قنوات أم “نوافذ ” افتراضية للاحتراف مع الخارج

بالقاسم امنزو

“لا تنسوا تفعيل الجرس والاشتراك في القناة”، بهذه الجملة يستهل أغلب أصحاب “النوافذ ” الافتراضية حديثهم على مواقع التواصل الاجتماعي وغير الاجتماعي، وحال لسانهم يقول بصريح العبارة: “الله يرحم الوالدين إلى ما تعاونوا معانا”.

بهذا التسول الافتراضي ينطلق العداد لتسجيل عدد المشاهدات (وليس المتابعات) ويتم تحديد التعويضات، ما يدفع أغلبهم إلى تطبيق المقولة: “الغاية تبرر الوسيلة”.

في هذا الصدد، بدأ “الإنتاج” و”الإخراج” من المطبخ والمرحاض ومواضيع ذات الصلة، وتفاهات أخرى بعناوين جذابة من قبيل: “عاجل وخطير” و”هذا ما صرح به فلان الفلاني” و”حقائق سرية للغاية” و”صور تنشر لأول مرة” و”حصري” ….

هذه العبارات وشبيهاتها من أجل إثارة انتباه المتجول الافتراضي واستقطابه للدخول للقناة (ولو إطلالة فقط)، ليكون زائد واحد في العدد المسجل بالعداد.

هذا العدد هو رأس المال “النافذة ” الافتراضية التي يحولها صاحبها في أغلب الأحيان إلى جمهور (قطيع) يستقوي به على شبكات التواصل الاجتماعي وغير الاجتماعي (عندي عدد مهم من المتابعين) ويظن أنه رأس مال حقيقي ليتم توظيفه في الميدان السياسي وابتزاز مسؤولين معينين أو منتخبين، حيث تبدأ العملية عند أغلبهم بطلب الإشهار وتنتهي بالمباشر “تحت الطاولة”.

هكذا تطورت الأمور عند بعضهم وأصبح هناك اختصاص في مواضيع معينة وشخصيات معينة ومؤسسات حساسة (زعما الجرأة) لرفع عدد المشاهدات وتقديم العرض للخارج، كاللاعب الذي يقوم بمراوغات في الميدان ليس من أجل تمكين فريقه من الانتصار، وإنما من أجل رفع قيمته السوقية عندما يحل موسم الانتقالات أو “البيع والشراء”، لدخول ما يسمونه بـ”عالم الاحتراف”.

والآن أصبح هناك “احتراف” عند البعض في ميدان “النوافذ” الافتراضية، وتخصص في استهداف مؤسسات الدولة، لكن ما يجهله أصحاب هذه “الدكاكين” الافتراضية هو أن دخول هذا العالم (الاحتراف مع الخارج) يكون بمثابة عملية انتحارية، حيث تكون “صفقة” الانتقال كتذكرة سفر بلا عودة تقود مباشرة إلى الهاوية.

وهناك من فضل الاحتراف مع الخارج لكن بالاشتغال من الداخل أو ما ينطبق عليه بالدارجة المغربية “رجل هنا ورجل هناك”، حيث نجد مثلا في “خطاباته” تذكير مبالغ فيه باحترام المقدسات الوطنية لكن مع التشكيك دائما في قدرة البلاد على تحقيق وتطبيق الإصلاحات وإتمام المشاريع السياسية والاقتصادية الكبرى التي تم إطلاقها، أو الدفاع عن القضايا المصيرية والوفاء بالالتزامات.

الرسالة غير المعلنة ( le non dit) هنا واضحة، حيث يتم التشكيك في القضايا المصيرية التي هي أساس عقدة “الاحتراف” مع الخارج والاحتماء في الداخل بالعزف على النشيد الوطني.

إنها البلادة بعينيها تطل من بعض هذه النوافذ الافتراضية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى