احتفالية التبوريدة في الدار البيضاء: شباب يعانقون تراث المغرب بروح الفروسية!

الدار البيضاء – مراسلة خاصة
في أجواء نابضة بالحماس والفخر، احتضنت المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير (ENCG) بالدار البيضاء، التابعة لجامعة الحسن الثاني، احتفالية استثنائية لتكريم فن التبوريدة، الجوهرة التراثية التي تزين تاريخ المغرب العريق. هذا الحدث، الأول من نوعه، لم يكن مجرد مهرجان ثقافي، بل مغامرة شبابية أعادت إحياء روح الفروسية، وربطت الشباب بجذورهم الثقافية بطريقة مبهرة وملهمة.
التبوريدة: فن الانسجام والقوة
التبوريدة، أو “فن البارود” كما يسميها البعض، ليست مجرد عرض للخيول والفرسان، بل لوحة فنية تجمع بين الجرأة والانسجام والروح الجماعية. في هذا الحدث، أظهر الفرسان مهارتهم في التحكم بالخيول، مرتدين الأزياء التقليدية الملونة، ومطلقين البارود في تناغم يعكس قوة الوحدة وجمال التراث. هذا الفن، الذي يمتد تاريخه من الحروب والتنقلات إلى كونه رمزًا فلكلوريًا، يحمل في طياته قيمًا مثل الانضباط، التعاون، والفخر بالهوية.
شباب يتعلم من التراث
تحت شعار “الفن الفروسي رهين بالبعد الثقافي والاجتماعي والاقتصادي”، جاءت هذه الاحتفالية لتفتح أعين الطلاب على ثراء الثقافة المغربية، بعيدًا عن الكتب والقاعات الدراسية. الهدف؟ تزويد الشباب بمهارات حياتية مستلهمة من التراث، مثل العمل الجماعي والقيادة، التي يمكن أن تعزز مسارهم المهني في سوق العمل. كما أن الأنشطة اللامنهجية، مثل هذا الحدث، ليست مجرد استراحة، بل جزء أساسي يكمل التكوين الأكاديمي ويبني شخصيات متكاملة.
الاحتفالية تضمنت عروضًا حية للتبوريدة، أبهرت الحاضرين بتناغم الفرسان وجمال الخيول، إلى جانب محاضرة ثرية تناولت تاريخ الفروسية المغربية، من أيام الحروب إلى تحولها إلى فن شعبي يعبر عن الهوية الجهوية. هذه اللحظات لم تكن مجرد عرض، بل دعوة للشباب لاكتشاف جذورهم والاحتفاء بتنوع ثقافتهم.
تراث جهوي يجمع المغاربة
ما يميز التبوريدة هو ارتباطها العميق بالثقافة الجهوية. ففي كل منطقة مغربية، تأخذ التبوريدة طابعًا خاصًا، من خلال “طرق التبوريدة” التي تختلف من جهة لأخرى، ومسابقات تنظم في المواسم المحلية التي تضفي على المناطق حيوية ثقافية واقتصادية. هذا التنوع الإقليمي يعكس غنى المغرب، ويجعل من التبوريدة رمزًا للوحدة في التنوع.
رسالة للشباب: تراثكم هو قوتكم
هذا الحدث، الذي أشرف عليه أساتذة وطلاب المدرسة، وبدعم من لجان طلابية نشيطة، لم يكن مجرد احتفال، بل رسالة قوية للشباب: تراثكم ليس مجرد ماضٍ، بل مصدر إلهام للمستقبل. التبوريدة، بما تحمله من قيم التعاون والإتقان، تذكرنا بأن النجاح في الحياة يبدأ من فهم جذورنا والفخر بها.
في زمن تهيمن فيه التكنولوجيا، يأتي هذا الحدث ليذكرنا بأن التراث المغربي هو كنز حي يستحق الاحتفاء. فهل أنتم مستعدون لخوض غمار هذه المغامرة الثقافية؟ انطلقوا، واكتشفوا سحر التبوريدة، فهي ليست مجرد فن، بل نبض المغرب الحي!