تقرير صادم حول المستشفى الجامعي محمد السادس بوجدة: على المريض ان فكر في التداوي بهذه المؤسسة تحضير جميع المستلزمات الطبية وأكثر…

بعد مجموعة من المقالات التي سبق للجريدة أن تطرقت فيها للحالة المزرية التي يعيشها المستشفى الجامعي بوجدة…. توصلنا بتقرير تركيبي أعده مجموعة من الأطر الطبية والشبه الطبية والإدارية بالمستشفى الجامعي محمد السادس بوجدة، يرصد ويكشف بشاعة الوضع ويثير مجموعة من التساؤلات حول واقع الصحة بجهة الشرق في ظل “النموذج التنموي الجديد”.

منذ ان قدم شكيب بنموسى إلى الملك محمد السادس تقرير لجنته يوم الثلاثاء 25 ماي الماضي، أصبحنا نعيش فيما يسمى «نموذج تنموي جديد” … ولا يمكن نكران وجود رؤية ومقاربة نسبياً منسجمة وجملة من الأفكار المبتكَرة هنا وهناك. لهذا استبشر الفاعلين والرأي العام على حد سواء، خيرا مما جعله يستأثر اهتمامهم. وبدأ الكل ينتظر وينظر من حوله لكي يرى التحول الذي سيحصل إبان الدخول في مرحلة تطبيق وتصريف مخرجات هذا “النموذج التنموي الجديد”.

ومما اضاف سبغة الثقة هو أن القرير يقترح آلية للتتبع يرأسها ملك البلاد لرصد مدى التقدم في التنفيذ على المديات: القصير، والمتوسط، والطويل؛ نظراً لأن الهدف المتوخى من النموذج هو إحداث طفرة نوعية وتغيير جذري في كيفية تدبير التنمية، فمن الطبيعي جداً أن يكون الملك، بحكم ضمانه استمرارية الدولة حسب مقتضيات الدستور، هو من يسهر على مدى التقيد بأهداف الميثاق والالتزامات الواردة فيه، ورصد التقدم، وضمان تذليل العقبات في حال وجودها.

وحتى لا نتشعب ونغوص في نقاش عام وفضفاض حول مقترحات النموذج التنموي واشكاليات واقع الحال، سنقتصر على تطلعات المواطنين فيما يخص الصحة، حيث تمحــورت تعبيــرات المواطنيــن حــول الفــوارق وحالات التمييــز المتعــددة فيمــا يخـص الولـوج إلـى العلاجات ذات جـودة، بحيـث تـم ربـط الصحـة، بشـكل وثيـق، بطلـب مزيـد مـن الحمايـة الاجتماعية.

وتتركـز انشغالات الموطنيـن حـول النقـص فـي الوسـائل، إضافة للنقـص فـي أعـداد العامليـن بالمستشـفيات، وتهالـك التجهيـزات الصحيـة، وكـذا نقـص فـي الأدوية والأطباء الخـواص، وصعوبـة قويـة فـي الولـوج إلـى العـلاج، وبعد المسافة بين المستشفيات.

كما ان اللجنة نفسها اشارات في تقريرها، إلى أن وبـاء “كوفيـد19″، كثف مـن اهتمـام النـاس بالصحـة وبشـروط الولـوج للعـاج، لكـن هـذا الأمر أدى، حسب اللجنة، إلـى التركيز علـى مسـألة أعـم تتعلـق بالتغطيـة الاجتماعية، فالمشـاركات المسـجلة ضمـن خانـة كوفيـد19، تربـط بشـكل وثيـق بتقويـة الحمايـة الاجتماعية وتعميـم التغطيـة الصحية.

الى ذلك اقترح المواطنون، العمل على مبـدأ تدعيـم النفقـات العموميـة للاستثمار، حيث إن تعميـم التغطيـة الطبيـة للمواطنيـن، وتعزيـز العامليـن فـي الهيئة الطبية والشـبه الطبية، وتحسـين وضعيتهم، يعتبـرون مـن المقترحـات التـي تتكـرر بشـكل شـبه متفـق عليـه، مع ضرورة تعميــم التغطيــة الاجتماعية الأساسية للأشخاص المعوزيـن.

أحد اهم مراكز البحث على الصعيد الوطني كان قد اقترح عدم ملازمة جودة الصحة العمومية بحجم الإنفاق عليها. ورأى انه يمكن تحقيق جودة الخدمات الصحية العمومية دون الحاجة لموارد ضخمة. واقترح البحث عن تعويض الإنفاق على البنايات الاستشفائية ذات التكلفة العالية بوحدات صحية أقل كلفة وأقل هدرا للطاقة والموارد.

لكن التقرير الذي توصلنا به يوم أمس يفيد أن مواطنات ومواطنو الجهة الشرقية يعانون، وبعد تبني النموذج التنموي الجديد، من ضعف خدمات المستشفى الجامعي محمد السادس بوجدة، خاصة طول مدة المواعيد ولا سيما الحالات التي تتطلب عمليات جراحية مستعجلة، وازداد الوضع تفاقما بعد ان تم غلق مستشفى الفرابي في وجه باقي الخدمات الطبية وتخصيصه للمصابين بجائحة “كوفيد19»، اضافة الى ضعف بنيات الاستقبال وغياب التخصصات في المراكز الاستشفائية الاقليمية.

للتذكير فإن بناء المستشفى الجامعي بوجدة كلف الدولة ازيد من 120 مليار سنتيم، ويتلقى دعما من الدولة يفوق 70 مليار سنتيم سنويا. ومع ذلك قد تصل المواعيد الى أزيد من سنة، والسبب الرئيس هو عدم توفر المصالح العلاجية والجراجية على مصالح مستقلة للتخدير والانعاش، مما يحد من نجاعة تدخلاته وتحقيق مسؤوليته الاجتماعية والمجتمعية. للإشارة فتوفره على مصلحة واحدة ووحيدة للتخدير يجعله يشكل استثناء وطنيا ودوليا مقارنة مع المستشفيات الجامعية المتواجدة على مستوى التراب الوطني.

كما ان التقرير يقر بوجود اختلالات واضحة ابان جائحة كورونا وما نتج عنه من تبادل للمصالح ولا سيما في مجال الاستثمارات في القطاع الصحي الخاص وجعل تدخلات المصلحة خلال الجائحة رهن إشارة ذوي النفوذ.

تنضاف الى ذلك معاناة اخرى راجعة الى عدم توفر معظم المصالح العلاجية والجراجية على المعدات واللوازم الطبية اللازمة لاجراء تلك العمليات الجراحية و حتى الاساسية منها ك:

 Betadine و و القفازات الجراحية gants chirurgicaux والمصل sérum sal

كما ان قاعدة عامة تعرفها جميع اروقة المستشفى هي توجيه المرضى وذويهم الى احدى الشركات الشبه الطبية بعينها لشراء تلك اللوازم… هل لنجاعة معداتها لأنها تقتنيها من “القمر” ام تماشيا مع توجيهات وتعليمات تم اقرارها من أطراف لها علاقات ما بتلك الشركة؟

علما، يضيف التقرير، ان المستشفى يستفيد من دعم سنوي، خلال السنوات الاخيرة، يقدر بملايين الدراهم من أحد المجالس المنتخبة مشكورا للتخفيف من وطأة ومعاناة مواطني الجهة.

مما يجعلنا نتساءل حول مصير تلك الاموال، اذ وبما انهما مرصودة لشراء الادوية لتوزيعها على الفئات الهشة، فأين هي تلك الأدوية؟ هل، ونحن نتساءل فقط، يتم تهريبها ليلا الى المصحات الخاصة؟؟؟  وفي هذه الحالة من هم الأساتذة المساعدون المسؤولون عن تلك المصالح؟ وهل تتم مراقبة ومراجعة لوائح وفترات تغير عدد تلك الأدوية؟  ام ان الامر متروك على عواهنه، مما يدعم فرضية توجيه أصابع الاتهام الى المسؤولين عن تلك المصالح او الصيدليات أو المخازن…

ويتأسف التقرير أيضا، على عدم احداث أي مصلحة لجراحة القلب ولا على اي مركب جراحي خاص في هذا التخصص، بحيث وبعد ثمان سنوات من افتتاح المستشفى الجامعي محمد السادس بوجدة، لازال مواطنات ومواطني الجهة الشرقية يعانون من ضعف خدمات هذا المركز الاستشفائي خاصة الحالات التي تتطلب عمليات في مجال جراحة القلب والشرايين… مما يشكل استثناء وطنيا ودوليا، ويدفع مواطني الجهة للتوجه غصبا الى احدى المصحات الخاصة أين يمكن أن تصل تكلفة العملية الواحدة الى حوالي عشرات ملايين من السنتيمات.

فتواجد  استاذين في جراحة القلب و الشرايين وحده غير كاف، اذ انه اصبح من الضروري احداث مصلحة مستقلة لجراحة القلب والشرايين بالمستشفى الجامعي محمد السادس بوجدة مع تمكينها من مركب جراحي خاص يعمل يوميا مع السهر على توفره على مصلحة مستقلة للتخذير والانعاش وفريق طبي وتمريضي معين بالمصلحة، دون ان ننسى اللوازم والمعدات الطبية الضرورية لضمان العمل اليومي والدائم لهذه المصلحة واتاحة الفرصة للكفاءات الطبية الوطنية لاجراء عمليات جراحة القلب بطريقة روتينية واستقبال الحالات المستعجلة وذلك حتى يتمكن مواطنو هذه الجهة من اجراء عملياتهم الجراحية والاستفادة من خدمات المركز الاستشفائي الجامعي مما سيساهم لامحالة في ترجمة الاختيارات الكبرى للدولة الاجتماعية.

كما يكشف التقرير عما يعانيه المستشفى الجامعي محمد السادس منذ افتتاحه من غياب هيكلة حقيقية، للإشارة فالمجلس الإداري للمؤسسة لم ينعقد للسنة الثالثة على التوالي مما يشكل سابقة وطنية، ويفسر التقرير ذلك بطغيان الأنانية والمزاجية والاندفاعية والحسابات الشخصية والمصالح الشخصية وغياب رؤية استراتيجية قادرة على جمع كل فعاليات المستشفى، لدى الساهرين على هذا المرفق العمومي على غرار باقي جميع المستشفيات الجامعية بالتراب الوطني.

ويشخص التقرير بعض اهم المرافق التي تتطلب هيكلة استعجالية وهي كالتالي:

– مستشفى الام والطفل

– مستشفى الصحة النفسية

-مستشفى امراض السرطان

– مصالح الإنعاش والتخدير بكل مصلحة جراحية باعتبارها نقطة حساسة وحيوية في المنظومة الصحية للمستشفى الجامعي.

في مقابل هذا الفراغ الذي تعرفه هذه المصلحات، التقرير يشير الى تكاثر المهام لدى القيمين على المستشفى، اذ من المفروض ان يسخر هؤلاء جل جهودهم ووقتهم له لكن نجدهم يستغلون وضعهم الاعتباري بالمؤسسة – قطاع عامة – لجلب الزبائن للمصحات الخاصة عن طريق التوجيه، حيث يشي التقرير صراحة، أن مصلحة المستعجلات تحولت الى سكريتارية للمصحات الخاصة… كما يكشف عن تواجد بعض المسؤولين اما مباشرة او عن طريق زوجاتهم ضمن المجالس الادارية لمصحات قائمة او ستقوم مستقبلا…

كيف يعقل أن يتم التخلص، وهذا خلال الشهرين الأخيرين فقط، من أطنان من المعدات والأدوية المنتهية صلاحيتها أمام مرمى ومسمع من الجميع في وقت يفرض على مرتفقي المستشفى خاصة الفئات الفقيرة والهشة اجتماعيا شراء الادوية والمعدات من الشركة المحظوظة المشار اليها أعلاه… ولنا شهادات تقول انه تم اجبارها على شراء حتى القفازات التي قد يستعملها الطبيب او الممرضين اثناء الكشف.

ليختتم التقرير بأسئلة يقول اصحابها انها ستبقى عالقة وهي كالتالي:

1-من يحمي هؤلاء ومن أين يستمدون قوتهم,؟ هل الجمع بين المالي والسياسي ورجالات الفقه ساهمت في هذه الوضعية؟

2-مادور وزارة الصحة والحماية الاجتماعية فيما يقع داخل المستشفى الجامعي محمد السادس بوجدة؟

3-من له مصلحة في اغتيال هذا المرفق العمومي في زمن الحديث عن الدولة الاجتماعية؟

4-لماذا صمتت فعاليات المجتمع المدني والنخب السياسية بجهة الشرق عن الوضعية الكارثية لهذا المرفق العمومي؟

5-هل هناك تواطئيات ما حول مجانية وجودة التطبيب لفائدة الفئات الاجتماعية الهشة بالجهة؟

على سبيل الختم، وعلى الرغم من شيوع ملاحظات الاختلالات التي يعرفها المستشفى الجامعي محمد السادس بوجدة، وعلى الرغم من كل الرسائل التي تتوصل بها الجهات العليا، والوزارة الوصية على القطاع، يبقى الحال كما هو عليه…

لذا وبما ننا لا نملك سوى حق الكتابة والتعليق، فنحن نحشر كل هذا في خانة الفساد، الذي وبشكل عام، هناك أربع تحديات تعيق مكافحته في المغرب:

التحدي الأول مرتبط بجدية الإرادة السياسية لمحاربته.

التحدي الثاني يرجع إلى الاختلالات والنواقص على مستوى الإطار القانوني والمؤسساتي وضعف الأداء المؤسساتي في هذا الشأن، ولا سيما محدودية فعالية النظام الوطني للنزاهة بوجه عام، وعلى مستوى منظومة المحاسبة بوجه خاص.

والتحدي الثالث يتمثل في الضعف المسجل على مستوى الموارد والقدرات، والبطء في تفعيل مؤسسات الحكامة، والخلط بين تحسين الحكامة ومحاربة الفساد.

والتحدي الرابع والأخير يتمثل في الصعوبات الملحوظة على مستوى إدماج المجتمع المدني في الجهود الرسمية، وكذا شيوع ثقافة التطبيع مع الفساد. وكل ذلك على الرغم من أن الخطاب الرسمي يتحدث عن جهود مبذولة وبرامج مسطرة وإجراءات متخذة على كافة المستويات السياسية والقانونية والإدارية، شرع فيها منذ الرسالة الملكية الموجهة للمشاركين في الندوة الوطنية حول دعم الأخلاقيات بالمرفق العمومي المنعقدة بتاريخ 29 أكتوبر 1999…

والى حين تحرك الجهات الوصية، سنعمل على اشعار المواطن ان عليه شراء جميع المستلزمات الطبية، ان هو فكر في التداوي بالمستشفى الجامعي محمد السادس بوجدة، وهذه وصية من وزارة الصحة.

تحياتي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى