حصيلة سنتين بعد الإنتخابات ملاحظات في تصدع السياسة وإفلاس الفاعل الحزبي

بقلم سعيد ألعنزي تاشفين ناشط حقوقي في منظمات وطنية ودولية

على المستوى الوطني:

استئساد نزعات اقتصادية رأسمالية احتكارية لصالح شركات كبرى من دون مضامين اجتماعية / هيمنة خطاب حزبي أغلبي / سيطرة تلاثة أنواع من الخطابات الحزبية ضمن انشطارية خطابية مفضوحة من خلال : خطاب أول تقني بسيط بلا هوية سياسية مع زعيم RNI يمتح من بنية الفهم والإدراك كما راكمها ” الباطرون ” زعيم ” الحزب ” / الإدارة = الشركة ، خطاب ثان سياسي شعبوي بكثير من العنجهية والإستحواذية مع عراب PAM الرامي إلى تنصيب نفسه حداثيا عبر خطاب متشنج – متناقض – قوي من حيث الجرأة _ ضعيف من حيث الحجج ، خطاب ثالث ” وسطي ” يمثله حزب الإستقلال دون هوية سياسية بل فقط يضبط التوازن بين طرفي المعادلة لصالح ضمان الإستمرارية بكثير من الإنتهازية المكشوفة . / ضعف منسوب السياسات الإجتماعية بدليل ارتفاع مستمر لأسعار المحروقات والخضر والفواكه ، مع قدرة هائلة لترويض النقابات التي عجزت عن تنظيم شكل احتجاجي واحد لصالح القدرة الشرائية للجماهير الشعبية ، وبذلك حصل الهروب تكتيكيا نحو ملفات قطاعية كما يحصل في التربية والتعليم حيث الهدف منح خارج السلم لفئات عريضة من المدرسين وباقي الممتهنين دون أدنى قدرة على دحض هيمنة التدبير الرأسمالي الفاحش الثروات المغاربة . امتلاك القدرة العاجلة في قانون جنائي جديد ومسجرة مدنية دون أدنى قدرة على إرجاع مشروع قانون منع الإثراء غير المشروع إلى المناقشة البرلمانية . والأهم هو استئساد الفاعل التنفيذي على الفاعل التشريعي ، مع ترويض الصحافة والنقابات ؛ ثم نتيجة صمت مريب وتواطؤ مفضوح مع المنحى الرأسمالي الفاحش .

على المستوى الجهوي:

انتخاب رئيس مجلس الجهة من دون منافس !! مما يفقد السياسة معناها ويؤكد أن كل الأحزاب السياسية جهويا تعمل تحت املاءات حزب الرأسمالية المسيطر ، بحجة عجز كل الأحزاب عن منافسة حزب RNI على قيادة مجلس الجهة . هذا المنطلق أكد فيما بعد العجز عن المطارحات السياسية لمشاكل الجهة ، مع ضعف التداول مما كرس نجاح الحزبية ومحاصرة السياسة / مجلس الجهة تحول إلى جماعة محلية تكتفي بالنقاش والتداول والتصويت وبتوقيع الشراكات مع الجمعيات والقيام بمهام المصالح الخارجية / عجز مجلس الجهة عن إخراج نمودج تنموي ترابي جهوي مكتمل بدليل رفض المقترحات من طرف المصالح المركزية لوزارة الداخلية ، القيام بمهام من صلب اهتمامات مصالح وزارية أخرى بما حول مجلس الجهة كجماعة ترابية إلى حكومة جهوية !! ضمن انحراف خطير يعفي الحكومة من مسؤلياتها في تنمية الجهة . نستنتج بعد مضي سنتين عن استحقاقات الثامن من شتنبر أن الجهة لا تعرف أي طفرة تنموية !! ولا أية حصيلة مشرفة !! بل بالأحرى مجرد فرقعات للإستهلاك الحزبوي دون مضمون سياسي واضح بدليل أن أن مجلس الجهة يستثمر في بناء السدود التلية معفيا بذلك وزارة الفلاحة !! يمول المهرجانات معفيا بذلك وزارة الثقافة !! يفتح المسالك معفيا بذلك وزارة الداخلية !! ؛ وهنا حصل الخلط بين الجهوية المتقدمة ( الجهة جماعة ترابية ) والفيدرالية ( حكومة جهوية ) ، وعليه نجح مجلس الجهة عن جدارة في القيام بمهام الحكومة بأموال الجماعة الترابية !! .

3) ** على مستوى الأقاليم :

نسجل ضعف منسوب المشاركة من طرف مجالس الأقاليم والعمالات في تحريك عجلة التنمية ، وتكتفي معظم هذه المجالس بعقد صفقات اقتناء سيارات النقل المدرسي ك ” حل ” عملي بدل توسيع العرض المدرسي ، مع العلم أن تكاليف تنقل المتعلمين تقع على عاتق الأسر من جهة مع مساهمات الجماعات المحلية من جهة ثانية ، وهذا حل يخدم تكتيكيا الوزارة التي تحد ملاذا في مجالس الأقاليم والعمالات للتخفيف من الأعباء لصالح ضمان التمدرس . ما دون هذا فهذه المجلس تكتفي بالتنمية في مستوياتها الدنيا مثل فتح المسالك وتوسيع الربط بالكهرباء والماء ( الصالح للشرب ) بشراكة مع الجماعات المحلية ومجلس الجهة في خلط مركب .

على المستوى المحلي:

الوضعية أكثر سوء بحيث نسجل ما يلي : تدهور الخطاب السياسي إلى أبشع مستوياته / حصول بروكاج في معظم الجماعات لمبررات أحيانا ذاتية وجينا موضوعية / تسخير الجماعات لنشر سموم الأحقاد الشخصية والضغائن القبلية / مثل الصراعات السياسية إلى صراعات شخصية تستثمر كل شيء لصالح نسف الخصم وتدميره / عدم الإلتزام بالحزبية كشرط لبناء تحالف الأغلبيات / نقل قضايا داخلية بالجماعات إلى معترك الصدامات خارج أسوار المؤسسات الترابية / غلبة نوع جديد من الفضح ونشر غسيل الإجتماعات السرية للنيل من الأغلبيات / استعمال كل أدوات الصراع بدل الإحتكام إلى المؤسسات الحزبية / تدني الخطاب الحزبي المحلي إلى أقصى درجات الإنحطاط عبر الشخصنة وربط التجارب بالأشخاص لا بالمؤسسات / السعي المتواتر إلى توريط مؤسسات الدولة الأخرى في صراعات حزبية لتعبيد الطريق أمام هيمنة البطولة / الوهم على حساب انتظارات الساكنة / إفلاس التنمية المحلية / غلبة البلوكاج النفسي ( عرقلة ما يمكن عرقلته من أجل العرقلة الشاملة = محاصرة فعل التنمية حتى لا ينجح الخصم السياسي !! ) / سقوط الصراع الحزبي في متاهات ” التبرهيش ” الشعبوي من خلال التحريض ضد الخصوم وبناء اصطفافات ضيقة على أساس نعرات مجالية – عرقية – بل حتى على أساس الهواجس النفسية = الوهم / سيادة خطابات الإنتقام الشخصي بدل التدافع الديموقراطي المؤسساتي / الخلط بين الأدوار / ..

استنتاجات

أستنتج بعد مرور سنتين على استحقاقات الثامن من شتنبر ما يلي :

– إفلاس التنمية
– تصدع السياسة
– تهاوي الخطاب الحزبي إلى مدارك القبلية ومختلف الضوابط التقليدية .
– تحويل مؤسسات الدولة ( الجماعات الترابية ) إلى ساحة حروب شعبوية – سطحية بفتيل الأحقاد وتصفية حسابات السياسة بوهم البطولة وعُقد التاريخ .
– العجز عن التدافع مع باقي المؤسسات لصالح انتزاع الحق في التنمية .
– سوء فهم العلاقة بين الجماعات الترابية ( جماعات محلية / مجالس الأقاليم والعمالات / مجالس الجهات ) .
– استئساد ” التبرهيش ” الحزبي والمراهقة السياسية بما يفضح عجز الأحزاب عن فرز طبقة سياسية جادة ومسؤولة ومنضبطة لأخلاق السياسة .

* ملحوظة : لا أعمم هذه الإستنتاجات بالمطلق ، لكون الظاهرة دائما تقترن بالنسبية ؛ وعليه فموفور التقدير للإستثناءات ، والتحليل هنا موضوعي يلامس ظواهر عامة لا خاصة من خلال الرصد والتحليل ، لا على أساس الشخصنة والتفييء .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
× GIL24 sur WhatsApp