أصوات من غزة: صمود يتحدى الخراب

الى كل صجفي يغطي ابادة غزة

وجدة، 22 ماي 2025

في قلب غزة، حيث يعلو صوت القصف وتتردد أصداء المسيّرات الإسرائيلية كنشيد يومي موحش، تنسج الحياة خيوطها الرقيقة بين الركام.

القطاع، الذي يئن تحت وطأة حرب وصفها كل زاره بـ”الإبادة”، يشهد تدميرًا ممنهجًا للبيوت والمدارس والجامعات، وحتى الأماكن السياحية التي كانت يومًا ملاذًا للذكريات.

الخراب يعم المدن، والبيوت التي كانت تحتضن الأحلام تحولت إلى أنقاض، “ممحية عن الأرض”، كما يصف أحد الناجين بحسرة.

الوضع الإنساني في غزة يزداد قتامة يومًا بعد يوم. القصف المستمر والحصار الطويل يعرقلان الحياة بكل جوانبها، من انقطاع الكهرباء إلى نقص الموارد الأساسية. المرافق الصحية تُستهدف، والمدارس التي تحولت إلى ملاجئ للنازحين باتت أهدافًا للغارات، مما يدفع العائلات للنزوح مرة تلو الأخرى بحثًا عن أمان زائف.

يعيش الناس في خيام أو يتشاركون أماكن ضيقة، محاولين ترتيب حياة مؤقتة تخشى أن تصبح دائمة. حتى دفن الموتى أصبح تحديًا، إذ تناشد العائلات دفن أحبائها في مقابر جماعية لضيق المساحات.

الأطفال، الذين يُفترض أن تكون طفولتهم مليئة بالضحكات، يواجهون الخوف مع كل صوت تفجير. يحاولون تشتيت أنفسهم عن أزيز الصواريخ، لكنهم يعيشون كابوسًا يوميًا لا ينتهي.

الضغط النفسي يطغى على الجميع، من الأمهات القلقات على أبنائهن إلى الآباء الذين يبحثون عن لقمة عيش وسط الدمار. “كأننا في كابوس لا نستطيع الخروج منه”، يقول أحدهم، وصوته يحمل ثقل السنين.

لكن، وسط هذا الدمار، يبرز الصمود كسمة متأصلة في روح أهل غزة. إنه ليس مجرد تحمل، بل فعل يومي يتحدى المستحيل. يتشبث الناس بمظاهر الحياة العادية، فيصومون رمضان، ويحضّرون كعك العيد ليزرعوا بسمة على وجوه أطفالهم. يبحثون عن مسرات صغيرة، كضحكة طفل أو لحظة تجمع عائلي وسط الخيام.

التكافل يصبح درعهم، والتضامن بين العائلات النازحة يوقد شعلة الأمل. السيدات، اللواتي يحملن عبء النزوح، يقدن مبادرات لخلق نظام حياة يقاوم اليأس، بينما يواصل الصحفيون، رغم المخاطر، نقل الحقيقة للعالم، متحدين القصف وانقطاع الاتصالات.

المدن التي تحولت إلى ركام لا تزال تحتفظ بوعد إعادة البناء. “يُهدّموا، حنعمر”، هكذا يردد أهل غزة بإصرار يتحدى الخراب.

إنهم يعيدون بناء أحلامهم من تحت الأنقاض، مؤمنين بأن الغد، رغم قسوته، سيحمل بصيص أمل. غزة، بكل جروحها، تقاوم، تصمد، وتستمر في الحياة، لأن الصمود ليس خيارًا، بل هو جزء من هويتها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!