كسابة اقليمي جرادة وفجيج والواقع المألم

الطيب الشكري

يعيش كسابة جماعات إقليمي جرادة وفجيج حالة من الخوف بعد أن أصبح مصيرهم مرتبط بما تجود به السماء من أمطار تبدد قلقهم الذي يتنامى بشكل يومي في ظل استمرار الشح في التساقطات المطرية من جهة وضعف الدعم الحكومي لهم من جهة أخرى، الأمر الذي أثر بشكل سلبي على حياتهم المرتبطة أساسا بالنشاط الرعوي وتربية الماشية في غياب بديل إقتصادي حقيقي يخرج ساكنة هذه الربوع من حالة العوز والفقر الذي تعيشه غالبية ساكنة إقليمي جرادة وفجيج.
فلا يختلف إثنان في أن ما يعيشه كسابة إقليمي فجيج وجرادة من أوضاع مأساوية دفعت بالعديد من الأسر إلى طي خيامها بعد أن فقدت مورد رزقها المعتمد اصلا على تربية الماشية بسبب غلاء أثمنة الأعلاف وانخفاض أثمنة المواشي بالأسواق الأسبوعية بشكل كبير وجعلها تستقر بهوامش المدن بعد أن تقطعت بها السبل رغم ما يشكله هذا الأمر من مشاكل تنضاف إلى معاناتها بعد أن تمركزت في دواوير على أطراف المدن تفتقد لمقومات العيش الكريم وحولها إلى مجرد رقم انتخابي يستعمل كل خمس سنوات، وبالرجوع إلى أوضاع هذه الشريحة المنسية التي تعاني مشاكل عديدة جعلتها خارج المعادلة التنموية وخارج الإهتمام الحكومي وخارج الرصد البرلماني اللهم بعض المبادرات المحتشمة الموسمية التي يعتبرها كسابة هذه الأقاليم مجرد عملية لذر الرماد في العيون لأنها وبكل بساطة لم تساهم في حل المشكل ولا في خلق توازن حقيقي يغني هؤلاء عن البحث عن بدائل تجني المدن نتائجها سلبا وليس إيجابا، فحتى برنامج التخفيف من آثار الجفاف الذي أطلقته وزارة الفلاحة والصيد البحري لم يتعد الدعم في حصص الشعير المدعم وحتى هذه العملية أصبحت متجاوزة بشكل كبير لأنها ليست دائمة ومسترسلة تغني الكسابة بالارتهان إلى تجار الأعلاف خاصة بعد تراجع أثمنة المواشي إلى مستويات متدنية لا تكفي حتى لتسديد ديون الكسابة فبالاحرى توفير لقمة عيش لأسرهم.
لقد أصبح من الضروري- في ظل إستمرار هذا الواقع المر – إعتماد مقاربة جديدة في التعامل مع موجة الجفاف التي تضرب جماعات إقليمي جرادة وفجيج بالقطع أولا مع ما هو سائد حاليا لأنه فشل في إخراج الكسابة من حالة الترقب التي يعيشونها و ثانيا بإنتاج حلول جدرية واقعية يلامسها الكساب على أرض الواقع وليس مجرد برامج على الورق، تعتمد أساسا على تأهيل المراعي تأهيلا حقيقيا باسترجاع المساحات التي تم اقتطاعها بسبب الحرث الجائر وحمايتها من الاستغلال العشوائي والتطبيق السليم للقانون رقم 113-13 المتعلق بالترحال الرعوي وتهيئة وتدبير المجالات الرعوية والمراعي الغابوية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.53 صادر في 19 رجب 1437 (27 أبريل 2016) والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 6466 بتاريخ 19 ماي 2016 والذي ستكون له آثار إيجابية إذا ما تم احترام بنوده بالشكل الصحيح وسيوفر لنا مراعي حية مأهلة لاستقبال مآت الآلاف من قطعان الماشية خاصة في المناطق التي تعاني نقصا حادا في التساقطات المطرية وفي توالي سنوات الجفاف وسيحد من الرعي الجائر الذي تمارسه أقلية على حساب غالبية الكسابة إضافة إلى اعتماد برنامج دائم ومستمر لدعم الكسابة وأسرهم التي تحتاج إلى التفاتة حقيقية هي الأخرى خاصو الأطفال في سن التمدرس الذين غابوا بسبب هذه الوضعية عم مقاعد الدراسة في الوقت الذي ينادي فيه الجميع بضرورة أن يحصل كل طفل على مقعد دراسي .
لقد آن الأوان لأن نعيد للكسابة بهذه الربوع ولكل ممتهني الكسب من صغار المربين على امتداد الوطن اعتبارهم والمكانة التي يستحقونها، فلا يكفي الإعتماد عليهم لتنشيط الدورة الاقتصادية في غياب الدعم الحكومي وعلى حساب أوضاعهم الاجتماعية التي تتفاقم يوما بعد آخر.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى