GIL24-TV “جلسات البرلمان: الحكومة “تفضل الغياب”، والقوانين “بتعدي كده وخلاص”!”

في مشهد كوميدي-قانوني فريد من نوعه، يستمر برلماننا الموقر في إبهار الجمهور بأساليب التصويت المبتكرة، خصوصًا تلك التي تتم في غياب شبه كامل للحكومة. فبعد أن تُغلق الأبواب على السادة النواب، يبدأ الجدل حول شرعية الجلسة من أساسه، وكأننا في مسرحية عبثية تفتقد للمخرج!

“شبح” الحكومة الغائب: “ارتباطات مستعجلة” أم “استثناء دائم”؟

النقطة المحورية في هذه المسرحية هي غياب ممثلي الحكومة، الذين يجدون دومًا “ارتباطات مستعجلة” تمنعهم من حضور أهم الجلسات، حتى لو كانت تلك الجلسات مخصصة لمناقشة والتصويت على مقترحات قوانين تخص المواطنين. وكأن البرلمان، في نظر الحكومة، أصبح نادٍ خاصًا بالنواب فقط، لا يلزم وجود السلطة التنفيذية فيه. هذا “الاستثناء” الذي ذُكر في البداية، تحول إلى قاعدة، مما يطرح تساؤلات جدية حول مدى احترام الحكومة للعمل البرلماني وللدستور نفسه.

معضلة الشرعية الدستورية وتانغو المصطلحات:

وسط هذا الغياب المريب، يتساءل النواب عن شرعية الجلسة برمتها. فبينما يرى البعض أن الجلسة العامة تكون شرعية بتواجد ثلاث أطراف: الأغلبية، والمعارضة، والحكومة، يرى آخرون أنها مجرد “شأن برلماني” لا يتطلب حضور الحكومة، بل يكفي البرلمان والرئاسة والأمين العام للمجلس. هذا التضارب في الفهم الدستوري يُظهر وكأن الدستور ليس سوى “نص قابل للتأويل“، أو كما قال أحد النواب بصراحة صادمة: “الدستور ليس بقرآن“، ما يفتح الباب واسعًا أمام اجتهادات كل نائب حسب هواه أو مصلحته السياسية. وحتى مفهوم “المصادقة” و”التصويت” يثير حيرة، فالفصل 70 من الدستور يتحدث بوضوح عن “التصويت“، بينما يصر البعض على استخدام “المصادقة” (la ratification أو l’approbation) التي قد تعني “الموافقة” أو “الرفض“، وكأننا نُجادل في المصطلحات بدلًا من مناقشة جوهر القوانين!

غموض “النظام الداخلي”: هل كتبنا شيئاً أم نسيناه؟

يزداد المشهد سخرية حين يتعلق الأمر بالنظام الداخلي للبرلمان. فبينما يؤكد بعض النواب أن النظام الداخلي يسمح بالتصويت على مقترحات القوانين في غياب الحكومة، ينفي آخرون تذكرهم لمثل هذا النص، بل ويؤكدون أنهم لا يعتقدون بأنهم أضافوا بندًا يسمح بذلك. هذا “النسيان الجماعي” أو “الالتباس المتعمد” حول القواعد المنظمة لعمل المجلس، يجعل أي جلسة أشبه بلعبة “احزر ما في ذهني” بدلاً من عملية تشريعية جادة ومنظمة. وكأن القوانين تُمرر بناءً على “المزاج العام” لا على نصوص واضحة!

المحكمة الدستورية: “عكاز” البرلمان أم “صندوق الشكاوى” الأبدي؟

ومع كل هذا الجدل، يظهر الحل الأسهل والأكثر تكرارًا وكأنه “المنقذ” الدائم: “إحالة هذه النازلة على المحكمة الدستورية“. فبدلًا من أن يجد النواب حلولًا لمشاكلهم الإجرائية الداخلية المستمرة، يتم رمي الكرة في ملعب المحكمة الدستورية، وكأنها “صندوق الشكاوى” الدائم لحل كل نزاع. هذه الدعوات المتكررة تُظهر عجزًا في التوافق البرلماني، وتحول المحكمة الدستورية إلى “عكاز” يعتمد عليه الجميع لتجاوز الأزمات الداخلية، بدلًا من أن تكون ملاذًا للقضايا الدستورية الكبرى فقط.

خاتمة: مسرحية برلمانية بلا بطل حقيقي

في الختام، يظل مشهد التصويت البرلماني في غياب الحكومة ظاهرة تستدعي الضحك بقدر ما تستدعي التأمل. فبين “ارتباطات مستعجلة” و”دستور ليس بقرآن” و”نظام داخلي ينساه الجميع“، تستمر قوانيننا في طريقها، لتُطرح لاحقًا أسئلة حول شرعيتها وتطبيقها.

ربما حان الوقت لـ”جلسة مصارحة” بين البرلمان والحكومة، أو ربما سنحتاج المحكمة الدستورية لتُقرّر لنا كيف نُدير جلساتنا البرلمانية القادمة. ففي النهاية، الشعب ينتظر قوانينًا واضحة وشرعية، لا “مسرحيات” برلمانية تُعرض في غياب بطلها الأساسي!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!