في السياسة، الحوار المدني أصعب مما نعتقد

عندما مزقت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي نص خطاب حالة الاتحاد الذي ألقاه الرئيس دونالد ترامب على مرأى ومسمع من الجميع ، رأى مؤيدوها في ذلك تحديا لسياساته وردا على رفضه مصافحتها. لكن خصومها السياسيين صرخوا «خطأ”، ووصفوها بأنها “غير لائقة” و “سيئة”. وآخرون عبروا على أن ما وقع يعد مثالا آخر على السبب الذي يجعل مواطني الولايات المتحدة من جميع الأطياف السياسية يتفقون على أن السياسة أصبحت غير مدنية بشكل غير مقبول.

طبعا لا أحد يمكنه الاعتقاد بان تكون للسياسيين رؤى رزينة وباردة وعليهم أن يتبادلوها بطريقة مهذبة  وأنيقة ، حتى أثناء المناقشات السياسية الهامة. هذا ليس واقعيا .

لا أحد ينكر، أنها لفكرة جيدة أن تبقى هادئًا عند التعامل مع الآخرين. ولكن قد يكون هذا الأمر شديد الصعوبة عمليا، إذ قد يستحيل التحكم والسيطرة الدائمة على الطبيعة البشرية الشغوفة. بل لا يوجد أحد يجرؤ على القول بأن الحضارة المدنية الحديثة لا تنطوي على العداء أو الرغبة في التصعيد، فقط ما هو مطلوب من الديمقراطية الحديثة أن تتجنب التطرف والغلو ما لم يكن ذلك ضروريا حقًا.

في رأيي، تكمن المشكلة التي واجهتها بيلوسي في اختلافها مع ترامب ، في تقديرها للفعل العاطفي المناسب الذي كان مطلوبا منها في تلك الأثناء للرد على تجاهله لها، هل ما كانت لتتصرف كما فعلت لو لم يتجاهلها بتلك الطريقة، أم كان ردها مرتب مسبقا في كل الأحوال؟

يبدو أن السياسيين عرضة للتشكيك بالنسبة لبعضهم البعض ومثار غموض بالنسبة للعامة ، لكن بمجرد أن يفقدوا توازنهم والسيطرة على مشاعرهم   فإنهم ينسون مدنيتهم و يحررون أنفسهم للانتقام العيني.

عبد العالي الجابري

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى