بكين تحتفل بيوم السلام العالمي

احتفالا بيوم السلام العالمي وبالذكرى 75 لتأسيس الأمم المتحدة واليونسكو ، نظمت المؤسسة الصينية للسلام العالمي ، ومؤسسة بكين الدولية لثقافة السلام ومنظمة اليونسكو  وغيرها من الهيئات والمنظمات الصينية ، المهرجان السابع للسلام في حديقة متحف قرية السلام “خهيوان ” في العاصمة الصينية بكين . وقد شارك في هذا الحدث الكبير العديد من الشخصيات الحكومية ورؤساء البعثات الدبلوماسية  والعديد من ممثلي منظمات الشبيبة  وشخصيات مرموقة من جميع مناحي الحياة ، الى جانب رجال الصحافة والاعلام الذين غطوا الحدث بشكل واسع ، بينما نقل  الموقع الرسمي لليونسكو وقائع المهرجان  على الهواء مباشرة  ..

كلمة سفير دولة فلسطين

ارتجل سعادة سفير دولة فلسطين فريز مهداوي كلمة مختصرة ومعبرة في مهرجان السلام تناقلتها وسائل الاعلام بشكل واسع ، جاء فيها  ”  مساء الخير  ، السيد رئيس مؤسسة السلم العالمي الصيني، الزملاء الأعزاء السفراء وأعضاء السلك الدبلوماسي، السيدات والسادة الاصدقاء المدعوين  الى هذا الحفل الكريم . في الواقع ليس لدي أي خطاب مكتوب لكم ولكن لدي بعض الملاحظات و رسالة واحدة قصيرة ‏آمل أن أتمكن ‏من ايصالها لكم جيدا.

كما تعلمون فانني قادم من الأرض والبلد التي تعرفونها جيدا ، وليس بالضرورة أنكم قمتم بزيارتها لكنكم بالتأكيد سمعتم عنها كثيرا في الأخبار وفي بعض الأحيان بطريقة سلبية كمنطقة صراع ، هذا طبعا للأسف لأننا ‏لا نتمتع بالسلام ، وهذه بحق مشكلة كبيرة،  فلسطين لا تتمتع بالسلام ، ولم يكن لدينا. لم يكن سلام منذ 100 سنة ،  يمكنكم طبعا أن تتخيلوا من يمكن ان يقدر الماء ‏اكثر من العطشان ، ونحن شعب متعطش للسلام الذي لم ‏نتمتع به أبدا  لجيلين أو ثلاثة، رغم ان هناك اكثر من ‏140 دولة ‏تريد رؤية دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة ، وهناك إجماع دولي تقريبا يتم التعبير عنه في كل اجتماعات الأمم المتحدة، والمنتديات الدولية يتم خلالها تاكيد واصرار  المجتمع الدولي على ضرورة ‏أن ‏يتم تجسيد دولة فلسطين كدولة مستقلة تعيش بسلام الى جانب إسرائيل كشرط أساسي لكي يحل السلام ليس من اجلنا فقط ولكن لكل جيراننا بما فيهم الإسرائيليون  وعموم منطقة الشرق الاوسط بأكمله ، بل ولكل العالم لان هذا الصراع الذي لم يتم حله حتى الان لا يزال يسمم ‏العلاقات الدولية ، حيث ان فلسطين هي مهد الرسالات السماوية وقد اختارها الله لتكون مركزا لكل المؤمنين به سواء كانوا من اليهود أو المسيحيين أو المسلمين على حد سواء و ‏كانت تلك رسالة ربانية لناجميعا لكي نجد طريقة للعيش المشترك ،‏ويبدو ان البعض لم يستلم الرسالة بشكل جيد لذلك لا نزال  نعاني حتى الان .

 لا أجد حاجة لكي اسرد على مسامعكم ماساة شعبنا الفلسطيني فأنتم جميعا على دراية بها ولا أريد تكرارها حتى لا تشعروا بالضيق ، ولكن هذه الماساة  بالنسبة لنا امر نعيشه يوميا ، كما اننا تعلمنا من التاريخ أنه يتعين علينا الكفاح من أجل السلام. ‏فالسلام لا يعطى على طبق من فضة ، وهذا ما تعلمناه من إخواننا بالجزائر و من جنوب إفريقيا و من ناميبيا،  و‏تعلمناه من تجارب معظم دول آسيا بما في ذلك الصين ، ويبدو اننا لا نزال النموذج الوحيد المتبقي مواصلا النضال لنيل حقه في الحرية والاستقلال ، وهو حق مطلق  لا احد يجادل فيه ولكنه لم يتحقق ولم يتم التسليم به ،  واذا سالنا لماذا ؟ فسنجد ان السبب هو ذاته نفس السبب الأصلي منذ فجر ‏التاريخ ، الا وهو الجشع وغرور القوة ، وهما الفيروسان الخطيران اللذان يهددان السلام في العالم كله ، فلا يزال البعض يعتقد أنهم الافضل وان الله قد اختارهم وفضلهم على الاخرين ، وانا ‏لا أعرف من أين اتت هذه الثقافة ، لذلك فان السلام يحتاج حقا إلى ثقافة ، و من الاهمية بمكان ان تضطلع منظمة  اليونسكو بمهمة تعميق ثقافة السلام وان تكون ركنا في نظامنا التعليمي  ، و كذلك في وسائل  الإعلام التي ينبغي عليها الدفاع عن هذه الرسالة والتبشير بها ، ‏وبأننا جميعا ولدنا لنكون متساوين ‏بغض النظر عن العرق و اللون والدين او أي شيء اخر  حتى نتمكن من القضاء على هذا الفيروس من عقليتنا  ، فالسلام بحد ذاته هو حالة ذهنية ، وهو غير مفهوم الامن الذي يمكن التفاوض عليه، السلام هو حالة ذهنية تكبر معنا وتترسخ في عقولنا و ‏يجب علينا ان نزرع هذا المفهوم في عقول  أطفالنا ، وعلينا ‏اخبارهم أنهم ليسوا أفضل من الآخرين ،  وببساطة فقد نكون مختلفون عنهم ، وكوننا مختلفين لا يعني ذلك باننا أفضل او أسواء ، بل ان هذا يعني ان هناك تنوعا في هذا العالم الواسع الذي نعيش فيه ، و علينا أن نقبل نعمة التنوع بل وان نحتفي به لانه يجعلنا اكثر حيوية وجمالا في واقع الامر.

 لقد قدم شعبنا الكثير من التضحيات للوصول إلى هذا السلام أيها الأخوة والأخوات ،  وقبلنا على ان تكون دولتنا على مساحة ٢٢٪ من أرضنا التاريخية و العالم كله بارك وايد التسوية على أساس حل الدولتين ، كما ان قائدنا العظيم ياسر عرفات قد قدم روحه من اجل تحقيق السلام وهو الحائز على جائزة نوبل للسلام ، كما لا بد من الاشارة الى ان شريكنا على الجانب الاخر اسحق رابين قد تم قتله للأسف  على يد المتطرفين الاسرائليين ، ومنذ ذلك الوقت انحسرت الحركة نحو السلام وتراجعت حتى وصلنا الى ما نحن عليه اليوم.

لن أخبركم  بأي شيء جديد عن احوال السياسة اليوم فجميعنا يتابعها و ‏للأسف الشديد فانه لا يوجد لدينا الرجل المناسب في البيت الأبيض ، والذي كان من واجبه القيام بدور ايجابي ومسوول استمرارا لجهود الادارات الامريكية السابقة ولهذا نشعر بقوة انها مسؤولية ‏المجتمع الدولي للعمل الان وبشكل موحد لتحقيق السلام ، السلام الذي طال انتظاره ، ونحن على ثقة ‏بالمجتمع الدولي وهو الامر الذي يبقينا متفائلين باننا سنحصل  على حقنا المشروع في نهاية الامر ونأمل أن يتم ذلك الان ، لاننا سعينا منذ عام ١٩٧٤ ‏عندما خاطب الرئيس عرفات الجمعية العمومية في نيويورك وقال ” إنني قادم وغصن الزيتون بيدي ” وشجرة الزيتون في بلادنا هي رمز السلام ونحن نعتز كثيرا بها ولا نريد من احد أن يحبط عزيمتنا ‏حتى نترك غضن الزيتون هذا من يدنا و نحمل السلاح بدلا منها ، وقد مرت منطقتنا بهذه التجربة وكلفتنا الكثير من التضحيات والدمار والأضرار و انعدام الاستقرار ، وبما اننا نتحدث اليوم في الصين ، فانني اود ان اشيد  بالصين التي  تقف معنا منذ البداية ، والصينيون  يعرفون ما معنى عدم وجود السلام وقد دفعوا الكثير من التضخيات لنيل الاستقلال والسلام ، ولهذا فنحن نحتفل اليوم بيوم السلام العالمي في بلد كان طول الوقت يدعو لسياسة تقوم على التعددية كمنهج لحل المشاكل وليس من خلال الاحادية  مثل أولئك الذين يعتقدون أنهم اسياد الكون ويمكنهم ‏أن يقرروا مصير الامم الأخرى، لحسن الحظ لا يزال هناك ممثلون بناؤون وهذه الروح من المشاركة البناءة الدبلوماسية والرأي العام يجبر الطرف الآخر ويضعه في الزاوية مثل ما حدث في جنوب إفريقيا من  قبل ، حيث كانت قوة المجتمع الدولي الذي اتحد حول شعار واحد ” لا للفصل العنصري – الابارتهايد ”  والآن فاننا نطالب نريد العالم كله ان يتبنى  شعار واحد ” لا للاحتلال العسكري ”  وهو الامر الذي سيقودنا بفضل مساندتكم لنحصل على الحرية والاستقلال ونستمتع بالسلام الذي يستمتع به جميع اخواننا وأخواتنا في جميع أنحاء العالم هذا هو اليوم المناسب وأنا واثق انكم ستواصلوا دعمكم لنا . وشكرا جزيلا لكم “

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى