إيلون ماسك يغادر البيت الأبيض: نجاح أم فشل؟

واشنطن – 30 ماي 2025
مع انتهاء فترة إيلون ماسك كموظف حكومي خاص في إدارة الرئيس دونالد ترامب يوم 29 ماي 2025، تثير مغادرته تساؤلات حول ما إذا كانت تجربته في قيادة “هيئة الكفاءة الحكومية” (DOGE) نجاحًا أم فشلًا. بعد 130 يومًا من العمل المثير للجدل، يترك ماسك وراءه إرثًا متناقضًا: إصلاحات جذرية واجهتها عقبات قانونية وانقسامات سياسية، مع تأثيرات طويلة الأمد على البيروقراطية الأمريكية.

مهمة طموحة: “DOGE” ووعود الإصلاح

عندما عيّن ترامب إيلون ماسك، الملياردير ورئيس شركتي تسلا وسبيس إكس، لقيادة هيئة الكفاءة الحكومية، كانت المهمة واضحة: تقليص الإنفاق الحكومي، خفض الوظائف الفيدرالية، وإلغاء البرامج التي اعتبرت “غير ضرورية”. وعد ماسك بتوفير تريليون دولار من الميزانية الفيدرالية، مستخدمًا نهجه الجريء المعروف في عالم الأعمال.

بدأ ماسك بقوة، حيث أشرف على تسريح آلاف الموظفين الفيدراليين، وتجميد العقود، وإلغاء برامج تنوع في وكالات مثل وكالة التنمية الدولية الأمريكية (USAID). ومع ذلك، واجهت هذه الخطوات مقاومة قانونية شرسة، حيث قضت محاكم فيدرالية بأن بعض التسريحات وإعادة الهيكلة غير قانونية دون موافقة الكونغرس.

نجاحات محدودة وسط فوضى إدارية

يدّعي مؤيدو ماسك أنه حقق إنجازات ملموسة. تشير بعض التقارير إلى كشفه عن احتيال مالي بقيمة 150 مليار دولار وإلغاء 260 ألف وظيفة فيدرالية، مما يعكس تأثيرًا مباشرًا على تقليص البيروقراطية. كما أن فريقه، بما في ذلك مساعدوه البارزون، لا يزالون مدمجين في وكالات مثل وزارة الطاقة، مما يضمن استمرارية بعض الإصلاحات.

لكن النقاد يرون الصورة بشكل مختلف. فشل ماسك في تحقيق هدفه الطموح بتوفير تريليون دولار، حيث ارتفع الإنفاق الحكومي بنسبة 6-7% مقارنة بالعام الماضي. كما أن نهجه العشوائي أدى إلى انخفاض معنويات الموظفين الفيدراليين، مع مغادرة العديد منهم دون تخطيط لخلافتهم، مما تسبب في فوضى إدارية وتوقف الخدمات الأساسية في وكالات مثل دائرة الخدمات العامة.

توترات مع ترامب والانسحاب

تصاعدت التوترات بين ماسك وترامب في الأسابيع الأخيرة، خاصة بعد انتقاد ماسك لمشروع قانون جمهوري أقره مجلس النواب، معتبرًا إياه “مخيبًا للآمال” لأنه يزيد العجز المالي، وهو ما يتناقض مع أهداف DOGE. أعرب ماسك عن إحباطه من العوائق القانونية والبيروقراطية، مشيرًا إلى أنه سيركز مجددًا على شركاته مثل تسلا، التي عانت من انخفاض المبيعات بسبب انخراطه السياسي.

في منشور على منصة X، شكر ماسك ترامب على الفرصة، مؤكدًا أن مهمة DOGE ستصبح “أسلوب حياة” في الحكومة. لكن غياب تعليق رسمي من ترامب حول مغادرته يشير إلى برود في العلاقة، رغم تأكيد مسؤولي البيت الأبيض أن الود لا يزال قائمًا.

تحليل: نجاح أم فشل؟

من الناحية السياسية، حقق ماسك نجاحًا جزئيًا كمُحرّك لرواية ترامب حول “تجفيف المستنقع” البيروقراطي، مما عزز شعبية الرئيس بين قاعدته. لكنه فشل في تحقيق التغيير الجذري الذي وعد به، حيث أعاقته القيود القانونية والمعارضة الديمقراطية. الدمار الذي تركه في معنويات الموظفين الفيدراليين والخدمات الحكومية قد يكون أكثر تأثيرًا من التوفيرات المالية المحدودة.

على الصعيد الشخصي، عزز ماسك صورته كـ”مُصلح” جريء، لكنه دفع ثمنًا باهظًا بانخفاض سمعة شركاته، خاصة تسلا، التي فقدت حصصًا في السوق بسبب ارتباطه بالسياسات المثيرة للجدل. كما أن فشل تجربة مركبة ستارشيب الفضائية الأخيرة زاد من الضغوط عليه، مما يشير إلى أن تركيزه المنقسم بين السياسة والأعمال قد أضر بمشاريعه.

تجربة إيلون ماسك في البيت الأبيض لم تكن نجاحًا ساحقًا ولا فشلًا ذريعًا، بل مزيجًا من الإنجازات المحدودة والفوضى الإدارية. دوره كمستشار خاص كشف حدود قدرة الأفراد، مهما كانت ثروتهم أو نفوذهم، على تغيير نظام بيروقراطي معقد. مع عودته إلى عالم الأعمال، يبقى السؤال: هل ستستمر إصلاحات DOGE، أم ستتلاشى كجزء من تجربة عابرة؟ الإجابة تعتمد على قدرة إدارة ترامب على استكمال ما بدأه ماسك دون إثارة المزيد من الفوضى.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!