عبد المجيد امياي… عنوان للهوة بين السياسة والسلطة والقضاء والصحافة بوجدة

عبدالعالي الجابري – مدير نشر GIL24

تم صباح اليوم الخميس 5 اكتوبر 2023، توقيف الزميل عبدالمجيد امياي، صحفي مهني، ومدير الجريدة الالكترونية “شمس بوست”… وهو باحدى المقاهي وسط المدينة… على خلفية تدوينتين قام بنشرهما منذ ما يقل على 48 ساعة.

على اثر ذلك دعى حزب الاشتراكي الموحد بوجدة جميع الهيئات الحقوقية والحزبية والمجتمع المدني والاعلام الى عقد لقاء تشاوري حول الواقعة… وخلص اللقاء الذي استجابت له فعاليات كثيرة بالمدينة، الى القيام بوقفة امام مقر ولاية الامن تضامنا مع الصحفي عبد المجيد امياي.

نذكر ان اللقاء بمقر الحزب و الوقفة تم نقلهما عبر المباشر من طرف بعض الجرائد الالكترونية والصفحات الاجتماعية.

الى ذلك كشف زيبوح مراد، محامي بهيئة وجدة، أن “النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بوجدة- اصدرت- قرار اعتقال الصحفي أمياي عبد المجيد عقب الاستماع إليه”.

وأضاف في تدوينة أخرى، أن “النيابة العامة ترفض التأشير وتسلم طلب الزيارة المقدم وفق المادة 66 من قانون المسطرة الجنائية ما يعد سابقة جديدة يسجلها هذا الملف”. مشددا على أن “هيئة الدفاع ترفض إرجاع الطلب وتنتظر ممثل النيابة العامة المداوم لتأكيد الطلب مجددا والتأكد من قبوله أو رفضه”.

وتابع المحامي مراد زيبوح أن اعتقال ” عبد المجيد أمياي من أحد المقاهي بوجدة على خلفية شكاية من والي الجهة الشرقية حول تدوينة نشرت قبل 48 ساعة” موضحا ان “أمياي يؤكد أنه لا علاقة للوالي بها” كما سجل بعض الأسئلة المشروعة حول اقتياده من المقهى دون استدعائه؟ وعن سرعة ذلك؟ مشيرا الى أن لا الفعل ولا الفاعل يشكلان خطورة على المجتمع إلا إذا كان الاستثناء هنا هو منصب الشاكي؟”.

وختم موضحا أنه “كيف يقال له، حين اقتياده “غدي تبات “ما يشكل ترهيب له وتهييئه لحرب نفسية أثناء الاستماع إليه ما يشكل خرق سافر للمسطرة الجنائية وضمانات المحاكمة العادلة وحقه في التزام الصمت إذا أراد؟ بالمقابل أي شخص سيطلع على هذه التدوينات لن يجد فيها أي إشارة للوالي”.

هل وجب التذكير، أن حرية التعبير هي أحد الأسس الأساسية للمجتمع الديمقراطي، وأحد الشروط الأساسية لتقدمه ولتنمية الجميع.

وهل وجب التأكيد على أن ذلك لا ينطبق فقط على “المعلومات” أو “الأفكار” التي يتم تلقيها بشكل إيجابي أو تعتبر غير ضارة أو غير مبالية، ولكن أيضا على تلك التي تسيء أو تصدم أو تزعج الدولة أو أي شريحة من السكان. هذا هو جوهر التعددية والتسامح وروح الانفتاح ، والتي بدونها لا يمكن أن يكون هناك “مجتمع ديمقراطي”.

