التمويل الرقمي : من شريان حياة خلال أزمة كوفيد-١٩ إلى مصدر تمويل طويل الأجل لأهداف التنمية المستدامة

تقرير جديد للأمم المتحدة

أبرت  النتائج التي توصلت اليها مجموعة من القيادات المالية والتجارية والحكومية والإنمائية التي شكلها الأمين العام للأمم المتحدة، أن  إطلاق العنان لإمكانات التمويل الرقمي يمكن أن يكون نقطة تحوّل في مجال التنمية المستدامة

الرباط 27 غشت2020  – سلّطت الأزمة الاجتماعية والاقتصادية غير المسبوقة التي سببتها جائحة كوفيد-١٩ الضوء على الدور الذي يلعبه التمويل الرقمي في توفير الإغاثة للملايين من الناس في جميع أنحاء العالم، ودعم الأعمال التجارية وحماية فرص العمل وسبل العيش.

وفي حين تبين الجائحة الفوائد المباشرة للتمويل الرقمي فهناك احتمال كبير بأن تُحدث الرقمنة تغييرا جذريا في تحويل التمويل. فقد حولت تكنولوجيات الدفع الإلكتروني الهواتف الجوالة إلى أدوات مالية لأكثر من بليون شخص. وتدعم التكنولوجيا الرقمية البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي في تطوير العملات والأصول المشفّرة، والإقراض بين الأقران، ومنصات التمويل الجماعي، والأسواق الإلكترونية. كما استثمرت المصارف أكثر من تريليون دولار أمريكي في تطوير التكنولوجيات الناشئة وإدماجها واقتنائها. وفي عام ٢٠١٨، بلغ الاستثمار في التكنولوجيا المالية ١٢٠ مليار دولار أمريكي، أي ثلث تمويل رأس المال الاستثماري العالمي.

واليوم في تقرير جديد يحمل عنوان ”أموال الشعوب: تسخير الرقمنة من أجل تمويل مستقبل مستدام“، تضع فرقة عمل الأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالتمويل الرقمي برنامج عمل طموح وعملي. ويوضح هذا التقرير في أساسه كيفية تسخير التمويل الرقمي بطرق تمكّن المواطنين كدافعي ضرائب ومستثمرين من تصور تحول رقمي واسع النطاق يجعل أموالهم موائمة لاحتياجاتهم، وهو ما تشير إليه أهداف التنمية المستدامة في مجملها.

يسلّط التقرير الضوء على الاستجابة الرقمية التي تبناها بلايين الناس في جميع أنحاء العالم في مواجهة جائحة كوفيد-١٩، من خلال استخدام الأدوات الرقمية للعمل والإنفاق والتواصل الاجتماعي. ويفيد التقرير بأن هناك فرصة تاريخية لتسخير الرقمنة لتسليم دفة قيادة التمويل للمواطنين بصفتهم المالكين النهائيين للموارد المالية في العالم، وذلك من أجل ضمان تلبيته لاحتياجاتهم الحالية والمستقبلية.

تحدد فرقة العمل خمس فرص محفزة لتسخير الرقمنة في مواءمة التمويل مع أهداف التنمية المستدامة. وهي تغطي في جملتها قسماً كبيراً من التمويل العالمي:

  • مواءمة التجمعات الضخمة المتدفقة عبر أسواق رأس المال العالمية مع أهداف التنمية المستدامة.
  • زيادة فعالية ومساءلة التمويل العام الذي يشكل جزءا رئيسيا من الاقتصاد العالمي.
  • توجيه المدخرات المحلية المجمّعة رقميا إلى التمويل الإنمائي الطويل الأجل.
  • إعلام المواطنين بكيفية ربط إنفاقهم الاستهلاكي بأهداف التنمية المستدامة.
  • التعجيل بالتمويل الحيوي من أجل توفير فرص العمل وإدرار الدخل للأعمال التجارية الصغيرة والمتوسطة الحجم.

يمثل برنامج فرقة العمل المعنية بالتمويل  الرقمي نداء عمل موجَّه للشركات وواضعي السياسات والجهات التي تتحكم في القطاع المالي لكي تفعل ما يلزم لاغتنام هذه الفرص. وهو لا يمنح حلولا فحسب بل ويبين الطريقة، ألا وهي الاعتماد على الاستثمارات والقدرات الجديدة والابتكارات في مجال الحوكمة لتحقيق المطلوب.

وتخلص فرقة العمل إلى أن تسخير الرقمنة من أجل الصالح العام لا يمثل حتمية تمليها التكنولوجيا بل هو خيار واعٍ.  ويشير برنامج عمل الفرقة إلى الإجراءات اللازمة للتغلب على المخاطر الرقمية التي يمكن أن تكرّس الإقصاء والتمييز وأوجه عدم المساواة، وتعمّق الهوة بين التمويل واحتياجات التنمية الشاملة والمستدامة، إذا لم يتم التخفيف من حدتها.

حقائق وأرقام هامة

يبلغ مجموع المدخرات المحلية في العالم حوالي ٢٣٫٣ تريليون دولار أمريكي.

تبلغ قيمة رأس المال الخاص المستثمر في الأسواق المالية العالمية أكثر من ٢٠٠ تريليون دولار أمريكي، بمعدلات عائد ضئيلة في أغلب الأحيان.

أكثر من ثلث (٣٥٪) من صفقات الأسهم العامة في الولايات المتحدة تحت إدارة صناديق تدار بالحاسوب.

على مدى العقد الماضي، دفع مواطنون مطّلعون الطلب على الاستثمارات المستدامة حتى بلغت أكثر من ٣٠ تريليون دولار أمريكي في عام ٢٠١٨، حيث فاقت قيمة السندات الخضراء التي تم إصدارها مبلغ ٧٧٠ مليار دولار حتى الآن وقُدّر الاستثمار ذو التأثير الاجتماعي بنحو ٧١٥ مليار دولار أمريكي في عام ٢٠١٩.

وجدت دراسة حديثة أجراها مكتب الحماية المالية للمستهلك أن درجات التقييم المعزّزة رقميًا أدت إلى زيادة بنسبة ٢٧٪ في الموافقات على القروض مع انخفاض أسعار الفائدة بنسبة ١٦٪ في جميع شرائح العملاء.

قدّر صندوق النقد الدولي القيمة الناتجة عن رقمنه المدفوعات الحكومية في البلدان النامية بما يتراوح بين ٢٢٠ و٣٢٠ مليار دولار سنويا أو ١٫٥٪ من الإيرادات. فالانتقال من النقد إلى التسليم الإلكتروني للفوائد الحكومية يولد ما يقارب ٤٠٪ من الوفورات عن كل معاملة.

في البرازيل، أدى الانتقال من البطاقات النقدية إلى البطاقات الإلكترونية في توزيع مدفوعات الرعاية الاجتماعية (المعروفة باسم “بولسا فاميليا”) إلى خفض التكاليف الإدارية بمقدار سبعة أضعاف من ١٤٫٧٪ إلى ما يقارب ٢٫٦٪.

تحتوي منصة آنت فورست التابعة لشركة Alipay على ٥٥٠ مليون مستخدم قاموا جماعيا بتخفيض انبعاثات الكربون بقرابة ١١ مليون طن بحلول آذار/مارس ٢٠٢٠.

 اقتباسات من القيادات

”إن التكنولوجيات الرقمية، التي تحدث ثورة في الأسواق المالية، قادرة على قلب الموازين فيما يتعلق بتحقيق أهدافنا المشتركة. وتوفر فرقة العمل المعنية بالتمويل الرقمي لأهداف التنمية المستدامة القيادة اللازمة لتسخير الثورة الرقمية لتحقيق هذه الأهداف. “ – الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس

” لدينا فرصة تاريخية لتسريع وتوسيع نطاق الأثر التحويلي للرقمنة. فالتمويل الرقمی، الذي أصبح في هذه الأزمة شريان الحياة بالنسبة للملايين في جميع أنحاء العالم، يوسّع حدود تعميم الخدمات المالية من خلال تمكين المواطنين كمدّخرين ومستثمرين ومقترضين ومقرِضين ودافعي ضرائب، بشكل يمنحهم الخيار والسلطة على أموالهم. “- ماريا راموس، الرئيسة المشاركة لفرقة العمل المعنية بالتمويل الرقمي التابعة للأمين العام للأمم المتحدة

”تكشف جائحة كوفيد-١٩ عن الإمكانات الهائلة التي يملكها التمويل الرقمي لإحداث أثر تحويلي. إذ تمكّن التحويلات الرقمية الحكومات من توفير الدعم لمن يحتاجه، فقد حشدت منصات التمويل الجماعي الأموال للإمدادات الطبية والإغاثة في حالات الطوارئ، وأصبحت الشركات الصغيرة تحصل على الأموال بشكل أسرع بفضل الإقراض الحسابي. إن السرعة التي انتشرت بها هذه التكنولوجيات مؤخرا مذهلة، ولكن تحقيق التقدم لن يكون تلقائيا. فلكي تصبح الرقمنة قوة حقيقية تؤدي إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة، يجب أن تقترن التطوُّرات التكنولوجية بسياسة سليمة تمكّن المواطنين ونظامنا المالي من مواجهة تحديات الاستثمار الملحة التي يجب التغلب عليها للمضي قدما على نحو أفضل.“ أخيم شتاينر، مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والرئيس المشارك لفرقة العمل المعنية بالتمويل الرقمي التابعة للأمين العام للأمم المتحدة

التقرير في نسختيه الكاملة والموجزة متاحً على www.digitalfinancingtaskforce.org

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى