اتحاد المنظمات المغربية التربوية يرفض خوصصة فضاءات الطفولة والشباب ويطلق برنامجًا نضاليًا

في خطوة وطنية جريئة، أصدر اتحاد المنظمات المغربية التربوية بيانًا قويًا يوم 5 يونيو 2025، عقب اجتماع استثنائي عقده المكتب التنفيذي بالرباط، لمناقشة التحديات الخطيرة التي تهدد مؤسسات وفضاءات الطفولة والشباب في المغرب. يشجب البيان سياسات الحكومة التي تهدف إلى تفويت هذه الفضاءات العمومية لجهات تجارية ربحية، متجاهلةً دور الجمعيات التربوية ومكتسباتها التاريخية. وفي مواجهة هذا الوضع، أعلن الاتحاد عن إطلاق برنامج نضالي وطني للدفاع عن الخدمة السوسيو-تربوية العمومية، داعيًا إلى تشكيل جبهة وطنية للتصدي لمحاولات الخوصصة.

أعرب الاتحاد عن استغرابه الشديد من التناقض بين الخطاب الرسمي للحكومة حول بناء “الدولة الاجتماعية” وممارساتها الميدانية التي تهدد مستقبل مؤسسات الطفولة والشباب. هذه الفضاءات، التي تشمل مراكز الاستقبال ومراكز الاصطياف والتخييم من الجيل الجديد، تُعد دعامة أساسية للاستثمار في الرأسمال البشري، وهو الرهان الاستراتيجي للدولة. ومع ذلك، تستمر الحكومة في نهج سياسة فرض الأمر الواقع، متجاهلةً النداءات المتكررة من الاتحاد لعقد لقاء مستعجل مع وزير الشباب والثقافة والتواصل لمناقشة هذه التطورات الخطيرة.

أدان الاتحاد بشدة الاستعدادات الجارية لتفويت تدبير عدد من مؤسسات الطفولة والشباب لجهات استثمارية ذات طابع تجاري، في غياب أي مقاربة تشاركية. يرى الاتحاد أن هذه الخطوة تمثل استخفافًا بدور الجمعيات التربوية التي ظلت لعقود شريكًا أساسيًا في خدمة الطفولة والشباب، مقدمةً تجربة رائدة ساهمت في تعزيز القيم الاجتماعية والتربوية. ويؤكد البيان أن هذه السياسة تهدد بتحويل مرفق عمومي حيوي إلى سلعة تخضع لمنطق الربح، مما يضر بمصالح الأجيال الصاعدة.

سجل الاتحاد، بقلق بالغ، انخفاضًا مهولاً في عدد المستفيدين من البرنامج الوطني للتخييم، حيث بلغت نسبة التراجع 70% هذا الموسم مقارنة بالمواسم السابقة، خاصة في المخيمات القارة. يعتبر هذا الانخفاض مؤشرًا واضحًا على فشل السياسات الحكومية الحالية وغياب رؤية حقيقية لتطوير هذا الورش المجتمعي الحيوي. ويحذر الاتحاد من أن استمرار هذا النهج سيؤدي إلى مزيد من التهميش لهذه الفضاءات التي كانت ولا تزال ركيزة أساسية لتنمية الشباب.

ردًا على هذه التحديات، أعلن الاتحاد عن إطلاق برنامج وطني للترافع بدءًا من يونيو 2025، يهدف إلى حماية الخدمة السوسيو-تربوية العمومية والدفاع عن مؤسسات وفضاءات الطفولة والشباب كمكسب وطني. يتضمن البرنامج:

  • تشكيل جبهة وطنية: للتصدي لمحاولات الخوصصة وتفويت هذه الفضاءات.
  • حملة ترافعية واحتجاجية: توجيه نداء للفاعلين الجمعويين، الحقوقيين، السياسيين، والنقابيين للانخراط في هذه الحملة، بهدف الضغط على الحكومة للتراجع عن هذا المخطط.
  • تعبئة واسعة: دعوة كافة الضمائر الحية في المغرب لاستشعار خطورة الوضع والمشاركة في حماية هذا المرفق العمومي.

يؤكد اتحاد المنظمات المغربية التربوية التزامه التاريخي بالدفاع عن فضاءات الطفولة والشباب، معتبرًا إياها خيارًا استراتيجيًا لا محيد عنه. ويعلن تسَلّحه بالنضال والترافع لصون هذا المرفق العمومي من التهميش أو التفويت، وفاءً لقيم المواطنة والعدالة الاجتماعية. الاتحاد يدعو الجميع إلى الانضمام إلى هذه المعركة، مؤكدًا أن حماية مستقبل الأجيال الشابة تتطلب وحدة الصف والتضامن الوطني.

إن التوجه الحكومي نحو خوصصة مؤسسات وفضاءات الطفولة والشباب يشكل تهديدًا مباشرًا للدولة الاجتماعية التي تدعي الحكومة السعي إليها. اتحاد المنظمات المغربية التربوية، من خلال بيانه وبرنامجه النضالي، يضع الجميع أمام مسؤولياتهم التاريخية للدفاع عن هذا المرفق العمومي الحيوي. إن الوقت قد حان لتكاتف الجهود بين الجمعيات، النقابات، والمجتمع المدني لإنقاذ فضاءات الطفولة والشباب من منطق الربح، وضمان استمرارها كدعامة لتنمية الرأسمال البشري وبناء مستقبل واعد للمغرب.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!