إسرائيل – إيران: انقسام قاعدة “ماغا” وتصعيد يهدد الاستقرار الإقليمي (2)

19 يونيو 2025
في 13 يونيو 2025، أطلقت القوات الإسرائيلية عملية “الأسد القائم” ضد إيران، مستهدفة مواقع عسكرية ونووية ومغتالة حوالي عشرين من كبار المسؤولين العسكريين والعلماء الإيرانيين. لكن، وبخلاف الرواية الإسرائيلية والغربية، ردت إيران بهجوم مضاد دقيق استخدمت فيه صواريخ فرط صوتية أصابت أهدافًا استراتيجية في القدس، حيفا، تل أبيب، قاعدة نفاتيم الجوية، ومفاعل ديمونا النووي. هذه الأحداث أثارت زلزالًا سياسيًا في واشنطن، حيث عارضت قاعدة “ماغا”، أنصار الرئيس دونالد ترامب، مغامرة بنيامين نتنياهو، مما يكشف عن انقسام عميق في المشهد السياسي الأمريكي.
عملية إسرائيلية ورد إيراني قوي
جاء الهجوم الإسرائيلي، الذي قاده نتنياهو، بعد عقود من التخطيط، مستلهمًا نموذج العملية الأوكرانية “شبكة العنكبوت” ضد روسيا، كما يرى الدبلوماسي البريطاني السابق أليستير كروك. وقد تزامن الهجوم مع مفاوضات نووية بين إيران والولايات المتحدة، مما أثار إدانات شديدة من روسيا والصين، بينما حظي بدعم حلف الناتو (باستثناء تركيا).
ردت إيران برفع العلم الأحمر في مسجد جامكران بمدينة قم، معلنة الدفاع الشرعي عن نفسها. صواريخها الفرط صوتية، التي تفوقت على أنظمة الدفاع الإسرائيلية مثل “القبة الحديدية” و”مقلاع داود”، تسببت في أضرار جسيمة بمواقع إسرائيلية حساسة، وفقًا للمحلل العسكري الروسي أندري مارتيانوف. حاولت الحكومة الإسرائيلية إخفاء هذه الأضرار عبر فرض رقابة صارمة، لكن التشكيك في فعالية الأنظمة الدفاعية الغربية، التي تنتجها شركتا “رايثيون” و”بوينغ”، بات واضحًا.
انقسام قاعدة “ماغا” وتراجع الدعم الأمريكي
في الولايات المتحدة، كشف الهجوم الإسرائيلي عن تصدع داخل قاعدة “ماغا”، التي تمثل أنصار ترامب. وفقًا لتقارير “تايمز أوف إسرائيل”، “الجزيرة”، و”فاينانشيال تايمز”، عارضت نسبة تصل إلى 90% من هذه القاعدة تقديم مساعدات عسكرية لإسرائيل، محذرة من مخاطر جر واشنطن إلى حرب مع إيران، وربما روسيا والصين. شخصيات مثل ستيف بانون وتاكر كارلسون هاجمتا سياسة نتنياهو “المتعطشة للحرب”، مطالبين بتجنب التدخل العسكري.
حتى السيناتور ماركو روبيو، المعروف بمواقفه المتشددة، أعلن رفضه للهجوم الإسرائيلي الأحادي. في المقابل، يستمر قادة الحزبين الجمهوري والديمقراطي، المدعومون من لوبي “إيباك” الإسرائيلي، في الدفاع عن دعم إسرائيل، مما يعمق الخلاف داخل السياسة الأمريكية.
محاولات تهدئة ومخاوف نووية
على الصعيد الدولي، حاول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التوسط عبر مكالمة هاتفية مع ترامب، اقترح فيها خفض التصعيد. لكن المخاوف تزايدت مع تساؤلات كيريل دميترييف، المقرب من بوتين، حول تداعيات امتلاك إيران أسلحة نووية. كما أثارت تهديدات باكستان، القوة النووية المتوسطة، بدعم إيران إذا لجأت إسرائيل إلى “خيار شمشون” (التدمير النووي الشامل)، قلقًا عالميًا.
في خطوة رمزية، غادرت طائرة نتنياهو الرسمية “أجنحة صهيون”، المعروفة بـ”يوم القيامة”، إلى اليونان، وسط تكهنات بإخفائها تحسبًا لرد إيراني.
من سيحدد مصير الحرب؟
رغم أن إسرائيل أشعلت شرارة هذه الحرب، فإن إيران تبدو قادرة على تحديد مسارها ونهايتها. نجاح صواريخها الفرط صوتية، إلى جانب دعم قوى إقليمية ودولية، وضع إسرائيل في موقف دفاعي صعب. في الوقت ذاته، يشير انقسام قاعدة “ماغا” إلى احتمال تحول في السياسة الأمريكية قد يحد من دعم واشنطن لإسرائيل.
هل ستنجح الجهود الدولية في احتواء الصراع، أم أن المنطقة تتجه نحو حرب شاملة؟ الأيام المقبلة ستحمل الإجابة عن مصير هذه المواجهة المصيرية.