GIL24-Emission ياسين العسري: قانون العقارات في المغرب… دليل شامل للمستثمرين والمتعاملين

يُعد قطاع العقارات في المغرب ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني ومحورًا للعديد من الأنشطة الاجتماعية والاستثمارية. ولكن نظرًا لتعقيداته وتشابك قوانينه، يصبح فهم الجانب القانوني أمرًا حيويًا لكل من المستثمرين والأفراد. في هذا المقال الصحفي، نستعرض أبرز الجوانب المتعلقة بقانون العقارات المغربي، مستندين إلى آراء وتوجيهات الخبير القانوني الأستاذ ياسين العسري، الباحث في المجال القانوني العقاري.
لماذا تخصص العقارات؟
اختار الأستاذ ياسين العسري، المولود في مكناس عام 1998 والحاصل على إجازة وماستر في القانون الخاص والعام، التخصص في المجال العقاري لأسباب متعددة. يرى العسري أن هذا المجال يتمتع بوضع خاص، سواء كان اقتصاديًا أو اجتماعيًا، ويرتبط ارتباطًا وثيقًا بقطاعات حيوية مثل السياحة والفلاحة والصناعة والتجارة والاستثمار. كما أن صعوبة البحث فيه تُعد تحديًا جاذبًا، نظرًا للترسانة القانونية الضخمة التي يصعب الإلمام بكل نصوصها، مما يجعل إتقان أسس ومبادئ القانون العقاري مفتاحًا لإتقان فروع قانونية أخرى.
تقييم العقار: منظورات متعددة والقيمة الحقيقية
يختلف تقييم وضعية العقار في المغرب باختلاف المتخصصين. فالمستثمر يرى قيمة العقار في موقعه، حيث كلما كان الموقع أفضل، زادت قيمة العقار. أما الاقتصادي فيركز على قوته الاقتصادية. بينما يؤكد القانوني أن القيمة الحقيقية للعقار تتجلى في سلامته القانونية. فالعقار الذي يمتلك وثائق وحججًا ومستندات تثبت ملكيته وسلامته القانونية يكون ذا قيمة أفضل بكثير من غيره.
الأنظمة القانونية للعقار المغربي: ازدواجية تاريخية وتصنيفات متنوعة
يشهد المغرب ازدواجية في الأنظمة العقارية، وهي نتيجة لعوامل تاريخية. تتوزع هذه الأنظمة بين:
• النظام العقاري المحفظ: ويخضع لقواعد وضوابط قانونية خاصة به.
• النظام العقاري غير المحفظ: وله أيضًا قواعده وضوابطه المختلفة عن النظام المحفظ.
بالإضافة إلى هذه الازدواجية، توجد أصناف أخرى من العقارات مثل: أملاك الدولة العامة والخاصة، أراضي الجيش، وأراضي الجماعات السلالية. من المهم جدًا التمييز بين هذه الأنظمة، حيث لا يمكن تطبيق قواعد نظام على آخر.
الترسانة القانونية المنظمة للعقار في المغرب
يمتلك المغرب ترسانة قانونية قوية تنظم القطاع العقاري، وتشمل قوانين خاصة وعامة، بالإضافة إلى مصادر تكميلية.
• القوانين الخاصة:
◦ ظهير التحفيظ العقاري.
◦ مدونة الحقوق العينية.
◦ قانون بيع العقار في طور الإنجاز.
◦ قانون التجزئات العقارية.
◦ قانون التعمير.
◦ قانون نزع الملكية لأجل المنفعة العامة.
• القوانين العامة:
◦ قانون الالتزامات والعقود.
• المصدر التكميلي: قواعد الفقه المالكي. تنص المادة الثالثة من مدونة الحقوق العينية على الرجوع إلى « الراجح والمشهور وما جرى به العمل في الفقه المالكي ». يوضح الأستاذ العسري أن « الراجح » هو ما قَوِيَ الاستدلال به، و »المشهور » هو ما كثُر القول به، أما « ما جرى به العمل » فهو ما استقر عليه الفقه والقضاء الشرعي.
• المراسيم: مثل مرسوم إجراءات التحفيظ العقاري.
أهم المنازعات العقارية وشروطها
نظرًا لأهمية العقار، تنشأ عنه العديد من المنازعات، ومن أبرزها:
1. التعرض: وسيلة قانونية يمنحها القانون لشخص يدعي حقًا على عقار في طور التحفيظ، ليدخل في مسطرة التحفيظ ويطالب بحقوقه. هذه المسطرة مرتبطة بآجال وإجراءات محددة. تبدأ إداريًا أمام المحافظة العقارية، وتصبح قضائية في حال وجود نزاع، حيث يُحال الملف إلى المحكمة المختصة. وفي التعرض، يقع عبء الإثبات على المتعرض لإثبات عكس ادعاء طالب التحفيظ.
2. دعاوى القسمة: تنشأ بين الشركاء على عقار لإنهاء حالة الشيوع. قد تكون قسمة رضائية أو قضائية. إذا كان العقار قابلًا للقسمة عينيًا، يُقسم ويوزع على الشركاء؛ وإذا لم يكن كذلك، يُباع بالمزاد العلني وتوزع حصص الشركاء من الثمن.
3. دعاوى الشفعة: حق للشركاء في عقار لشراء حصة باعها شريكهم لشخص أجنبي. ترتبط هذه الدعوى بآجال وإجراءات دقيقة تختلف حسب طبيعة ونظام العقار (محفظ أو غير محفظ).
◦ للعقار المحفظ: أجل شهر إذا تم تبليغ الشفيع بالبيع، وسنة في حالة عدم التبليغ.
◦ للعقار غير المحفظ: أجل سنة في حال التبليغ، وأربع سنوات في حال عدم التبليغ.
◦ تتطلب إجراءات تمهيدية مثل التعرض إذا كان العقار في طور التحفيظ، أو تقييد عقد الشراء في المحافظة العقارية، بالإضافة إلى مسطرة العرض العيني والإيداع لدفع الثمن والمصروفات.
4. دعاوى استحقاق العقار: غالبًا ما توجد في العقار غير المحفظ. عند تنازع شخصين على ملكية عقار وتقديم كل منهما حججه، تُطبق قواعد ترجيحية منصوص عليها في مدونة الحقوق العينية. من هذه القواعد:
◦ تقديم بينات الملك على بينات الحيازة: حيث تُقدم الوثائق التي تثبت أصل التملك على مجرد وضع اليد أو الحيازة.
◦ تقديم البينة السابقة تاريخيًا على البينة اللاحقة تاريخيًا: إذا قدم شخصان عقدين شراء لنفس العقار، يُعتمد العقد ذو التاريخ الأسبق.
حماية حيازة العقار: ضمانات مدنية وجنائية
يوفر القانون ضمانات لحائز العقار ضد أي تعدٍ على حيازته، وتشمل حماية مدنية وجنائية:
• الحماية المدنية: تتمثل في دعوى استرداد الحيازة، المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية (الفصول 166 إلى 170)، والتي يمكن للحائز رفعها خلال سنة من تعرضه على حيازته.
• الحماية الجنائية: يوفرها الفصل 570 من القانون الجنائي، الذي يعاقب الأفعال الإجرامية المتعلقة بانتزاع حيازة الغير، مثل استخدام العنف أو التدليس أو التهديد بالسلاح، بعقوبات حبسية.
التكوين الأكاديمي والنصيحة للمستثمرين
يشدد الأستاذ العسري على أهمية التكوين الأكاديمي المتين في الجامعات، مستشهدًا بتجربته في جامعة محمد الأول بوجدة، التي تخرج منها أطر وكفاءات علمية.

Soyez le premier à commenter

Laisser un commentaire

Votre adresse de messagerie ne sera pas publiée.


*