الشباب والسياسة في المغرب: تحديات المشاركة وسيرورة التنظيم الحزبي

في ظل تحولات عميقة يشهدها العالم، يتناول الأستاذ محسن أفيد، الأستاذ المؤهل بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس والمتخصص في التنظيمات النقابية والسياسية، في مداخلة مهمة ضمن « جيل 24 جورنال » موضوع العمل السياسي في المغرب. تركز المداخلة بشكل خاص على مسألة المشاركة السياسية للشباب، مع الإشارة إلى دعوة جلالة الملك محمد السادس للاهتمام بهذه الفئة في الخطاب السامي بمناسبة ذكرى عيد الثورة الملك والشعب.
تطور التنظيم السياسي بالمغرب: يسلط النقاش الضوء على السرورة التاريخية لمفهوم وممارسة العمل السياسي في المغرب. فقبل فترة الحماية، كانت التعبئة السياسية تستمد زخمها من التنظيم الاجتماعي للقبيلة والزوايا والعشيرة، وكانت تنحصر في تفضيل سلطنة أو خلافة أخرى على الموجودة، أو في الدعوة إلى « أسلمة جديدة للمجتمع ». ومع قدوم الحماية وتغير المجتمع، بدأ الشعور بوجود آليات خاصة تشتغل في ما يُنعت بـ »الحقل السياسي » و »الحقل النقابي ». في هذه المرحلة، برزت ازدواجية استغلتها الإدارة الفرنسية لدعم إرث تقليدي (بحمولاته الدينية والثقافية) مقابل إرث حديث بمؤسساته السياسية وفلسفته البرامجية الجديدة. أما اليوم، فيركز النقاش على التنظيم السياسي الحزبي في المغرب المعاصر باعتباره نوعًا جديدًا من التنظيم.
عزوف الشباب عن العمل السياسي وأسبابه: من القضايا المحورية التي طرحت في المداخلة هي ظاهرة العزوف الكبير للشباب عن العمل السياسي، وخاصة الانتماء الحزبي. ويُرجع النقاش أسباب هذا العزوف إلى عدة عوامل، منها « البرجوازية المتفحشة »، « السياسات الميكرو والماكرو اقتصاد »، و** »شراء الذمم السوسيوثقافية للتنظيمات السياسية بالمغرب »**. كما تم التساؤل حول السبب وراء اتجاه العديد من المنخرطين في العمل السياسي إلى تحقيق المصلحة الشخصية بدلًا من المصلحة العامة.
آفاق وتطلعات لتعزيز مشاركة الشباب: يهدف اللقاء إلى محاولة إقناع الشباب بضرورة الانخراط في العالم السياسي والتصدي لظاهرة العزوف. وفي هذا السياق، يُبرز الأستاذ محسن أفيد دور شبيبة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية باعتبارها فصيلًا نضاليًا كبيرًا يتطلع إلى تجاوز النقص السياسي وإلى إحداث تغييرات بنيوية في هياكل البلاد. ويتمثل الهدف الأسمى في أن تُصبح الثروات البشرية والمادية والثقافية، بالإضافة إلى طاقات الشباب، في خدمة الوطن والجماهير الشعبية. كما يُشدد على أهمية المعرفة السياسية كمسألة أساسية.
تحديات حرية التعبير: تطرق النقاش أيضًا إلى تحديات تواجه حرية التعبير، مستشهدًا بواقعة إيقاف رئيس المجلس الإقليمي لفكيك من طرف وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية على خلفية تدوينات له. هذا يثير تساؤلاً حول ما إذا كانت هناك قطيعة حقيقية مع الممارسات البائدة التي قد تصادر حرية التعبير، سواء عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو المنصات الأخرى.
مؤلفات الأستاذ محسن أفيد: تُشير المادة إلى أن الأستاذ محسن أفيد يتميز بمساهماته الفكرية المهمة من خلال مجموعة من المؤلفات، أبرزها: « المجتمع والغيب » (2024)، « زلزال الحوز ورهانات الدولة الاجتماعية بالمغرب » (2024)، و** »الواحة والتحولات المجتمعية: الإنسان والجمال والمجتمع » (2022)**. هذه الأعمال تُبرز تخصصه في شعبة علم الاجتماع، وتركيزه على التنظيمات النقابية والسياسية.
الخلاصة: يُختتم النقاش بالتأكيد على أننا نعيش اليوم ولادة جيل سياسي جديد لم يعد يكتفي بدور المتفرج أو المتلقي، بل أصبح فاعلًا يسعى إلى التغيير. يبقى التحدي الأكبر هو كيفية توعية الشباب بالممارسة السياسية وتوفير البيئة المناسبة التي تمكنهم من الانخراط الفاعل والبناء في الشأن العام، بعيدًا عن دوافع المصلحة الشخصية.

Soyez le premier à commenter

Laisser un commentaire

Votre adresse de messagerie ne sera pas publiée.


*