“عدة الغش” في الامتحانات … وزمن الردة الأخلاقية

نجيبة قاسومي

أصبحت مظاهر الغش بكل أنواعها التقليدية والحديثة مساندا رسميا لمجتازي الإمتحانات الإشهادية لجميع الشعب ، وحتى السهلة منها والتي لا تتطلب مجهودا غير الحفظ، وهذا راجع لانهيار المنظومة الأخلاقية داخل المجتمع.
فقد أصبح المترشح لاجتياز الامتحانات الإشهادية يجهز “عدة الغش” وكأنها من مستلزمات الإمتحانات غير معير اي اهتمام للعقوبات المنصوص عليها في حالة ضبطه ، وكيف يهتم المترشح العادي “أي” تلميذ في بداية مشواره لأمر العقوبة القانونية التي من شأنها تحويل مسار حياته من مترشح عادي يشق بداية طريقه في الحياة إلى جانح يمكن أن تصل عقوبته إلى السجن لسنوات وهو يرى أناس مسؤولين منهم من يمثل الشعب في أهم المؤسسات التشريعية ويساهم في تشريع القوانين المسيرة للبلاد وهو يغش في نفس الإمتحان. فعلا الأمر أصبح بشعا لاننا نعيش زمن الردة الأخلاقية ، و مؤلم جدا أن تعلم بضبط أحد التلاميذ متلبسا بالغش بسبب عدة عوامل من بينها غياب القدوة داخل المجتمع من جهة وانهيار المدرسة العمومية من جهة أخرى. وفي آخر المطاف يكون التلميذ ضحية الوحيدة لمنظومة مجتمعية فاشلة أريد بها تضبيع الأجيال الصاعدة. لكن من المقرف حقا أن يكون الغشاش مشرعا أي نائبا برلمانيا وخاصة من حزب العدالة والتنمية الحزب الذي يأخد الإسلام كمرجعية أساسية ، وبحوزته ثلاثة هواتف “للغش”. ضاربا د عرض الحائط قيمه الإسلامية التي تحث عن النزاهة وترفض الغش ولم يعمل ب”من غشنا ليس منا” ومتناسيا كذالك أنه ممثل للأمة داخل قبة البرلمان ويجب أن يكون قدوة للأجيال.
لكن مع كامل الاسف البرلماني المتأسلم ضبط وبحوزته “عدة الغش” ليخرج لنا بعد ساعات من ضبطه ببلاغ يؤكد فيه حيازته للهواتف لكن سهوا وهذا ليس دليلا على غشه مستهزءا بذكاء المغاربة فالعذر هذه المرة أكبر من الزلة . فالبرلماني الغشاش نسي أن حيازة الهاتف داخل قاعة الإمتحانات يعتبر خرق لقانون محاربة الغش الذي ورد فيه عدة أفعال، منها: تبادل المعلومات كتابيا أو شفويا أو بأي وسيلة أخرى بين المترشحات والمترشحين داخل قاعة الامتحان، أو استعمال آلات ووثائق ومخطوطات غير مسموح بها أو حيازة وسائل إلكترونية كيفما كان شكلها أو نوعها سواء كانت مشغلة أو غير مشغلة، كما يعاقب على هذا السلوك المشين ولا أخلاقي بمقتضى النصوص القانونية والتشريعية المتعلقة بزجر الغش في الامتحانات والمباريات المدرسية، التي تعتبر ‘الغش” جنحة يعاقب عليها القانون بالسجن بين شهر وثلاث سنوات، وبغرامة مالية متفاوتة القدر .
فكيف لنا أن نقنع جيلا بالإعتماد على قدراته ومحاربة الغش والفساد وهو متغلغل داخل المجتمع وفي جميع المؤسسات التي من شأنها أن تكون حازمة في التعاطي مع مثل هذه الظواهر البئيسة التي من شأنها تنفير الشباب.
فنحن الأجيال الصاعدة لسنا بحاجة لنماذج غشاشة وكاذبة تعيش الإزدواجية وتمارس علينا النفاق السياسي، نحن في أمس الحاجة للنماذج النزيهة التي تتمتع بمستوى عال من الأخلاق الحقيقية و من يتمتعون بثقافة قانونية وعلى دراية بالنصوص الدستورية، نحن نريد من يتحلون بالجدية والقيم الفاضلة قولا وفعلا، القادرين على تسويق نموذج المسؤول النزيه والمحترم ليكون قدوة نفتخر بها لان قناعاته لن تسمح له بأن يغشنا “فمن غشنا ليس منا “.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى