حتى يستقيم النقاش حول محاربة الفساد بالمغرب.

د. عادل راشدي*

إن أي متتبع للنقاش الحالي ولمجموعة من الخرجات الإعلامية، يخلص أن الفساد بالمغرب هو مرتبط وفقط بالمنخبين وبالمؤسسات التمثيلية التي تخضع لنظام الإقتراع وليس التعيين،وأن من صوت عليه المغاربة هم رموز فساد وبالتالي يطرح معه جدوى عملية الإقتراع والمسلسل الإنتخابي والمؤسسات المنتخبةو التمثيلية،مع توريط المؤسسة التشريعية في ذلك، بعد إنتخاب محمد مبديع رئيسا لجنة العدل و التشريع بالبرلمان.

لكن السؤال المطروح:
-من سمح لهؤلاء للترشح والتقدم للإنتخابات؟
-من أغرق الأحزاب السياسية بمول الشكارة؟
-من المستفيد من ضعف الأحزاب السياسية؟
-من إغتال السياسة والنبل السياسي بالمغرب؟
-من هي الجهة التي تقف حجرة عثراء أمام بروز و إنتخاب نخب حقيقية في تدبير الشأن العام المحلي والجهوي؟
-لماذا هناك مقاومات لتعديل مدونة الإنتخابات ووضع شروط هامة في القانون الإنتخابي؟

هذا من جهة، أما من جهة أخرى لايستقيم النقاش اليوم في المغرب حول محاربة الفساد دون الإجابة عن أسئلة حارقة ومشروعة:
-من هي الجهات التي عملت على خلق و مواكبة ودعم هذه الكائنات الإنتخابية الفاسدة خاصة بعد إطلاق مجموعة من مشاريع الأوراش الكبرى مع بداية الألفية؟
-ماهي مصادر أموال هذه الكائنات الإنتخابية، من حماها وسهر على تنميتها؟
-من هي الجهات التي عبدت الطريق أمام الناخبين الفاسدين ولقنتها أساليب التحايل للسطو على المال العام والتلاعب في الصفقات؟


من المستحيل أنه من تسربت أسمائهم لهم التجربة والمعرفة اللازمتان للإغتناء الغير المشروع،لأنهم أولا وأخيرا كانوا بيادق لمهندسين كبار الذين يتقنون ببراعة”اللعاب حميدة والرشام حميدة” وبالتالي البحث في ملفات الناخبين الكبار يقتضي البحث من كان ماورائهم ولمن إشتغلوا سابقا ويشتغلون حاليا؟ مع الإعلان عنهم وتقديمهم للمحاكمة،ولا يوجد أي شخص فوق المسائلة.

هنا نكون حقيقة أننا فتحنا ملفات الفساد بوطننا العزيز، يجب الإقرار كذلك أن أكبر بؤر الفساد هي التي تتواجد في المؤسسات العمومية و الإدارات الترابية التي دبرت مشاريع الأوراش الكبرى خلال العشريتين الأخيرتين بملايير الدراهم ولنا تقارير في ذلك صادرة مجلس الأعلى للحسابات والمفتشيات العامة للمالية وللوزارات،ومجلس المنافسة ولم يتم تفعيل نتائجها وتقديم الجناة للعدالة،حيث أن مستشفى جامعي بجهة ما تفوق ميزانيته مجلس جهة ويطالب من مواطني المملكة شراء قفازات ب4 دراهم، ووكالة عمومية ميزانية التواصل والإستقبالات وفقط تفوق ميزانية جميع الجماعات الترابية بجهة ما،ووووو دون الحديث عن الأجور و التعويضات الصخمة والسفريات، ومن يجرؤ بالحديث عن فساد هذه المؤسسات قد ينعت بالعدل والإحسان أوالإنفصالي وهذه إحدى النقاط السوداء في التعاطي مع الفساد.

وإرتباطا بسياق تقديم محمد مبديع وحتى لاننسى قضية مصطفى لخصم التي حظيت بتضامن وطني ودولي واسع وماصاحبها من نقاش عمومي، وحتى لايتم توسيع هذا النقاش حول الشبهات التي تحوم حول مسؤولي الإدارات الترابية وهم بمثابة سوبرمان وصورتهم هي صورة الدولة، وهنا ضاعت الحقيقة،لكننا نتسائل:
هل أصبح بعض مسؤولي الإدارة الترابية يشكلون دولة في وسط دولة بالمغرب من دون حسيب ولارقيب، ألا تشكل تجاوزاتهم وفسادهم وغطرستهم تهديد حقيقي لإستقرار البلد والمس بثوابث الأمة؟

التاريخ علمنا أن من قادوا إنقلاب 71و72،كان يصعب إنتقادهم خلال الستينات وبداية السبعينات وحتى النبش في أسمائهم كان يؤدي إلى دهاليز دار المقري ودرب مولاي شريف، أبانت التجارب ودروس التاريخ أن أكبر المخلصين للملكية ليسوا من المأجورين لخدمة ذلك و المستفيدين من إقتصاد الريع، كما قال ماكيافيل في كتابه “الأمير” “أكبر المخلصين للملكية هم من ساهموا معها في بناء الأمل والإستمرارية و الإنتقال السلس في زمن الأسئلة الصعبة وفي مغرب مفترق الطرق”.


واهم من يعتقد أنه فوق المساءلة والمحاسبة،لانه:
“إذا كان الركوب على أزمات الغير يدخل في خانة المقرف فإن إمتطاء الجثامين يتجاوز القرف بكثير”
الوطني أو الملكي أو تمغربيت اليوم أو أو أو…. “هو من يستمع إلى الناس، ويركب افكارهم، ثم يعيدها إليهم في شكل مقترحات يعمل على اقناع أغلبهم بها، وإن لم يفلح عدلها… وهكذا دواليك”.

رغم ذلك تبقى مجموعة من الأسئلة في حاجة إلى إجابات:
1-هل هناك إرادة حقيقية لمحاربة الفساد بالمغرب ؟
2-هل للمغرب إرادة في المرحلة الراهنة على المستوى التشريعي إصدار قوانين لتجريم الإثراء الغير المشروع أوالغيرالمبرر،لأن المغرب ملزم بذلك بموجب الإتفاقية الإفريقية لمكافحة الفساد وإتفاقية الأمم المتحدة؟
3- الحكومة الحالية هي حكومة”زواج المال بالسياسة” وزواج المال بالسلطة بإمتياز وبالتالي ترسيخ صورة حكومة تضارب المصالح وظهر ذلك جليا مع ملف المحروقات وقضية تجميد مجلس المنافسة.
4-لماذا تم سحب مشروع قانون الإثراء الغير المشروع في فترة سابقة مع الحكومة الحالية؟
الوضعية الراهنة لاتعطينا مؤشرات حقيقية للمضي قدما في محاربة الفساد وننتظر الخروج من قاعة الإنتظارات لأن المواعيد قد طالت والتحديات أصبحت ثقيلة.


وجدة في 30 أبريل 2023

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى