كورونا تطالب بالتغيير

حميد عزيز – الدارالبيضاء

الأوضاع صعبة جدا على جميع المستويات.. الاقتصادية والاجتماعية وحتى النفسية. والمسؤولون يتخبطون،لا يعرفون ما يقدمون وما يؤخرون، على الأقل في التخفيف من حدتها ومساعدة المواطنين على تجاوزها بأخف الأضرار. حتى المواطن لم يعد يكترث كثيرا لما يمكن أن يحدث. يمارس حياته العادية كما لو أنه غير معني. ثقافة الصدمة أخذت حيزا كبيرا من سلوكنا.. وأصبحت كل الامور خاضعة ل”منطقَ” الصدفة والارتجال..
كنا ننتظر أن تحدث هذه الأزمة تناغما وانسجاما ولو نسبيا بين أجهزة الدولة ومؤسساتها من جهة، وبين عموم الشعب من جهة أخرى.. وهو ما كان قد بدأ في التبلور تدريجيا منذ بداية انتشار آفة الوباء. لكن سرعان ما اتضح أن الحكومة ليس لها من الكفاءات إلا الاسم.. وأن ارتباكها تجاوز ارتباك المواطن العادي. فاتخذت إجراءاتها نتيجة لذلك منحى عبثيا في كثير من الأحيان. وقدمت مصالح الباطرونا على مصالح غيرها في درجات التجاوب والاهتمام. وهو ما أدى إلي تقليص منسوب الثقة في أدائها، وجعل الكثير من المواطنين يتمردون على قراراتها ودعواتها المتكررة الى الحيطة والحذر.
هذا الوضع مؤشر خطير.. لأنه يكشف عمق الأزمة الحقيقية. ازمة الثقة في كل شيء. ولنتصور فقط كيف سيكون الوضع والبلد لا قدر الله في حالة حرب حقيقية. حكومة فاشلة وعاجزة،نخبة متعالية ومنشغلة باوضاعها الذاتية، ومواطن فاقد للأمل والإرادة..
أما الذين ظلوا يزايدون على الجميع بقدراتهم الخارقة، وامتلاكهم أدوات العلاج وناصية العلم النافع، فقد اختفوا تماما بعد أن تمكنوا من العقول، ومن تسمبن أرصدتهم في بنوك المال وبنوك الولاء.
يبدو أن الوضع الحالي أصبح استثنائيا في كل شيء. وهو ما يستوحب ربما قرارات استثنائية تقطع دابر الفساد في التدبير، دون أن تؤثر على مكتسبات دفع الشعب ثمنها من دمه وحرياته ومن قوته.
المطلوب أن تتجه المبادرات إلى تعميق وتجذير مطلب التغيير.. في السياسات العمومية قبل الوجوه. وأن تدفع كل الأحزاب التي شاركت في الحكم بهذا القدر أوذاك، ثمن اختياراتها الفاشلة ،وانحيازاتها المخجلة لمصالحها ومصالح من يدفعون لها. بدل أن تستمر في سباقها المحموم نحو المقاعد والمناصب، والوطن يعاني منها ربما أكثر من معاناته مع الوباء نفسه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى