أزمة العنف الرقمي ضد النساء في المغرب: صراع « السيادة القانونية » أمام الـ 64% الصامتة (من ندوة جرادة)

نقدم لكم في هذا التحليل نقاشاً معمقاً مستنداً إلى مادة علمية غنية من ندوة نظمتها رئاسة النيابة العامة بمدينة جرادة تحت شعار « التحدي للجميع ». يركز النقاش على التحدي الأخطر والأحدث الذي يواجه المرأة اليوم: العنف الرقمي.
هل العنف الرقمي ظاهرة حقيقية أم مبالغة؟
توصف المصادر العنف الرقمي بأنه « ظاهرة اجتماعية متكاملة » و** »جريمة منظمة »**، وليس مجرد امتداد للتحرش التقليدي. وتؤكد الإحصائيات على وجود أزمة حقيقية:
• تسجيل 2740 قضية تحرش رقمي وتفكيك 23 شبكة متخصصة بالابتزاز والتشهير في عام واحد.
• وصول 12614 بلاغاً إلى منصة « أبلغ » التي أطلقت في 2021، مما أدى إلى توقيف 163 شخصاً.
الخصائص المدمرة للعنف الرقمي:
ما يجعل هذا النوع من العنف فريداً هو خصائصه المدمرة:
1. سرعة الانتشار الهائلة: حيث يصل المحتوى المسيء للملايين في دقائق.
2. ديمومة الأثر (البصمة الرقمية): المحتوى المسيء لا يمحى بسهولة، مما يحول الأذى إلى صدمة نفسية مستمرة. وصفه الخبراء بأنه يخلق شعوراً لدى الضحية بأنها « سجينة في سجن رقمي أبدي ».
3. أشكال الجريمة الجديدة: يشمل الابتزاز الجنسي (السكستورشن) وعمليات التلاعب النفسي الممنهجة التي تستهدف القاصرات (الجرومينغ أو الاستمالة).
التحديات التي تواجه الحلول القانونية:
رغم أن الاستجابة المغربية من خلال القانون 103.13 وإنشاء وحدات شرطة متخصصة تُعد خطوات ضرورية، إلا أن فعالية هذه الحلول تصطدم بعقبات هائلة:
• الصمت الرقمي: يخشى 64% من ضحايا الابتزاز الرقمي الإبلاغ خوفاً من الفضيحة، مما يعني أن المنظومة القانونية لا تلامس سوى « قمة جبل الجليد ».
• السيادة الرقمية: التحدي الأكبر هو التعامل مع المنصات الأجنبية الكبرى (فيسبوك، تيك توك) التي لا تخضع للقانون المغربي، مما يتطلب ضغطاً دبلوماسياً.
المعركة الثقافية هي الأساس:
يؤكد النقاش أن القانون هو فقط « خط دفاع أخير » وأداة لإيقاف النزيف، لكنه لا يعالج جذور المشكلة. تم وصف العنف ضد المرأة بأنه سلوك « قديم » متجدد، جذوره ضاربة في بنية ثقافية تعتبر المرأة كائناً أدنى.
الحل الشامل يتطلب التوقف عن التركيز المفرط على الأداة (الإنترنت) والبدء بمعالجة « عقلية المستخدم »، وذلك من خلال:
1. العمل الوقائي والتربوي المكثف في الأسرة والمدرسة والإعلام.
2. تحقيق توازن بين الأطر القانونية الصارمة والعمل الثقافي العميق لمعالجة « فيروس الكراهية والتمييز ».
الرسالة النهائية لندوة جرادة هي أن الدمج بين الأطر القانونية والإجراءات الأمنية ودعم المجتمع المدني والعمل الثقافي العميق هو السبيل الوحيد للمضي قدماً.

Soyez le premier à commenter

Laisser un commentaire

Votre adresse de messagerie ne sera pas publiée.


*