IV. التأثير على الشركات والوظائف

ادرس تأثير زيادة المعاشات التقاعدية على القطاع الخاص، وخاصةً على الشركات التي تعتمد على كبار السن.

الزيادات المعلنة في المعاشات للقطاع الخاص (التي يديرها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي) بنسبة 5% وبحد أدنى 100 درهم بأثر رجعي من عام 2020 7 تعني زيادة في التزامات الصندوق. هذا الصندوق يتلقى مساهمات من أرباب العمل، وبالتالي فإن أي ضغط على الصندوق قد ينعكس على المساهمات المستقبلية. تتكون مساهمات أرباب العمل في صناديق التقاعد (مثل الصندوق المهني المغربي للتقاعد CIMR) من جزء من الراتب وجزء يدفعه رب العمل، بالإضافة إلى مساهمة إضافية غير مولدة للحقوق.9 أي زيادة في هذه المساهمات، أو في الحد الأدنى للأجور، تزيد من تكلفة ممارسة الأعمال التجارية للشركات.

يظهر هنا عبء غير مباشر على تكلفة الأعمال. في حين أن زيادة المعاشات تؤثر بشكل مباشر على صناديق التقاعد، فإن السياق الأوسع للحوار الاجتماعي 8 يتضمن زيادات في الحد الأدنى للأجور في القطاعين غير الفلاحي والفلاحي (5% في يناير 2025/2026 وأبريل 2025/2026 على التوالي).3 هذه الزيادات في الحد الأدنى للأجور، التي تُدفع بسبب الضغوط الاجتماعية وارتفاع تكاليف المعيشة، تزيد بشكل مباشر من تكاليف العمالة للشركات، مما يؤثر بدوره على ربحيتها وقدرتها على الاستثمار. هذا يشير إلى أن “تكلفة ممارسة الأعمال التجارية” لا تتأثر فقط بالمساهمات المباشرة في التقاعد، بل أيضًا بسياسات الأجور الأوسع التي تتأثر بنفس الضغوط الاجتماعية التي تدفع مطالب المعاشات. ستواجه الشركات، وخاصة تلك التي تعتمد بشكل كبير على العمالة أو التي تدفع الحد الأدنى للأجور، زيادة في التكاليف التشغيلية، مما قد يؤثر على قدرتها التنافسية وقدرتها على التوسع.

حلل كيف يمكن أن تؤثر هذه الزيادة على تكلفة ممارسة الأعمال التجارية، وبالتالي على خلق فرص العمل.

ترفع الزيادة في الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص بنسبة 10% على دفعتين في عامي 2025 و2026 3 من تكلفة العمالة للشركات، وخاصة تلك التي تعتمد على العمالة ذات الأجور المنخفضة. قد يدفع ارتفاع تكلفة العمالة الشركات إلى إعادة تقييم استراتيجياتها التوظيفية. قد تلجأ بعض الشركات إلى تبني حلول تكنولوجية مثل الأتمتة لتقليل الاعتماد على الأيدي العاملة، أو قد تتباطأ وتيرة التوظيف، أو حتى قد تضطر إلى تقليص حجم العمالة في بعض الحالات لخفض التكاليف. هذه الإجراءات يمكن أن تؤثر سلبًا على معدلات خلق فرص العمل في الاقتصاد.

تظهر هنا مفاضلة بين الرفاه الاجتماعي والقدرة التنافسية للأعمال. فالسياسات التي تهدف إلى تحسين الرفاه الاجتماعي (مثل زيادات المعاشات ورفع الحد الأدنى للأجور) تزيد بطبيعتها التكاليف على الشركات. إذا كانت هذه الزيادات في التكاليف كبيرة ولم تقابلها مكاسب في الإنتاجية أو حوافز أخرى، فإنها يمكن أن تثبط الاستثمار وتقلل القدرة التنافسية، وفي النهاية تعيق خلق فرص العمل.8 هذا يشير إلى مفاضلة اقتصادية كلاسيكية. فبينما يعد تحسين الظروف الاجتماعية أمرًا حيويًا، يجب على صانعي السياسات أن يأخذوا في الاعتبار بعناية العبء التراكمي على الشركات لتجنب العواقب السلبية غير المقصودة على التوظيف والديناميكية الاقتصادية. يتطلب النهج المتوازن استكشاف طرق لدعم الشركات (مثل الحوافز الضريبية، برامج التدريب) جنبًا إلى جنب مع تعزيز الرفاه الاجتماعي.

استكشف الفرص المتاحة للشركات لتلبية احتياجات كبار السن المتزايدين.

مع تزايد أعداد المتقاعدين وكبار السن في المغرب نتيجة التغيرات الديموغرافية 20، يظهر سوق جديد وواعد للخدمات والمنتجات الموجهة خصيصًا لهذه الفئة. هذا السوق، الذي يُعرف بـ”الاقتصاد الفضي”، يمثل فرصة اقتصادية كبيرة للشركات للابتكار وتلبية الاحتياجات المتخصصة.

تظهر فرص متعددة في هذا القطاع:

  • خدمات الرعاية الصحية والسياحة الميسرة: هناك شركات ناشئة مثل “Nez-Care” تقدم خدمات رعاية منزلية وسياحة ميسرة لكبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة. تشمل هذه الخدمات المساعدة المنزلية، الرعاية التمريضية، العناية الشخصية، وتأجير المعدات الطبية، مما يوفر إقامة مريحة وداعمة في المغرب.21
  • الأنشطة الاجتماعية والترفيهية المتخصصة: يمكن للشركات الناشئة تطوير وتقديم برامج وأنشطة متنوعة تلبي احتياجات كبار السن، مثل دروس التمارين الرياضية المصممة لهم، مجموعات الهوايات، والرحلات الترفيهية الميسرة. هذه الأنشطة لا توفر فرصًا لكبار السن للبقاء نشطين ومتفاعلين فحسب، بل تعزز أيضًا شعورهم بالاستقلال والتواصل الاجتماعي.21
  • الخدمات المالية والاستشارية المتخصصة: مع زيادة القدرة الشرائية (حتى لو كانت محدودة) ووجود مدخرات لدى بعض المتقاعدين، قد تظهر فرص لتقديم خدمات مالية واستشارية متخصصة، مثل التخطيط المالي للتقاعد، وإدارة الأصول، وخدمات التوريث.

إن التحول الديموغرافي نحو شيخوخة السكان يخلق شريحة سوقية جديدة ذات احتياجات محددة وربما دخلًا متاحًا متزايدًا (من المعاشات، وإن كانت صغيرة، والمدخرات). يشير هذا الاتجاه الديموغرافي، جنبًا إلى جنب مع المبادرات الحالية، إلى ظهور “الاقتصاد الفضي”. هذا يسلط الضوء على فرصة اقتصادية كبيرة للشركات للابتكار وتلبية احتياجات كبار السن. يمكن للسياسات أن تشجع هذا القطاع من خلال حوافز موجهة، وتعزيز ريادة الأعمال في مجالات مثل الرعاية الصحية، والترفيه، والسياحة الميسرة، والمنتجات المتخصصة. يمكن أن يؤدي ذلك إلى خلق فرص عمل جديدة وتنوع الاقتصاد، مما يعوض جزئيًا الآثار السلبية لزيادة تكاليف العمالة في قطاعات أخرى.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!