افتتاح المحكمة الابتدائية بجرادة: خطوة جديدة في إصلاح القضاء وتقريب العدالة

تم اليوم، الإثنين 16 شوال 1446 هـ، الموافق 14 أبريل 2025، بمدينة جرادة تنظيم الحفل الرسمي لافتتاح المحكمة الابتدائية، تحت اشراف الوكيل العام للملك الأستاذ مصطفى اليرتاوي. وهو حدث بارز يعكس التزام المغرب بمواصلة إصلاح منظومته القضائية.
هذا الحدث لم يقتصر على الافتتاح فحسب، بل تضمن أيضًا تنصيب السيد عمر قاريوح رئيسًا للمحكمة، والسيدة كريمة إدريسي وكيلة للملك، إلى جانب تعيين عدد من القضاة الجدد.
ويُعد افتتاح المحكمة الابتدائية بجرادة مؤشرًا على التقدم المحرز في تنفيذ استراتيجية إصلاح القضاء، التي تُركز على تعزيز البنية التحتية القضائية في المناطق النائية. وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن المغرب قد وسّع شبكة المحاكم الابتدائية بشكل ملحوظ خلال العقد الأخير، حيث بلغ عدد المحاكم الابتدائية أكثر من 80 محكمة بحلول 2023، مع خطط لزيادة هذا العدد بحلول 2030. هذا التوسع يهدف إلى تقليص الضغط على المحاكم الكبرى وتسريع وتيرة الفصل في القضايا.
إطار الإصلاح القضائي الوطني
تأتي هذه المبادرة في إطار الإصلاحات العميقة التي أطلقها الملك محمد السادس، والتي تجسدت بشكل خاص في خطاب 2009 واعتماد ميثاق إصلاح العدالة سنة 2013. تسعى هذه الإصلاحات إلى تعزيز استقلالية القضاء، تحسين كفاءته، وتقريب العدالة من المواطنين.
ويُعدّ افتتاح المحكمة الابتدائية بجرادة خطوة عملية لتجسيد هذه الرؤية، حيث أكدت الخطابات المُلقاة خلال الحفل على أهمية قيم النزاهة، الشفافية، والاستقامة كأسس أساسية لعمل القضاء. كما تم التشديد على ضرورة حماية حقوق وحريات المواطنين، وهو ما يتماشى مع توجيهات المجلس الأعلى للسلطة القضائية.
دور المسؤولين الجدد وأهمية التعاون
ألقت السيدة كريمة إدريسي، وكيلة الملك، كلمة عبّرت فيها عن اعتزازها بالثقة الملكية الممنوحة لها، مشيرة إلى أن هذه المسؤولية تأتي مصحوبة بتحديات كبيرة، خاصة وأن المحكمة مؤسسة حديثة تحتاج إلى بناء هياكلها التنظيمية من الصفر. وأكدت على أهمية التعاون مع جميع مكونات المنظومة القضائية، بما في ذلك القضاة، النيابة العامة، الكتابة العدلية، المحامون، والشرطة القضائية، بالإضافة إلى السلطات المحلية. هذا التعاون يهدف إلى ضمان انطلاقة قوية للمحكمة وسير عملها بسلاسة.
من جهته، أشار السيد عمر قاريوح، رئيس المحكمة، إلى التحديات الإدارية والتنظيمية المرتبطة بإنشاء محكمة جديدة، مؤكدًا على ضرورة إرساء قواعد الحكامة الجيدة، الشفافية، وسرعة الإجراءات القضائية لخدمة المواطنين. كما عبر عن التزامه بالعمل جنبًا إلى جنب مع وكيلة الملك لتحقيق الأهداف المرجوة.
أهمية جرادة ودلالات الافتتاح
أبرزت السيدة إدريسي في كلمتها الأهمية التاريخية والاقتصادية لمدينة جرادة، مشيرة إلى الزيارات الملكية السابقة التي تؤكد مكانة المدينة ضمن الأولويات الوطنية. هذا التركيز يعكس التزام الدولة بتعزيز الحماية القانونية والأمن القضائي في المناطق الشرقية، التي كانت تاريخيًا مركزًا للتعدين وشهدت تحديات اجتماعية واقتصادية. إن ترقية مركز القاضي المقيم إلى محكمة ابتدائية تُعد استجابة مباشرة لتطلعات سكان المنطقة نحو عدالة أقرب وأكثر فاعلية.
تنصيبات ذات طابع ملكي
تكتسي التنصيبات الجديدة طابعًا خاصًا، إذ جاءت بناءً على قرارات المجلس الأعلى للسلطة القضائية خلال اجتماعاته في يناير 2024، وبموافقة ملكية. وقد تمت قراءة رسائل رسمية موقعة من السيد محمد عبد النباوي، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى، بتاريخ 9 سبتمبر 2024، تحث المعنيين على الانضمام إلى مناصبهم والعمل بجدية لتعزيز كفاءة القضاء وتقريبه من المتقاضين. كما شملت التنصيبات عددًا من القضاة الجدد، خريجي المعهد العالي للقضاء، الذين أُدوا يمينهم القانونية بالتعهد بالحكم بعدل ونزاهة.

