II. الزيادة الأخيرة في المعاشات التقاعدية: خطوة ضرورية

تأتي الزيادات المعلنة في المعاشات التقاعدية في إطار جهود الحكومة المغربية الرامية إلى دعم الفئات التي قدمت خدمات طويلة الأجل للوطن، بهدف تخفيف العبء المالي عليها وتحسين مستوى معيشتها بعد التقاعد.2 يكتسب هذا التوجه أهمية خاصة في ظل الارتفاع المستمر في تكاليف المعيشة ومعدلات التضخم التي تؤثر على القدرة الشرائية للمواطنين.
تتضمن تفاصيل هذه الزيادات والإجراءات المتخذة ما يلي:
- الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS): قرر المجلس الإداري للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في 9 شتنبر 2022، زيادة في المعاشات بقيمة 5% وبحد أدنى 100 درهم، بأثر رجعي من فاتح يناير 2020. هذه الزيادة شملت المتقاعدين عن القطاع الخاص المحالين على التقاعد إلى غاية 31 دجنبر 2019. كما تم تخفيض عتبة الاستفادة من التقاعد في القطاع الخاص من 3240 يوم اشتراك إلى 1320 يومًا، مما يوسع قاعدة المستفيدين.7
- الصندوق المغربي للتقاعد (CMR) والإعفاء الضريبي: نص قانون مالية سنة 2025 على إعفاء معاشات المتقاعدين من الضريبة على الدخل تدريجياً، حيث يبدأ بتخفيض بنسبة 50% اعتباراً من يناير 2025، وصولاً إلى الإعفاء الكلي في يناير 2026. وُصف هذا الإجراء بأنه “بشرى للمتقاعدين” و”غير مسبوق”.5
- زيادات إضافية متوقعة ومخطط لها: من المتوقع أن تصل نسبة الزيادة الإجمالية إلى 10%، بحد أدنى 100 درهم، مع صرف دفعة أولى بقيمة 500 درهم في عام 2024 ودفعة ثانية بنفس القيمة في يوليو 2025.2
- معاش الشيخوخة الجديد من CNSS: أعلن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في 7 أبريل 2025، عن بدء الاستفادة من معاش الشيخوخة بأثر رجعي ابتداءً من فاتح ماي 2025. يشمل هذا القرار الأشخاص الذين أحيلوا على التقاعد بين 1 يناير 2023 وتاريخ دخول القانون 02.24 حيز التنفيذ، بشرط توفرهم على ما لا يقل عن 1320 يومًا من التأمين وأقل من 3240 يومًا. سيتراوح مبلغ المعاش بين 600 و1000 درهم شهرياً، ويشمل الاستفادة من التأمين الإجباري عن المرض.11
بينما تُقدم الحكومة هذه الإجراءات كـ”خطوة ضرورية” و”إعفاء غير مسبوق” يهدف إلى تحسين مستوى المعيشة، فإن تعليقات المتقاعدين والتقارير تشير إلى أن الزيادات الفعلية ضئيلة جدًا، حيث تراوحت في بعض الحالات بين 28 و34 درهمًا، وهي مبالغ لا تواكب التضخم.5 كما أن الإعفاء الضريبي، الذي يُروج له كزيادة، لا يستفيد منه سوى نسبة محدودة جدًا من المتقاعدين (5-10%)، بينما الغالبية العظمى (90-95%) لا تخضع معاشاتهم للضريبة أصلاً، وبالتالي لا يحصلون على أي فائدة ملموسة من هذا الإجراء.5 هذا التباين الكبير بين الأهداف المعلنة والنتائج الملموسة يبرز فجوة في تصميم السياسات أو في فهم الحكومة للواقع المعيشي للمتقاعدين. إن عدم قدرة الزيادات على مواجهة التضخم يؤدي إلى استمرار تآكل القدرة الشرائية، مما يثير استياءً واسعًا ويقوض الثقة في فعالية هذه الإجراءات.
الآثار الإيجابية على المتقاعدين، مع التركيز على زيادة قدرتهم الشرائية وتحسين مستوى معيشتهم
تهدف هذه الزيادات، في جوهرها، إلى تعزيز القدرة الشرائية للمتقاعدين وتخفيف الأعباء المالية عن كاهلهم، مما يسهم في تحسين جودة حياتهم بعد سنوات من الخدمة.2 ومع ذلك، فإن الواقع الملموس يظهر أن الزيادات الفعلية التي وصلت إلى أيدي المتقاعدين كانت ضئيلة للغاية، حيث تراوحت في بعض الحالات بين 28 و34 درهمًا شهريًا.10 هذه المبالغ لا تتناسب مع الارتفاع الصاروخي في أسعار السلع والخدمات الأساسية، بما في ذلك أسعار غاز البوتان، مما يجعل تأثيرها على القدرة الشرائية هامشيًا وغير محسوس بالنسبة للغالبية العظمى من المتقاعدين.13
بينما يُقدم الإعفاء الضريبي على المعاشات كـ”بشرى كبيرة”، توضح تحليلات متعددة أنه لا يؤثر إيجابًا إلا على شريحة صغيرة جدًا من المتقاعدين (تُقدر بنحو 5-10%)، وهم أولئك الذين كانت معاشاتهم مرتفعة بما يكفي لتخضع للضريبة أصلاً. أما الغالبية العظمى (90-95%) من المتقاعدين، فإن معاشاتهم منخفضة جدًا ولا تخضع للضريبة، وبالتالي لا يستفيدون من هذا الإجراء.5 هذا يكشف عن وهم “تحسين القدرة الشرائية” للغالبية. الهدف المعلن هو تحسين القدرة الشرائية، ومع ذلك، فإن الأرقام الفعلية للزيادات والاستياء الواسع النطاق بين المتقاعدين تشير إلى أن هذا التحسين، إن وجد، يكاد يكون معدومًا للغالبية، خاصة في ظل التضخم المتزايد. هذا يكشف عن إخفاق السياسة في تحقيق هدفها الأساسي لمعظم المستفيدين، كما يشير إلى انفصال محتمل بين صانعي السياسات والظروف الاقتصادية الحقيقية التي يواجهها المتقاعد العادي، ربما بسبب المبالغة في تقدير تأثير الإعفاءات الضريبية أو التقليل من شأن التضخم. إن التأثير الصافي على القدرة الشرائية للغالبية هو سلبي أو محايد، مما يقلل من فعالية هذه الإجراءات كأداة لتحسين مستوى المعيشة.