قبل ثلاثين عاما، عندما بدأت مسيرتي المهنية كصحفي، كان الجميع يعرف أن المسؤولين يتواصلون أحيانا بمدراء الجرائد لإملاء رغباتهم. ولكن في ذلك الوقت، ومع ذلك كان المواطنون الذين التقيت بهم يميلون إلى إخباري بما يريدون: بل يمكنني القول أن حتى أكثرهم تشاؤما كانوا يعتقدون أن الصحافة يمكن أن تساعدهم في إسماع أصواتهم…

اليوم، على العكس تماما، أصبح الضغط المباشر من السلطة نادرا، ولكن يبدو الأمر كما لو أن الناس يشككون في زياراتنا أو مكالماتنا الهاتفية ولم يعودون يتوقعون أي شيء جيد من ورائها.

بالنسبة للصحفي ، هناك موقفان محتملان لمثل هذه الملاحظة:

  • إما أن يشعر بالظلم، بناء على اقتناعه بأنه – مثل معظم زملائه – يقوم بعمله بجدية، ويشجب محاكمة وسائل الإعلام ويقنع نفسه بأنه كبش فداء.
  • أو يأخذ النقد المتكرر على محمل الجد، معتبرا أنه يحتوي على بعض الحقيقة، ويقبل العمل من أجل استعادة الثقة.

يدعي كل صحفي أنه “يصف العالم كما هو باحثا عن الحقيقة”. … ولكن هل يكفي البحث عن الموضوعية؟

حتى لو عمل بكل الصرامة اللازمة ، لا يفلت أي كاتب من رؤية للعالم مشتركة بينه وبين مكونات أخرى، كما أن جزءا كبيرا من هذه الرؤية تحدده الممارسة….

اضف الى ذلك أن البحث عن السبق الصحفي يضع الصحفي، دون أن يدري، في حالة من اعتماد دائم على السياسي: بل قد يصبح منفذا لأجنداته… اتساع الهوة بين الصحافة ودورها الرقابي.

على مدى العقدين الماضيين ، سادت “كيف” على “لماذا” في معظم وسائل الإعلام الوطنية. ما عليك سوى إلقاء نظرة على هذه “العناوين” التي تعدنا ب “عشر نصائح ل” تناول الطعام الصحي ، وجعل علاقتك تدوم ، ومعرفة كيفية تحفيز موظفيك … يبدو أن جزءا كبيرا من الصحافة تحول إلى كتالوجات من الوصفات لإدارة حياة القارئ…. اتساع الهوة بين الصحافة ودورها الرقابي.

ولم يعد مستغربا أن تتبنى هيئات التحرير المنطق النيوليبرالي الذي يعتمد على كسب ود ودعم القادة السياسيين والاقتصاديين دون اي تحليل يذكر. واي خروج على هذه القواعد يعد انفلاتا وقلة احترام، بل خطأ مهني او يقع تحت طائلة جريمة التبخيس والسب والقذف…. وفي احسن الاحوال، الافتقار إلى الضوابط و حس التوازنات. اتساع الهوة بين الصحافة والاستقلالية المطلوبة…

كيف يمكن لوسائل الإعلام أن تصبح مستقلة وفعالة مرة أخرى؟ إنها ليست مجرد مسألة مكافحة التركيز المتزايد على التفاهة والنقاشات العرضية ، ولا مقاومة ضغوط السياسيين ومجتمع الأعمال ، ولكن تمتد الى تغيير الممارسات المهنية بشكل أساسي.

ببلادنا كما بالعديد من بلدان العالم نقوم بتجربة صيغة “المجلس الوطني للصحافة”، وهو هيئة وساطة وطنية يمكن للمواطنين الذين يشعرون أنهم ضحايا للمعلومات المضللة اللجوء إليها… لا اللجوء الى المحاكم.

وعلى اعتبار أن جرائم النشر بالنسبة للصحفيين بالمغرب تخضع لمقتضيات قانون الصحافة والنشر، وظروف نشر التدوينتين، والتأويلات السياسية التي اعطيت لهما، و أسلوب الإيقاف دون توجيه استدعاء رسمي بناء على شكاية لشخص معين ذو سلطة، ….. كل ذلك يجعل عبدالمجيد امياي عنوانا للهوة بين السياسة و السلطة والقضاء والصحافة بوجدة.

تحياتي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى