أي مخرجات لجلسة مجلس الأمن يوم 30 أكتوبر حول الصحراء المغربية.

د.تدمري عبد الوهاب – طنجة في 25 أكتوبر 2025

تتناسل الروايات والتحليلات حول ملف الصحراء المغربية مع اقتراب يوم 30 أكتوبر الذي سيخصصه مجلس الأمن لمناقشة تطورات هذا الملف و كذا جدوى تمديد بعثة المينورسو بالصحراء من عدمه ، في حال التوصل الى حل مرضي لجميع الأطراف .في مقابل هذه التحليلات تتكثف المشاورات واللقاء ات التي تقودها البعثات الدبلوماسية للأطراف المعنية مباشرة بالملف واقصد هنا المغرب بصفته الطرف المدافع على مقترح حل الحكم الذاتي للصحراء الغربية تحت السيادة المغربية والجزائر وجبهة البوليساريو بصفتهما مدافعين على مقترح الاستفتاء كآلية لتحقيق حق تقرير المصير الذي لا يؤدي بالضرورة بالنسبة لهما الى الاستقلال أو بالأحرى الانفصال .

بعيدا إذن عن ما يتم تداوله من طرف الإعلام الرسمي وبعض الأقلام المحسوبة على كلا الطرفين، و التي تروج لانتصارات مبكرة وذلك بحسمها لهذه القضية لصالح هذا الطرف او ذاك .يمكن القول إن المعطيات المتوفرة لحد الساعة جد معقدة ولا تؤشر على حسم نهائي لملف الصحراء وفق ما يتطلع إليه الطرفين.

بالرجوع إلى ما تسرب من مشروع القرار الأمريكي الذي قدمته أمريكا للأعضاء الدائمين في مجلس الأمن والذي يقضي بتمديد بعثة المينورسو لثلاثة او لستة أشهر إضافية وهو ما ينسجم نسبيا مع المدة الزمنية التي اعطتها أمريكا ترامب التي نصبت نفسها وسيطا بين المغرب و الجزائر لخوض مفاوضات الصلح بينهما ، والمحددة في ستين يوما . وهو ما يعني ضمنيا إعطاء الوقت الكافي لإيجاد صيغة مقبولة من جميع الأطراف لحل النزاع في الصحراء الذي شكل لعقود عامل توتر في علاقة البلدين. كما أن آلية الاستفتاء كمدخل لتحقيق حق تقرير مصير الصحراء الغربية حسب القرارات الاممية ذات الصلة بالملف والتي كان قد وافق عليها المغرب سنة 1981 إبان حكم الملك الراحل الحسن الثاني تبين استحالة تطبيقه بعد أكثر من أربعة عقود من موافقة هذا الأخير .

واخص بالذكر كل من القرارين 15/14 و 34/37 الصادرين تواليا سنوات 1960 و 1979 إضافة إلى التحول في مواقف بعض الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن واخص بالذكر فرنسا وبريطانيا وأمريكا اللواتي دعمن مؤخرا مقترح الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب سنة 2007 كصيغة لحل دائم للنزاع. كل هذا يبرر الى حد كبير كذلك حضور المقترح المغربي في مشروع نص القرار الأمريكي الذي يجيب على وضع استعصى حله وفق آلية الاستفتاء كلية لإعمال حق تقرير المصير كما ورد في القرارات الاممية السالفة الذكر.


اني كمتابع لتطورات هذا الملف فإني أتفهم بعض التحليلات المتفاىلة جدا التي يقدمها بعض الباحثين المغاربة . كما اني أتفهم محاولة الوساطة التي دعت إليها امريكا ترامب بين المغرب والجزائر و المهلة التي اعطتها لهذه الوساطة التي من خلالها يمكن فهم مقترح تمديد مهام البعثة الاممية بالصحراء المغربية لمدة زمنية معينة. لكن فقط ما يجعلني احتاط من كل هذه المعطيات التي تبدو ظاهريا لصالح المغرب هو التالي :

  • هل يمكن اعتبار قرارات هذه الدول الدائمة العضوية المؤيدة لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء بمثابة اعتراف ضمني منها بسيادة المغرب على صحرائه؟. هذا في الوقت الذي يعتبر الملف وفق القانون الدولي مندرجا ضمن الملفات التي يتم معالجتها داخل اللجنة الرابعة المعنية بتصفية الاستعمار وذلك بصفته اقليما لا يتمتع بحكم ذاتي وفق القرارات الاممية .
  • وهل هذه الدول مستعدة فعلا لان تضرب بعرض الحائط كل القرارات الاممية في هذا الشأن؟. علما أن هذه الدول لها سوابق في هذا الشأن وتجاوزت القانون الدولي في الكثير من القضايا .
  • كما أن هذه الدول التي تربطها بالمغرب، المدافع على صحرائه مصالح إستراتيجية ،فإنها كذلك في نفس الان تربطها علاقات تاريخية واستراتيجية بالجزائر، البلد المنحاز كليا إلى جبهة البوليساريو، خاصة في مجالات النفط والغاز والدفاع وهو ما تم تحديده في اتفاقيات الشراكة ا الجزائرية الامريكية التي شملت ما هو أمني وما هو اقتصادي ، من ضمنها امتيازات حصلت عليها عشرات الشركات المحسوبة على هذه الاخيرة في التنقيب على الغاز والنفط في السواحل الجزائرية .اضافة الى عدم رغبة أمريكا الدفع بالجزائر كليا إلى الصف الروسي في مرحلة يخاض فيها الصراع الدولي على رقعة شطرنج حسابات الربح والخسارة فيها جد دقيقة .

كل هذا يدفعنا للتريث في إصدار أحكام قد تكون محبطة للشعب المغربي. و يدفعنا بالمقابل لأخذ مواقف هذه الدول بالحيطة اللازمة .لأن هذه الدول عودتنا تاريخيا بممارستها فن الابتزاز والحفاظ قدر الإمكان ببؤر التوتر ،بل وخلقها احيانا، ان لم تخرج رابحة الى اقصى حد من أي مقترح يروم الى حل النزاع نهائيا . وكلامي هنا موجه للمغرب والجزائر البلدين الجارين اللذين تجمعهما علاقات تاريخية واجتماعية.كون الحل الأفضل الذي يسد باب التدخلات الخارجية والابتزاز لكلا الدولتين هو العمل على تصحيح علاقاتهما البينية، والاتفاق على حل يرضي الطرفين .ويفتح الباب أمام عقد شراكات اقتصادية وتجارية وأمنية تعود بالمنفعة على الشعبين الشقيقين وذلك على مبدأ رابح رابح.

علما كذلك أن الملف وفي خضم الصراع الاستراتيجي الحالي بين الغرب والشرق قد لا يبدو قريبا للحل خاصة. إذا ما استحضرنا التشبث المستميت الذي تبديه كل من الصين وروسيا العضوين الدائمين في مجلس الأمن ، اللذان يتمتعان بحق النقض ، على ضرورة احترام القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة. وهو ما نستشفه من تصريح وزير خارجية روسيا الذي عبر على ضرورة إيجاد حل للملف ضمن آليات الأمم المتحدة .وذلك في احترام تام للقرارات الأممية ذات الصلة دون أن يستبعد إمكانية قبول مقترح الحكم الذاتي كآلية أممية تندرج ضمن حق تقرير المصير ان وافقت عليه جميع الأطراف المعنية.

ان تصريح لافروف يفهم منه أن مقترح الحكم الذاتي لا يعدو ان يكون آلية اممية انتقالية ولا يمكن اعتباره بالمطلق حلا نهائيا الا اذا وافق عليه الجميع بما فيهم الجزائر والجبهة .كما ان موقف الصين التي تعاني ايضا من الضغوطات التي تمارسها عليها أمريكا والغرب، وذلك في تجاوز تام للقانون الدولي لن يكون مخالفا للموقف الروسي . علما انهما كذلك دولتين تربطهما علاقات متميزة، تجارية واقتصادية و عسكرية كبيرة بالجزائر و بدرجة أقل مع المغرب.

خلاصة
على ضوء المعطيات الحالية فأن جلسة مجلس الأمن ليوم 30 أكتوبر 2025 في شأن ملف الصحراء المغربية مرشح على ثلاثة احتمالات اساسية :

  • -الإبقاء على الوضع الحالي مع تمديد بعثة المينورسو لثلاثة او لستة أشهر إضافية لإعطاء الفرصة لمزيد من المشاورات بين المغرب والجزائر وجبهة البوليساريو. وهي المدة التي تأخذ بعين الاعتبار مقترح الوساطة الأمريكية الجزائرية
  • -اعتماد مقترح الحكم الذاتي كآلية اممية انتقالية تستجيب لمقتضيات القانون الدولي والقرارات الاممية و تجيب في نفس الآن على تعثر مقترح الاستفتاء الذي تشوبه الكثير من العوائق.مع الإبقاء على البعثة الاممية وهو المقترح الذي قد لا يوافق عليه المغرب اللهم إذا كانت هناك ضمانات للمغرب من الأطراف المعنية الاقليمية والدولية لإجراء استفتاء في وقت لاحق يبقى الصحراء تحت السيادة المغربية . وهو ما سيشكل صيغة مقبولة لإخراج الملف من اللجنة الرابعة و من حالة الاحتباس التي يشهدها منذ عقود من الزمن .اضافة الى اعطاء المغرب مهلة كافية لتحسين أداءه السياسي و الديمقراطي سواء في جهة الصحراء أو في باقي جهات الوطن.
  • -اعتماد مقترح الحكم الذاتي كحل نهائي تحت السيادة المغربية. وهو المقترح الذي يبدو مستعدا في هذه المرحلة انطلاقا مما سبق ذكره من معطيات. وما يشهده العالم من تقاطبات حادة إضافة إلى الرفض الذي قد تبديه كل من الجزائر التي لم تعطي اي إشارات في هذا الاتجاه و كذا جبهة البوليساريو التي لم تقدم في مقترحها الأخير لمجلس الأمن أي جديد يذكر، اللهم ما قدمه من استعداد لهذه الاخيرة لمناقشة إمكانية الاستغلال المشترك للثروات و البنيات التحتية في الأقاليم الصحراوية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!