ناقش كيف يمكن لزيادة المعاشات التقاعدية أن تساعد في الحد من الفقر وعدم المساواة بين كبار السن في المغرب
من الناحية النظرية، يمكن لزيادة المعاشات التقاعدية، إذا كانت ذات قيمة كافية، أن تساهم بشكل كبير في رفع مستوى معيشة كبار السن، وتخفيف حدة الفقر، وتقليل الفوارق الاجتماعية، لا سيما بين الفئات الأكثر هشاشة.3 المطالب النقابية للمتقاعدين تعكس هذا الهدف، حيث تشمل زيادة عامة لا تقل عن 1500-2000 درهم، وربط المعاشات بالحد الأدنى للأجور لمواجهة الغلاء المستمر.5 ومع ذلك، فإن الواقع الحالي للزيادات الضئيلة والإعفاء الضريبي الذي لا يستفيد منه الفقراء يعني أن هذه الإجراءات الحالية لا تساهم بفعالية في الحد من الفقر وعدم المساواة، بل قد تعمقها.
تبرز وضعية الأرامل كواحدة من أكثر الفئات هشاشة وبؤسًا. يطالب الاتحاد النقابي للمتقاعدين بتمكين الأرامل من الاستفادة الكاملة من معاش أزواجهن بدلاً من النسبة الحالية البالغة 50%، خاصة وأن بعضهن يتقاضين معاشات تقل عن 500 درهم شهريًا، وهو مبلغ لا يكفي لتغطية تكاليف المعيشة الأساسية لأسرة غالبًا ما تكون مسؤولة عنها.6 إن الإعفاء الضريبي يستفيد منه بشكل أساسي المتقاعدون ذوو المعاشات الأعلى، بينما الغالبية العظمى من ذوي المعاشات المنخفضة لا يحصلون على أي فائدة تُذكر. هذا يعني أن السياسة، بدلاً من تقليل عدم المساواة، قد تؤدي عن غير قصد إلى توسيع الفجوة بين المتقاعدين الأغنياء والفقراء. هذا يسلط الضوء على عيب حاسم في تصميم السياسة فيما يتعلق بأهدافها المتعلقة بالعدالة الاجتماعية. إذا كان الهدف هو الحد من الفقر وعدم المساواة بين كبار السن، فإن زيادة أكثر شمولية وجوهرية، أو دعمًا موجهًا لأدنى شرائح المعاشات، سيكون أكثر فعالية من إعفاء ضريبي يتجاوز إلى حد كبير الفئات الأكثر ضعفًا. هذا يشير أيضًا إلى الحاجة إلى إعادة تقييم التأثير التوزيعي للسياسة.
جدول 1: تفاصيل الزيادات الأخيرة في المعاشات التقاعدية والإعفاءات الضريبية (2020-2026)
الصندوق | نوع الزيادة/الإجراء | النسبة/القيمة | تاريخ البدء/التطبيق | الفئة المستفيدة | ملاحظات |
CNSS | زيادة في المعاشات | 5% (حد أدنى 100 درهم) | 1 يناير 2020 (بأثر رجعي) | متقاعدو القطاع الخاص قبل 31 دجنبر 2019 | تخفيض عتبة الاستفادة من 3240 إلى 1320 يوم اشتراك 7 |
CMR | إعفاء ضريبي تدريجي | 50% تخفيض | يناير 2025 | جميع المتقاعدين الخاضعين للضريبة | إعفاء كلي اعتبارًا من يناير 2026 5 |
CMR | زيادة إجمالية متوقعة | 10% (حد أدنى 100 درهم) | 2024-2025 | جميع المتقاعدين | دفعة أولى 500 درهم في 2024، دفعة ثانية 500 درهم في يوليو 2025 2 |
CNSS | معاش الشيخوخة الجديد | 600-1000 درهم شهريًا | 1 مايو 2025 (بأثر رجعي) | المحالون على التقاعد بين 1 يناير 2023 ودخول القانون 02.24 حيز التنفيذ (1320-3240 يوم تأمين) | يشمل الاستفادة من التأمين الإجباري عن المرض 11 |