤولية في قاموس الراشدي ؟
هل المسوولية هي أن ينشر قيادي في مؤسسة ما تعليقا على بيان صدر عن نفس الموسسة ، تعليقا مسموما يسيء الى صاحبه …هل المسؤولية ان يصف عضو المكتب السياسي البيان بالمهزلة ؟! هزلت عندما عندما يتسلل أمثالك الى القيادة ….أم المهازل ؟!
هل التفكير الجماعي في مستقبل الحزب يعني عندك نشر الأحقاد والتفاهات ؟!هل من التماسك والوحدة الحزبيين ان ينعت قيادي مناضلي حزبه بالزبانية؟ أو ان يصف المؤسسة التي يتواجد فيها وهو جزء من قيادتها بالضيعة؟ أليست هذه اساءة لكل مواثيق الأخلاق و النبل السياسي. أليس هذا من أعراض التيه والهبل ؟! الا ينم هذا السلوك وهذا الاسهال عن لاوعي او عن وعي شقي …عندما يغيب العقل يحضر الخرف والهذيان…
ان الرهان اليوم واضح للغاية ، غير قادر على مداراة نفسه ؛ هذا الحزب محتاج لكل الاتحاديات والاتحاديين ؛ محتاج للقادرين على الدفاع عنه ، المستعدين لبنائه والصعود به ، المفتخرين بالانتساب إليه ، المصارحين بحقائقه كلها ، صعبها وسهلها ، حلوها ومرها ، لكن المنتمين له لا الى جهة أخرى..
هذا الحزب لا يحتاج الى تدوينات مغالطة تروم استبلاد الاتحاديات والاتحاديين ، بدغدغة عواطفهم ومشاعرهم : المصرح به هو الدفاع عن الحزب بتاريخه ومبادئه ، المصرح به الذي تفضحه ممارسات وسلوكات تخريبية وتدميرية باساءات تمليها نزوعات ونزوات شخصية غارقة في الذاتوية ، وتمليها جهات ، وهي كثر ، أزعجها ويزعجها حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، جهات تخاف اليوم ، كما خافت بالأمس من قوة هذا الحزب بتضحياته ومبادئه ، بقيمه واجتهاداته ….ان المفكر فيه من خلال التدوينة المقصودية هو غير المصرح به والمعلن عنه ؛ فالتدوينة هنا وسيلة للاخفاء والتمويه…..
عبد المقصود الراشدي يعدنا بالصدق والمستقبل؟! فهو فقط يريد اتحادا مبادرا ، وحزبا سياسيا قويا ، قوة اقتراحية وقوة انتخابية !!!
لن ننشغل بالحديث عن قوة الحزب ولا عن قوته السياسية والاقتراحية …لماذا ؟
التدوينة جوفاء بدون لون ولا طعم ، بدون أفكار أو اقتراحات ….هي كلام في كلام ، لغو وهراء…واذا عرف السبب بطل العجب ففاقد الشيء لا يعطيه !
فبحث عابر في سيرة ع المقصود السياسية ، يكشف ادعاء الراشدي ؛ فلم يسبق للرجل أن فكر سياسيا ابدا ، وما زال لم يفكر بعد ! لم يسبق له ان أنتج او قدم اقتراحات ، بل نعدم عنده اقتراحا واحدا طول مساره الحزبي ؛ بحثنا وبحثنا فلم نجد له ورقة او وريقة يطرح فيها طروحاته السياسية وبدائله الثورية….
واذا كان عبد المقصود الراشدي أثار موضوع المنازلة الانتخابية فلا بأس من تذكيره ببعض الحقائق التي حاول طمسها ( واذكر ربك اذا نسيت )
دائرة الحي المحمدي شاهدة على المهزلة :
سنذكره اذن بالانتخابات التشريعية السابقة في دائرة الحي المحمدي : هذه الدائرة الاتحادية التي فاز الاستاذ عبدالكبير طبيح بمقعدها البرلماني عدة مرات ، واللتي ترشحت فيها حسناء ابو زيد في الانتخابات الجهوية 2015 وبذلت مجهودا ماديا و معنويا كبيرا استعدادا للانتخابات التشريعية انتهى بفوز أخيه الصغير في الضيعة بمقعد في المجلس الجماعي (لن يسعنا هذا المقال لان نتكلم عن الضيعة الحقيقية لآل الراشدي ). هذا الفوز الذي فتح شهيته مرة أخرى لمقعد برلماني طالما تمناه وحلم به ، فطَرد حسناء ابو زيد من الترشح في الدائرة بالشعار المعروف “التنظيم الحزبي أو المرشح المظلي ” و ماكان على الحزب آنذاك إلا الإمثتال لهذا الإبتزاز حفاظا عن التنظيم الحزبي. بطبيعة الحال لم يستطع الفوز بالمقعد ، حاله في المرات السابقة ، لنطارده لعنة الهزيمة المزمنة في الانتخابات التشريعية وان لا تطأ قدماه البرلمان و لن تطأ ابدا ….
لماذا نقف عند هذه المحطة ونسجل هذه الحقائق ؟
انها المرة الوحيدة التي تواضع فيها السيد الراشدي وتذكر حزبا اسمه الاتحاد الاشتراكي ، فأبدع تدوينة متعلقة بحزبه ، فنشرها عبر صفحات الفيسبوك !
فرجوعا إلى كل تدوينات هذا القائد منذ أن فتح حسابه الافتراضي في 2014 ، لا نجد تدوينة واحدة ، أقول تدوينة واحدة وواحدة فقط ، يدافع فيها الراشدي عن حزبه ويواجه من خلالها الخصوم والأعداء !
غياب كلي وملغوم لجملة أو شبه جملة توثق لنشاط او تظاهرة او موقف حزبي باستثناء تلك التي يبكي فيها خسارته في 2016 !
فلماذا الْيَوْمَ يريد تصريف وتسويق احقاده على الفيسبوك ؟! وهو الذي لم يسبق له ان كتب تعليقا واحدا دفاعا عن حزب هو فيه قيادي مدة ثماني سنوات ! وكأن هذا الحزب الذي هو فيه عضو بمكتبه السياسي منذ 2012 ، لم يقدم أي شيئٍ منذ ذلك الزمن ، توقف عن المبادرات بل توقف عن الحياة : هذا الحزب لم ينظم أية تظاهرة ،لم يدخل أية معركة ، لم يصدر تقريرا او ينتج ورقة ، لم يخرج ببلاغ او بيان منذ ثماني سنوات !!!
بحثناعن قائدنا في اللقاءات الصحفية للندوات و التظاهرات والمعارك التي خاضها حزبه فلم نجد له اثرا ….اختفى في كل اللحظات والمحطات الحاسمة اختفاء مطلقا، اختفاء يبعث على شكوك ووساوس…الحزب أنتج اوراق سياسية توجيهية ، أنتج برامج انتخابية ، أنتج أفكارا وطرح بدائل بأفق مستقبلي ، قدم ارضيات وتصور سياسي ناجع للنموذج التنموي الجديد….بحثنا عن ع المقصود الراشدي فوجدنا السراب … بحثنا له عن عرض سياسي ، او تأطير ندوة ، او ورقة من امضاءه … لم نجد له حضورا … بالنسبة اليه الحزب أصيب بالجمود والعقم طيلة هذه السنين ، ولم يستيقظ الا على بيان لم يتضمن كل المواقف الثورية التي يناضل و يصبو اليها الراشدي ، وفي تدوينته سقط باقي أعضاء المكتب السياسي و كل المناضلات و المناضلين في الخطيئة الكبرى ، في أم الكبائر والمهازل … ما دفعه الى التشهير بهم و بحزبهم امام الجميع بذريعة انقاذ الحزب واستعادة مكانته … وليطمئن ع المقصود الراشدي فالحزب يحتاج الى انقاذ حقيقة لا تدوينة، وذلك بالتطهير والتنظيف ، تنظيف المكتب السياسي من وباء قيادة شاردة ومسخرة
اليوم يطل علينا القائد الراشدي بعد 8 سنوات، ويستيقظ من سبات استغرق ثمانية سنوات ، يخرج من الصمت المشبوه والانسحاب الاختياري او الالزامي ، يخرج ليملأ حزبنا ثورية وجهادا ، وليؤسس ميثاق الانتفاضة والنهوض ، وليعلن ميلاد الحقوق والحريات ! يخرج ليعلن امام الملأ انه النبي الجديد والمهدي المنتظر ، يخرج في زمن كورونا وفي زمن الرحيل ، رحيل فقيد الحزب وفقيد الوطن والبشرية جمعاء …يخرج ليعلن بأنه العوض ، فهو من يختزل عبد الرحمان وعبد الرحيم وعمر. والمهدي …بل يختزل غيفارا وغرامشي وماو وهوشي منه ولينين وثوار الكون اجمعين… انه المنقذ الذي لا يهمه سوى “انقاذ الحزب والإسهام الجدي المعهود فيه وفي كوادره الفكرية والسياسية في تقديم عرض سياسي اقتصادي اجتماعي ثقافي وطني مقْنِع ومؤثر، وفي تجديد التعاقد بين الدولة والمجتمع على أساس الوطنية والمواطَنة “على حد تعبيره . انتبهوا معشر الاتحاديات والاتحاديين ! لقد اكتشفنا في ع المقصود الراشدي نبيا ومنقذا ، مفكرا ومنظرا ، محبا وغيورا ، وطنيا ومواطنا ، ناقدا ومنبها ….توقفوا عن إنتاج الأفكار والأطروحات والاوراق …توقفوا عن اصدار البلاغات والبيانات …توقفوا وانتظروا ما سيجود به علينا الراشدي من الهام ووحي …طبعا لم يسبق له أن فكر ، لكنه عازم اليوم على التفكير والإبداع ، والبداية كانت التدوينة اياها !
للتذكير فقط
قوانين الحزب التي أصبحت في قيادته تفرض انتخاب الكاتب الاول و المجلس الوطني مباشرة من المؤتمر الوطني… ومن يرى في نفسه من أعضاء المجلس الوطني التطوع وإمكانية الاشتغال مع الكاتب الاول المنتخب من طرف المؤتمر ، يترشح امام المجلس الوطني للمكتب السياسي … وفي حالة ما اذا تعارضت قناعات عضو المكتب السياسي المنتخب من طرف المجلس الوطني مع الكاتب الاول المنتخب من طرف الموتمر الوطني ، وجب على الاول صياغة رسالة استقالة من المكتب السياسي و الرجوع للمعارضة في المجلس الوطني.. لا الخروج بغسيله امام العموم بذريعة انقاذ الحزب….
انتظر انعقاد المجلس الوطني لتكون الإقالة بطعم الطرد ! انتظر …انتظروا …انتظرن !!!!

مناضل اتحادي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى